لقطاع النقل، ومنه نقل الركاب بين المدن والمحافظات أهميته الكبرى في استمرار الحياة والنشاط الاقتصادي، وفي المدة الأخيرة زادت مشكلات هذا القطاع كثيراً وأصبح البحث عن حل يرضي الجميع مطلوباً جداً.

تتشابك محافظتا "طرطوس" و"اللاذقية" في كثير من الأمور بحكم الجغرافية والتاريخ، من هذه التشابكات -ككل المحافظات المتجاورة- تواجد موظفين وعمال وطلاب وعمال من كلا المحافظتين في الأخرى، ولأنه يصعب بالمطلق نقل كل هؤلاء إلى محافظاتهم الأساسية، فإن مشكلة النقل بينهما يجب أن تكون أولوية للحل من قبل أصحاب القرار.

إنها تأتي يومياً إلى الجامعة بحكم وجود تدريبات عملية ومخابر لديهم، وهو ما يضطرها إلى القدوم يومياً إلى "اللاذقية"، ودفع مبلغ يومي أصبح كالطابع هو 500 ل.س يومياً، وهو أمر لا قدرة لأهلها لتحمله بالمطلق، عدا استغلال السائقين لظروفهم وتأخرهم اليومي في الدوام لقبض أجرة أكثر ارتفاعاً من المقرر رسمياً

زادت المشكلة عندما صدر قرار مؤخراً عن الحكومة يحدد أسعار الوقود للسيارات العامة العاملة على الخطوط الداخلية بسعر 85ل.س، وعلى الخطوط الخارجية بسعر 150ل.س، ويقصد بالخطوط الخارجية تلك التي تعمل بين المحافظات، مثل: "اللاذقية ـ طرطوس"، و"جبلة ـ طرطوس"، و"بانياس ـ اللاذقية"، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار أجور النقل ارتفاعاً كبيراً زاد على 25% بعد أن كانت في الأصل غير مستقرة بحكم ارتفاع أسعار الوقود كل مدة، والاعتماد على الاستيراد بعد أن كان ينتج بكامله محلياً عدا ارتفاع أسعار الوقود نفسه عالمياً.

كراج انطلاق جبلة

هذا القرار أدى إلى نتائج قاسية على هذه الشرائح التي تعاني بالأصل من مفاعيل الأزمة وهي الأكثر تضرراً منها، الأولى شريحة الطلاب المتنقلين بين المحافظتين، في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 كانون الأول 2014، تقول الآنسة "رنا علي" من مدينة "بانياس" وهي تدرس في كلية العلوم بجامعة "تشرين": «إنها تأتي يومياً إلى الجامعة بحكم وجود تدريبات عملية ومخابر لديهم، وهو ما يضطرها إلى القدوم يومياً إلى "اللاذقية"، ودفع مبلغ يومي أصبح كالطابع هو 500 ل.س يومياً، وهو أمر لا قدرة لأهلها لتحمله بالمطلق، عدا استغلال السائقين لظروفهم وتأخرهم اليومي في الدوام لقبض أجرة أكثر ارتفاعاً من المقرر رسمياً».

وإذا كان هذا حال من يسكنون المدينة فإن حال من يسكنون الريف أقسى وأصعب، يقول الشاب "طلال شاهين" من ريف "بانياس"، وتبعد قريته نحو 15كم عن "بانياس"، إن التكلفة اليومية لذهابه وإيابه إلى "اللاذقية" تبلغ مع وجود دراجة نارية لديه ما يقارب 700ل.س يومياً، ومقارنة مع راتبه فهو يدفع نصفه تماماً لأجور النقل، ويتابع بالقول: «نعرف أننا في أزمة، ونعرف أنه يتم تأمين الوقود بصعوبة، ولكن هذه القضية عاجلة جداً، وواجب حلها يقع على السلطات التنفيذية في المحافظتين، ويمكن للدولة حلها عبر تسيير باصات من قبلها بين المحافظات بسعر مقبول يغطي تكاليف الرحلات هذه بشرط تأمين الركاب في باصات حالتها الفنية جيدة، وهي طريقة تحقق للدولة ريعاً إضافياً أو لنقل إنها تستعيد ما تدفعه على المواطنين بطريقة صحيحة وسليمة، والحل الأفضل إلغاء هذا القرار الذي لا يتسم بالمعقولية أبداً، فكل من الخطوط الداخلية والخارجية تعبئ الوقود من نفس الكازيات، فما هي الحكمة من هذا القرار؟».

ازدحام في كل الأماكن

من جهتهم، أبدى السائقون رغبة بضرورة عودة الأسعار إلى ما كانت عليه، خاصة العاملين على الخطوط الخارجية، فهذه التسعيرة الكبيرة لليتر المازوت فوق قدرتهم هم أيضاً، يقول السائق "إسماعيل ليلى" وهو سائق على خط "بانياس ـ اللاذقية": «نعاني من فقدان المازوت في الأصل، واستغلال أصحاب الكازيات للأمر كثيراً، وهؤلاء يزيدون على السعر الرسمي، وهو ما يضطرنا إلى رفع سعر الراكب أيضاً، أحياناً نحلها بزيادة عدد الركاب في "السرفيس" مقابل عدم زيادة الأجرة والركاب يرضون بهذا الحل، ولكن اليوم مع أجرة (200)ل.س لم يعد أحد يرضى بهذه الحالة، وانخفض عدد الرحلات حتى إن الكثيرين يأخذون إجازات من دوامهم، ومنهم من يضطر إلى الغياب نظراً لعدم تمكنه من دفع هذه الأجور».

يتمنى الكثيرون ممن التقيناهم أن يكون هناك حل يرضي جميع الأطراف، يحفظ حقوق المواطنين في النقل، ويحفظ للسائقين حقهم في ربح مقبول، فكلا الطرفين متضرران من هذا القرار، ويقع حل هذه المعضلة على عاتق الجهات التنفيذية في المحافظات كافة وليس فقط في الساحل السوري.

ازدحام مروري