اختلف "محمد زيني" مع جاره فيما إذا كان فطر "التين" يؤكل أم لا، ولكن "محمد" أكد لصديقه أنه يؤكل ولديه تجربة طويلة مع هذا النوع من الفطر مصدرها حياته في "بيت ياشوط".

قبل أن تزداد الضغوط الاقتصادية على الكثيرين، كان للفطر حضوره الخجول على موائد الناس، خاصة الفطر المعلب الذي ليس له شعبية كبيرة مقارنة بالفطر الذي يجنيه الناس في فصلي الخريف والشتاء من الغابات والحقول الرطبة الغنية بالأشجار المعمرة.

يتم طبخ الفطر بعد غسله وتقطيعه وتنظيفه جيداً، والفطور التي تجنى هنا لونها مائل إلى البني عند نضجها، ويبلغ قطر سطحها ما بين 5 إلى 10سم على العموم، وما يميزه ملمسه الناعم ورائحته الطيبة ولا نعرف له اسماً سوى أنه "فطر"

يتحدث "محمد" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 كانون الأول 2014، عن تجربته مع "الفطر" أو ما يسميه بعضهم في المنطقة الشامية بـ"الفقع"، وهو غير "الكمأة" المعروفة في الداخل السوري، فيقول: «يسمى الفطر أحياناً بالفقع، لأنه عند نضجه "يتفقع" أي يصدر أصوات انفجار يسمع أحياناً في الليل، وهذه طريقته في نثر بذوره في الطبيعة، وهو مادة غذائية مهمة جداً طعمها يشبه طعم اللحم، ويطهى مع البصل وزيت الزيتون والفليفلة أيضاً، ويجنى عادة بعد المطر الكثيف لعدة أيام حيث تسمح الرطوبة بنموه في المناطق الظليلة التي لا تتعرض إلى الشمس، وبعضه ينمو على جذوع الأشجار الميتة متغذياً عليها وهذا يسمى فطر الأشجار ومنه ما يؤكل وغير سام، كالفطر الذي ينمو على جذوع شجر التين ولونه مائل إلى البني».

فطور التين

تنتشر عدة أنواع من الفطور هنا، ويجنيها الناس وهم على دراية بأنها تؤكل وغير سامة ولذيذة، يقول السيد "نمير فندي" الذي يجني الفطر للأكل في البيت وليس للتجارة، وهي حقيقة نادرة هنا بسبب قلة الكميات التي تنتجها الأراضي: «يتم طبخ الفطر بعد غسله وتقطيعه وتنظيفه جيداً، والفطور التي تجنى هنا لونها مائل إلى البني عند نضجها، ويبلغ قطر سطحها ما بين 5 إلى 10سم على العموم، وما يميزه ملمسه الناعم ورائحته الطيبة ولا نعرف له اسماً سوى أنه "فطر"».

للفطر حوالي 2500 نوع، يؤكل منها حوالي 1200 نوع حول العالم، والحديث للدكتور "سمير حماد" من كلية الزراعة في جامعة "تشرين"، ويضيف الدكتور "حماد" قائلاً: «يصعب التمييز بين الفطر السام الذي يؤكل إلا من خلال التحليل الكيميائي، ولكن الخبرة الشعبية توصلت إلى تمييزها عبر التجربة، وعبر معرفة ما ينمو لدينا في الأحراش والغابات، أشهر الأنواع السامة التي تنمو هناك بكثرة الفطر المعروف باللاتينية باسم Amanita phalloides، وهو فطر سام جداً يتسبب بتعطيل عمل الكبد والكلى ويؤدي تناوله إلى الموت، وهو بلون أبيض تحت قبعته وأبيض مائل إلى الأخضر فوقها، ويبلغ طوله ما بين 5 إلى 10سم.

فطر أرضي يؤكل أيضاً

أما أشهر الأنواع الجيدة للأكل التي تنمو في الأحراش الساحلية فهو فطر معروف باسم Boletus aereus، وهو أحد أنواع الفطر التي تنمو في الأماكن الباردة. قبعة الفطر كروية عند نموه، وتتحول إلى منبسطة، قطره بين 5-20سم، وهو فطر كثيف وسميك، سطحه مخملي جاف. لونه بني غامق، أو بني مائل إلى الأسود، أو بني مائل إلى لون الصدأ أو زيت الزيتون. لحم الفطر من الداخل أبيض لا يتغير بعد التقطيع. رائحته وطعمه جيدان، وبالنسبة لفطر أشجار "التين" المذكور أيضاً يؤكل، ولحمه كما يسمى طري ولين، ويمكن عمل "الشوربات" منه بشكل جيد جداً، ويجب الانتباه إلى أنه يجب أن يكون ذي لون بني أو مائل إلى البني وجذعه لا يتجاوز 5سم، ما عدا ذلك فهو سام ويمكن أن يؤدي إلى الإسهال الحاد ومن ثم أمراض أخرى».

أشهر أنواع الفطور المأكولة حول العالم هو "عيش الغراب"، ويوجد من هذا النوع كما تقول "الموسوعة العربية" حوالي 5000 نوع، ويبلغ عدد الأنواع المزروعة منه على نطاق تجاري 10 أنواع فقط، تتبع 3 أجناس هي الغاريقون ـ المحاري ـ الصيني، وينتج الفطر في أكثر من 120 دولة ينتج منه 202 مليون طن سنوياً، وتأتي الولايات المتحدة في المقدمة وتنتج منه 200 ألف طن سنوياً، تليها فرنسا 180 ألف طن ثم هولندا فالصين فتايوان، أما زراعة الفطر تجارياً في الوطن العربي فما زالت في بداياتها الأولى، مع الإشارة إلى وجود عدة معامل لإنتاجه في المنطقة الساحلية كل إنتاجها من هذا النوع، وهي تتمتع بسمعة طيبة ولذيذة.

فطر تين

يذكر أنه من الممكن زراعة فطر "عيش الغراب" في البيوت، ولذلك طريقة سنتحدث عنها في مادة مستقلة لاحقاً.