هي بيت يسكنه الراعي معظم أيام فصل الشتاء، وغالباً ما تكون بعيدة عن القرية لمسافة طويلة، وقد تم تجهيزها لكي تكون ملجأ آمناً، وحافظاً لمنتجات الماعز من الألبان والأجبان وسموها "المشتاية".

حكاية "المشتاية" عمرها عشرات السنين وقد انتشرت (المشتايات) بكثافة في قرى "معرين، بطموش، بورجيلة، الدالية ... إلخ" خلال القرن الماضي وما قبله، ويقول السيد "آصف زهرة" متحدثاً عنها: «هي عبارة عن غرفة أو بيت صغير من التراب، يتم بناؤها في منطقة بعيدةٍ عن القرية ومعروفة بأنها قليلة الثلوج، حتى يلجأ الرعاة إليها لرعي الماعز، وهي تكون غنيةً بالمراعي حتى تكفي العدد الكبير من المواشي المنتشرة آنذاك».

نحن نسميها "المقيل"، وهي مكان يبيت فيه الراعي مع المواشي، وكثيراً ما كان الرعاة يمضون الليل أمامها مع كلابهم لحمايتها من الوحوش، التي كانت منتشرة في مناطقنا

يعيش الراعي طوال فترة الثلوج فيها، هذا ما يقوله "زهرة" في حديثه لمدونة وطن "eSyria" في 30 آب 2014: «في السابق كانت الثلوج تكسو قريتنا "معرين" لأيام وليالٍ طوال، وبالتالي فإن مواشينا تصبح غير قادرة على الرعي ضمن القرية؛ ما يضطرنا للذهاب بعيداً بحثاً عن المراعي، وحتى لا نذهب ونعود بشكل يومي، ابتكر أجدادناً "المشتاية" التي أصبحت بيت الراعي والماعز في آن معاً طوال فترة الثلوج، حيث يرعى الماعز نهاراً في المراعي المنتشرة حولها، وعند حلول الليل تبيت في "المشتاية"».

آصف زهرة

ولـ"المشتاية" صفات حولتها إلى بيت حقيقي للراعي ومكان لحفظ ما تنتجه مواشيه، وقد حدثنا عن هذه الصفات الراعي "علي صقر" قائلاً: «المواشي وجدت لكي تستثمر منتجاتها، وما نبذله من جهد عليها لا بد أن يعود لنا بدخل لا بأس به، لذلك كان علينا تهيئة "المشتاية" لكي تحتضن هذه المنتجات، حيث تم وضع مجموعة من الجرار و"الخوابي" بداخلها لكي يسكب الحليب ومشتقاته فيها، كما تم إضافة "السدون" الذي يحفظ "التين، والحنطة، ووووو إلخ"، و"السدون" شبيه بالتنور وله فتحة مثل فتحة بيت النار، ويمتاز بقدرته على حفظ الأطعمة».

منتجات الحليب ومشتقاته لا تبقى طويلاً عند الراعي، بحسب السيدة "خطيرة عبود" التي تضيف: «بشكل شبه يومي تذهب الزوجة إلى الراعي وتقوم بحلب "الماعز" وتحويل "حليبها" إلى "لبن، جبنة، لبنة، قريشة، شنكليش... إلخ"، وتقوم بنقل هذه المنتجات إلى المنزل في القرية لكي يأكلها الأبناء أو يتم توزيعها على الجيران، وتبادل المنتجات وسط جو من الألفة والمحبة والتعاون بين الأهالي، لم تكن الثلوج تمنع المرأة من الوصول إلى "المشتاية"، حيث كانت الزوجة في تلك المرحلة نداً للرجل، وتقوم بدور كبير جداً في العمل من أجل استمرار حياة الأسرة».

"ماعز معرين"

"المشتاية" ليست واحدة وإنما "مشتايات" بحسب السيد "زهرة": «لم نكن نبني "مشتاية" واحدة وإنما كنا نبني العديد منها، وجميعها بقرب بعضها بعضاً، حتى يتعاون الرعاة على حماية المواشي من الوحوش والغزاة في الليل والنهار، كما كانت الكلاب تنام أمامها للمساعدة في عملية الحماية والمراقبة».

"المشتاية" في "معرين" لها اسم آخر في "الدالية" بحسب المصور "فارس هلال"، حيث يقول "هلال": «نحن نسميها "المقيل"، وهي مكان يبيت فيه الراعي مع المواشي، وكثيراً ما كان الرعاة يمضون الليل أمامها مع كلابهم لحمايتها من الوحوش، التي كانت منتشرة في مناطقنا».

"جبال معرين"

جدير بالذكر أن فصل الشتاء في قرية "معرين" والقرى المجاورة لها، يعد قاسياً جداً وكثيراً ما تصل سماكة الثلوج إلى أكثر من متر ونصف المتر.