في ليلة شتوية فقد راعٍ من قرية "بورجيلة" قطيعاً من الماعز، وعندما خلد للنوم رأى في منامه شيخاً جليلاً، يقول له إن مواشيه منتشرة حول ضريحه ودله على المكان بدقة.

هذه هي الطريقة التي اكتشف فيها ضريح الشيخ "حيدر الضهر" في قرية "معرين" بريف "جبلة"، وبالتفاصيل يقول السيد "آصف زهرة" شارحاً القصة بكاملها لمدونة وطن "eSyria" في 28 آب 2014: «أثناء قيام أحد الرعاة برعي القطيع في منطقة "ظهر معرين"، فقد الماعز وعجز الناس عن العثور عليه، وبعد مضي أيام وأثناء نوم الراعي، جاءه في منامه شيخ جليل القدر يرتدي رداءً أبيض، وقال له إن القطيع يبيت على قبره، وأعلمه بدقة بالمكان الموجود فيه، وفي الصباح اتجه الراعي ومع مجموعة من الناس إلى هناك، حيث وجدوا كتلة من الأشجار الحراجية، فقاموا بتنظيف المكان من الشجيرات الصغيرة والدخول إليه ليجدوا القطيع فيها، واتضحت لهم معالم ضريح الشيخ الذي عرف بأنه الشيخ "حيدر بالضهر"».

إنه حفيد "قانصوه الغوري"، وهو من مصر سكن لفترة وجيزة في هضبة بعلبك قبل أن يأتي إلى القرية ويتوفى ويدفن فيها

ويتابع "زهرة": «تمت مشاورة الأعيان من قريتي "الدالية" و"بطموش"، وحضر شيوخ المنطقة من "آل عيد" واتفقوا على تشييد قبة للشيخ في المكان آنف الذكر، وقد تم ذلك في منتصف القرن التاسع عشر، وتحول إلى معلم ديني مهم جداً لما للشيخ الراقد في المقام من أهمية روحية في "سورية" وخارجها».

والشيخ (حيدر بالضهر) كما تقول الرواية الشعبية التي أخبرنا بها "زهرة": «إنه حفيد "قانصوه الغوري"، وهو من مصر سكن لفترة وجيزة في هضبة بعلبك قبل أن يأتي إلى القرية ويتوفى ويدفن فيها».

هذا المقام بات مقصداً لأهالي المنطقة والمناطق المجاورة الذين يأتون إليه بقصد التبارك منه، حيث يقيمون الذبائح والنذور وتوزع الأطعمة على الفقراء والمحتاجين، فهو يشكل ما يمكن القول عنه إنه سياحة دينية عادت بالفائدة الكبيرة على أهالي القرية.

صالة التعزية

يقول السيد "علي صقر" من أهالي "معرين": «منذ اكتشف المقام إلى اليوم ونحن كأهالي نأخذ على عاتقنا إقامة حسنة "الشيخ حيدر"؛ حيث يجتمع الأهالي مع بعضهم بعضاً في كل عام ويذبحون الذبائح ويطهون الطعام ليتم توزيعه على الفقراء والمحتاجين ويأكل منه الجميع، وفي عام 2011 وصل عدد الذبائح إلى نحو 50 عجلاً من البقر أكلت منها أكثر من 1000عائلة محتاجة، وأحياناً يتم توزيع القرطاسية على الطلبة وما إلى ذلك من أفعال خيرة».

إلى جوار المقام يوجد صندوق يضع فيه الزوار أموالاً كصدقة أو زكاة عن أنفسهم، هذه الأموال يتصرف فيها مجلس من وجهاء القرية بحسب السيد "زهرة" الذي يقول: «مما يدره صندوق المقام، بنينا مسجداً وصالتي تعزية (مبرة) ومقراً للجمعية الفلاحية، إضافة إلى شراء "ميكروباص" للقرية يعمل على نقل الركاب نظراً لأن "الميكروباصات" لا تصل عادة إليها.

آصف زهرة

كما تم الاهتمام بالحالات الخاصة في القرية، حيث وزعنا مساعدات على الفقراء، والمصابين في الحرب وأسر الشهداء، ولا يصاب أحد من أبنائنا بمصاب إلا ونتكاتف معه ونعينه، حتى القرى المجاورة إذا احتاجت فأبوابنا دائماً مفتوحةٌ لها».

جدير بالذكر أن الأهالي يطلقون على المقام تسمية الشيخ "حيدر بالضهر"؛ في إشارة منهم إلى أن المقام يقع في ظهر القرية أعلى تل مملوء بالحراج.