لم يتوقع السيد "محمد" أن اتصال ابنه ذي الثالثة عشرة من العمر بشبكة الإنترنت سوف يكلفه دفع مبلغ محترم، في وقت يعمل فيه بشق النفس لتأمين حاجات الأسرة، ولكن هذه الواقعة دفعته لتعلم الإبحار في الشبكة.

يبلغ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت عبر العالم اليوم ما يزيد على 2 مليار إنسان، ومن ليس لديه إنترنت على حاسب لديه إنترنت على هاتفه الخلوي ليرتفع عدد مستخدمي الشبكة إلى 6 مليارات إنسان، وكل ثانية هناك تدفق هائل لكميات هائلة من البيانات والصور والكلمات والمحادثات والأغاني عبر هذه الشبكة إلى مختلف جهات الشبكة.

نعم، أدخل، وأستخدم الشبكة لتقوية لغتي الإنكليزية وأستفيد من عدة مواقع في هذه الناحية، دون أن أقترب من مواقع لا أعرف ما هي، يساعدني في ذلك والدي ووالدتي

واليوم أيضاً في أغلب البيوت هناك أطفال يراقبون ما يجري على أجهزة الخلوي والحاسب بدهشة وفضول يدفعهم إلى تجريب هذه الوسائل، والدخول في متاهاتها ومغرياتها الكثيرة، هناك أطفال يحملون هذه الأجهزة ويدخلون إلى الشبكة، الطفل "مجد عباس" (12 عاماً) من هؤلاء الذين يحملون هاتفاً خلوياً منذ عام تقريباً، ويدخل إلى الشبكة لتقوية لغته كما يقول في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 كانون الأول 2014، سألته لماذا تدخل إلى شبكة الإنترنت؟ أجاب بثقة: «نعم، أدخل، وأستخدم الشبكة لتقوية لغتي الإنكليزية وأستفيد من عدة مواقع في هذه الناحية، دون أن أقترب من مواقع لا أعرف ما هي، يساعدني في ذلك والدي ووالدتي».

تأثير الإنترنت في الطفل

هذه الثقة في النفس والفعل، تختلف مع أطفال ويافعين آخرين يستخدمون الشبكة دون أية رقابة من الأهل.

أطفال كثيرون يدخلون الشبكة وهم لا يعرفون أنهم هدف سهل لهذه المواقع، منهم من تورط أهله في دفع مبالغ مالية طائلة نتيجة الدخول في شبكات القمار (عبر استخدام الهاتف الأرضي والخلوي وتطبيقاته)، ويبدو الأهل عاجزين عن اللحاق بهذا الركب، يقول السيد "أحمد محمد" والد أحد الأطفال؛ الذي دفع مبلغاً محترماً نتيجة تصرف ابنه: «أنا من جيل لا يعرف ما هي الشبكة هذه، ولا أعرف كيف أتصرف معها، وبعد محاولات كثيرة تمكنت من فهم ألف بائها، ولكن بعد فوات الأوان، المشكلة أن الأطفال أنفسهم يكذبون على الأهل فيما هو مفيد وغير مفيد، ونحن لا حول لنا ولا قوة، ولكني اهتممت بهذه القصة وعرفت الآن كيف أتصرف وكيف أمنع وأسمح في الوصول للشبكة، وأراقب ولدي في استخدامه لها».

إبحار ودهشة على الشبكة

الشبكة العنكبوتية بحر متلاطم الأمواج والتوجهات ويمكن أن يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من المخاطر، ومع وصول المفاهيم الخاطئة إلى هذا الجيل، خاصة في المحتوى الرقمي الذي يغري الأطفال والمراهقين معاً في الولوج إليه، كالمواقع الجنسية أو الدينية التي تقدم المغريات كي تجذب إليها هذه الشريحة، يقول المهندس "محمد غانم" اختصاصي تصميم مواقع: «إن هذه الإغراءات كثيرة ولا تقتصر فقط على المحتوى السابق ذكره، هناك استخدام مكثف قائم على الإجبار أحياناً وإعادة التوجيه إلى هذه المواقع، الجديد في الأمر أيضاً الألعاب، وهذه تمثل عبر الصورة المستخدمة في الإعلان لها على المواقع وجبة شهية للكثيرين للدخول في هذه المعمعة، مثل ألعاب الآكشن التي تقدم صورة إعلانية لشاب مفتول العضلات بملامح نسائية أو العكس، وهذه تغري في هذا العمر بتحقيق وهم البطولة الفردي، حتى إن بعضها يلعب على أوتار أشد حساسية مثل القضايا السياسية الراهنة ومنها الأزمة في "سورية" التي اخترع لها لعبة تحمل حتى أسماء مناطق سورية وحركات مسلحة وغير ذلك».

تشاركية