ينقلك الباحث والمؤرخ الدكتور "أحمد داوود" عبر مؤلفاته وبرامجه الوثائقية إلى أعماق العديد من أنواع العلوم؛ حيث نذر قلمه لتصحيح التزوير والتشويه في التاريخ العربي والإنساني عموماً.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 تموز 2016، الأديب "حسين عبد الكريم" عضو اتحاد الكتاب العرب؛ الذي تحدث عن الدكتور "أحمد داوود"، ويقول: «ما أرّخه الباحث "داوود" أعدّه مهمة خالدة تتصل بذاته وثقافته ونظرته الدقيقة إلى تفاصيل وحيثيات الحقائق التاريخية، إضافة إلى امتلاكه صفة الموسوعي التي تتطلب امتلاك سبعة علوم متكاملة؛ كعلم اللغة الذي يعدّه الوعاء الذي يفكر ويبدع به ويحتوي علمه وإبداعه، وعلم الهندسة والموسيقا ومعها الهرموني وعلم الفلك والحساب وعلم التنجيم والطب، فهو بطل في قضية هي خارج فعل التاريخ كما يراه الأكاديميون، وخارج فعل الزمن كما يراه المهتمون، وتكمن قيمته بأنه يقتحم على اللغة أبوابها المغلقة الصدئة بفكر نير ومشرق لبناء قناعات لغوية وتاريخية مهمة لمخيلة الإنسان في هذا العصر، ولأنه صادق مع ذاته يوقظ فينا ما يبتغيه ألا وهو ترسيخ حضارة وتاريخ صحيح، فهو صديق العقل والمعرفة ببراعة ويدرب القارئ على فطنة التأملات اللغوية، ويطرق أبواب تفكيرنا ومشاعرنا لينمي فينا ملكة التخيل والتأمل، إضافة إلى أنه جاء إلى عقل التاريخ من وعي اللغة العربية وفق المعاني والمضامين؛ فأبدع فكراً لغوياً وتاريخياً جديداً».

لديه قدرة على استخلاص الحقائق التاريخية الخفية عنا أو المعروفة بالنسبة لنا، بحجج علمية ومنطقية وآلية عقل علمي وباحث مجتهد، من خلال اعتماده التبسيط والبراهين الدقيقة لإلقاء الضوء الساطع على حقيقة الثقافات الإنسانية الراقية؛ ومنها حقيقة أصولها السورية العربية، وظهر ذلك واضحاً في العديد من البرامج التاريخية التي تمّ بثّها في العديد من القنوات الفضائية العربية المهمة المعنية بتصحيح التزوير في التاريخ العربي والإنساني عموماً

أما الكاتب والروائي "وليد إخلاصي"، فتحدث عن الدكتور "داوود" بالقول: «لديه قدرة على استخلاص الحقائق التاريخية الخفية عنا أو المعروفة بالنسبة لنا، بحجج علمية ومنطقية وآلية عقل علمي وباحث مجتهد، من خلال اعتماده التبسيط والبراهين الدقيقة لإلقاء الضوء الساطع على حقيقة الثقافات الإنسانية الراقية؛ ومنها حقيقة أصولها السورية العربية، وظهر ذلك واضحاً في العديد من البرامج التاريخية التي تمّ بثّها في العديد من القنوات الفضائية العربية المهمة المعنية بتصحيح التزوير في التاريخ العربي والإنساني عموماً».

بعض مؤلفاته التاريخية

إن التاريخ هو سجل لنشاط الإنسان المادي والفكري في تطوره ضمن شروط وجوده؛ لذا إنه كل شيء؛ فهو الفكر والفنون واللغة والدين والاقتصاد والإنتاج وأدواته، كما أنه الطبيعة والجغرافية والمناخ في علاقتها التبادلية مع الإنسان، وعندما يصبح التاريخ هوية، فإن كل ما يمسخه يمسخها وكل ما يؤصله يؤصلها؛ هذا ما قاله الباحث والمؤرخ الدكتور "أحمد داوود" لمدونة وطن "eSyria" عندما التقته؛ حيث تحدث عن مسيرة حياته، ويضيف: «ولدت في قرية جبلية أثرية قديمة تدعى "تل حويري"، ضمن أسرة محبة للعلم والمعرفة، فوالدي كان شيخاً تقياً معروفاً ومقدراً في محيطه وكنت أشعر بالاعتزاز لكونه أبي، فقد كان لغوياً بارعاً وله الفضل الأول في اكتسابي القوي للغة العربية الفصحى، إضافة إلى دوره الكبير في رعاية فضولي العلمي وتفوقي وتكوين ثقافتي الأولى، تابعت مرحلة تعليمي الابتدائي في مدرسة القرية المتاخمة، وكان هذا بتشجيع والدتي التي أقنعتني بالذهاب إليها لعدم وجود مدرسة في قريتي، وبعد ذلك انطلقت لاستكمال تعليمي في المرحلتين الإعدادية والثانوية إلى مدينة "جبلة"، ونلت الشهادة الثانوية بتفوق من ثانوية "جول جمال" في "اللاذقية" عندما كنت بعمر السادسة عشرة؛ وكان ذلك عام 1958، بعدها تم إيفادي إلى "روسيا" وحصلت على شهادة الماجستير في الآداب واللغات من جامعة "موسكو" عام 1964، ثم دكتوراه في السيناريو عام 1979، وبعدها نلت شهادة الدكتوراه في التاريخ القديم عام 1981».

شعاره: (حتى تكون الثقافة حضارة)، والسعي إلى إنجاز هذه الكينونة هو هاجسه الأهم والأكبر؛ هذا ما قاله الدكتور "داوود" في حديثه ويضيف: «أرى أن أهم ما علي إنجازه هو عملية علمية متكاملة لتصحيح وتحرير هذا التاريخ البشري من معطيات التزييف والتزوير، وخاصة ما تعلق منه بالتاريخ العربي وقلبه السوري؛ من حيث ما هو مكتوب ومبرمج ومعمم بفعل تآمر غربي صهيوني مدروس الأهداف والوسائل والأدوات، والمعيار بالنسبة لي هو مقدار التزام الثقافة عند الأنا والآخر، والفرد والجماعة بمبادئ حضارة حقوق الإنسان والشعوب فكراً وقولاً وفعلاً، ومنها مبدأ احترام حق معرفة حقائق التاريخ الإنساني عموماً، وحقائق التراث الإنساني الوطني والقومي لكل الأمم بعيداً عن أي تزييف أو تزوير».

الأديب حسين عبد الكريم

ويضيف: «لم يتعرض تاريخ شعب من الشعوب من ضروب المسخ والتشويه والتزوير مثل ما تعرض له تاريخ الأمة العربية و"سورية" على وجه الخصوص، على أيدي الطامعين بها في القرون الأخيرة، فتكوّنت لدي نخوة أن أعيد إلى قيصر ما هو لقيصر، وإلى ماضي بلدي ماضيها كما كان حقاً، بالنسبة لي كان تحرير الأرض يجب أن يتم بالتوازي مع تحرير الأفكار والمعلومات المفروضة من قبل هؤلاء الذين ليسوا معنيين بالحق التاريخي وجعلوا منه أمراً مزيفاً حقيراً يخدم مخططاتهم، فما دام المؤرخ ملتزماً بعناصر كتابة التاريخ التي تضم العديد من علوم الأنتروبولوجيا من آثار ووثائق وعادات ولغة وعلم الألسنيات وعلم الكرونولوجيا لتحديد زمن الحدث التاريخي، إضافة إلى العديد من العلوم المساعدة كالمنطق والجغرافية، فإن التزام المؤرخ بالحقيقة عبر منهجية البحث العلمي تتطلب الكثير من التأني والدقة في تدوين التاريخ؛ لأن ما أكتبه اليوم سيؤثر في الغد، وما أؤسسه اليوم سيبني عليه الغد بناءه العلمي».

يذكر أن الباحث والمؤرخ "أحمد داؤود" من مواليد "جبلة" عام 1942، عضو في اتحاد الكتاب العرب، وعضو شرف في جمعية المؤرخين المغاربة، وعضو مؤسس في تحالف "مفكرون ضد التزوير"، وحصل على جائزة "جبران خليل جبران" العالمية لعام 1988 من رابطة إحياء التراث العربي في "أستراليا"، ولديه العديد من المؤلفات التاريخية، منها: (تاريخ سورية القديم تصحيح وتحرير- العرب والساميون والعبرانيون وبنو إسرائيل واليهود - تاريخ سورية الحضاري القديم بعدة أجزاء - وموسوعة "نينورتا" التاريخية بعدة أجزاء)، إضافة إلى عدة مؤلفات أدبية، منها: (الصهيل - جلجامش - حبيبتي يا حب التوت)، والعديد من الترجمات: (البلدان المتخلفة وسياسة الغرب الاقتصادية – المادية التاريخية)، كما أعدّ وقدم البرنامج الثقافي التاريخي "نحن وهذا العالم"، وغيره من البرامج الوثائقية، وهو متزوج من الأستاذة الدكتورة "نجاح محمد"، ولديه ولدان؛ الأول مهندس طيران، والثاني مهندس عمارة، وابنته "نينورتا" معدة برامج تلفزيونية تاريخية.

الباحث والمؤرخ الدكتور أحمد داؤود