ينحدر أهالي قرية "حرف المسيترة" في ريف "جبلة" من جد شجاع لطالما فاخر به قومه والعرب أيضاً، وقد اشتهر -واسمه "عبد الله"- بشجاعته، وله قصة يفاخر بها أهالي القرية التي سميت نسبة له.

"عبد الله" كان فارساً شجاعاً عرف بشهامته مذ كان في مقتبل العمر حسب ماكان يقوله الإعلامي الراحل "نسيم أحمد"؛ الذي تحدث لمدونة وطن "eSyria" في وقت سابق عن بعض المعلومات المتوارثة عن جد قريته "حرف المسيترة" ويقول: «لقد اشتهر بكرمه وشجاعته ونصرته للمظلوم، وزاد على ذلك كرمه بعد أن بنى منزله على جانبي الطريق وجعل الناس كلما مروا أمامه (أي المنزل) يقضون وقتاً من الراحة فيه ويتناولون الطعام والشراب، هذا وقد تناقلت الأجيال أن منزله كان في نهاية القرية حالياً بجانب القوس تقريباً».

يعود اسم القرية إليه، وقد كان اسمها في الماضي "حرف المساترة" لكن أهل القرية حرفوا لفظها مع الزمن وأصبح "حرف المسيترة"

"عبد الله" له قصة شهيرة حدثنا عنها "جميل موسى" في لقاء مع مدونة وطن "eSyria" في 21 تموز 2014، ويقول"موسى": «قبل قرون خلت كان في قرية "قرن حلية" رجل أشبه بالإقطاعي المتغطرس يذل الناس ويستعبدهم، حتى إنه قتل شاباً وحيداً لأمه ظلماً وعدواناً، الأمر الذي دفع بالسيدة للعمل على تخليص الناس من أذاه خصوصاً أنه كان يتوعدها، فقامت بحمل ثياب ولدها القتيل وجالت على القبائل العربية بحثاً عمن يخلصها من ظلم هذا المتغطرس».

حرف المسيترة

ويتابع "موسى": «في تلك الفترة كان هناك جيش متمركز في منطقة "ملزق الكلبية" قرب قرية "عين الكروم" حالياً في محافظة "حماة"، وأثناء بحث المرأة بين القبائل نصحها الناس بملاقاة الجيش في "حماة" لعلها تحقق غايتها.

اتجهت المرأة إلى الجيش ووصلت إلى حيث يعسكرون ودخلت الخيمة التي يجلس فيها القادة، وقفت أمامهم ومرت بنظرها عليهم فوقعت عيناها على شاب حسن المظهر وعلامات الرجولة تبدو واضحةً عليه فاقتربت منه ووضعت ثياب ولدها أمامه واستجارت به من أجل حمايتها ومنع الأذى عنها وعن أهالي قريتها، (الأمير الذي وقع نظرها عليه هو عبد الله بن علي بن مخلوف حفيد الأمير مرسل الكلبي الكناني)».

الشاعر جميل موسى

كان "عبد الله" في تلك الأثناء لا يزال صبياً في 17 من عمره، لذلك وبعد أن انتهت السيدة من رواية قصتها قال لها الحاضرون لقد أخطأتِ اختيار الفارس الذي يجب أن تطلبي منه حمايتك، فغضب "عبد الله" وخرج من المجلس وأرسل خلف المرأة واستدل منها عن كيفية الوصول إلى القرية والتفاصيل الدقيقة للوصول إلى منزل الرجل الظالم وغير ذلك من المعلومات، ثم استأذن منها وطالبها بالعودة إلى الداخل، والكلام هنا لمختار "حرف المسيترة" السيد "أسعد خصروف".

ويضيف المختار: «الفتى "عبد الله" وعلى الرغم من صغر سنه كان شجاعاً مغواراً فلم يرض أن يخيب امرأة استجارت به، فاتجه بعد غياب الشمس نحو قرية "قرن حلية" قاصداً هدفه المتمثل في إيقاف الظالم عن ظلمه، حيث وصل القرية وتحقق من واقعها، ثم ذهب لمنازلة الإقطاعي المتغطرس وتمكن من القضاء عليه وجلب خاتمه معه للسيدة لكي يطمئن قلبها وتعود إلى بيتها وقريتها».

هنا يرقد "عبد الله الساتر"

في اليوم التالي وعند حلول موعد تناول الطعام أرسل "عبد الله" في طلب السيدة ودعاها لتناول الطعام لكنها كانت مرتبكة خائفة من أذى الإقطاعي، فأخرج لها خاتم الظالم من جيبه، وقال لها: لم يعد هناك من يسرق قوت يومكم ويستعبدكم فقد صرعته بشرف.

في هذه اللحظة صاح عمه "أحمد بن مخلوف" وقال له: لقد سترتنا يا "عبد الله"، والمقصود هنا أنه تمكن من نصرة السيدة ولم يخذلها. ويقال بين العرب إن أميراً من الكلبيين خذل امرأة استجارت به على ظالم، ومنذ ذلك الحين أصبح اسمه "عبد الله الساتر"، وفيما بعد اختصر وأصبح "عبد الساتر"».

"عبد الساتر" تابع طريقه مع الجيش ومر في "حرف المسيترة" واختارها مكاناً لإقامته مع زوجته، ويقول المختار: «يعود اسم القرية إليه، وقد كان اسمها في الماضي "حرف المساترة" لكن أهل القرية حرفوا لفظها مع الزمن وأصبح "حرف المسيترة"».

الجدير بالذكر، أن "عبد الساتر" توفي في المنطقة؛ وهو مدفون إلى جانب "السلطان أحمد" أعلى قمة مزرعة "شنبرتي" التابعة لقرية "حرف المسيترة".