صنّفه مركز أمريكي ضمن أهم مئة عالم خلال القرنين العشرين والواحد والعشرين، ورشحه ثلاث مرات لنيل جائزة السلام الدولية، فقد كان الأستاذ الدكتور "يحيى مصطفى سليمان" -الذي فقدته مؤخراً جامعة تشرين في "اللاذقية"- أحد أعمدة المعرفة البحثية في مجال الفيزياء النووية، وركناً أساسياً في كلية الميكانيك والكهرباء.

في السادس عشر من شهر نيسان 2021 خيّم الخزن على الكثير من أساتذة الجامعات السورية وطلابها إثر إعلان أسرة الدكتور "يحيى مصطفى سليمان" وفاة العالم الكبير، الذي كان يتمتع بمحبة الجميع إضافة إلى سجله المهني والبحثي الكبير، وهذا عائد لشخصية الراحل الذي ما بخل بعلمه ومساعدته على أحد، وحسب ما تذكر الدكتورة "نغم يحيى سليمان" ابنته فهو: «من مواليد قرية "المرقب" التابعة لمدينة "بانياس" عام 1941، وكان متزناً هادئاً محبوباً معروفاً بتواضعه وكرمه، أحبّ والدي العلم والثقافة وكان له ما أراد على الرغم من الظروف القاسية التي واجهته، أحبه كل من تعرف عليه، فلم يبخل على أي طالب علم بما لديه من علم».

من مواليد قرية "المرقب" التابعة لمدينة "بانياس" عام 1941، وكان متزناً هادئاً محبوباً معروفاً بتواضعه وكرمه، أحبّ والدي العلم والثقافة وكان له ما أراد على الرغم من الظروف القاسية التي واجهته، أحبه كل من تعرف عليه، فلم يبخل على أي طالب علم بما لديه من علم

وتضيف عن حياته العلمية فتقول في حديثها لمدوّنة وطن: «درس الابتدائية والإعدادية والثانوية في "بانياس"، وحصل على الشهادة الجامعية في كلية العلوم من جامعة "القاهرة" عام 1969، كما حصل على دبلوم باللغة الإنكليزية من "لندن" عام 1972، وماجستير فلسفة إشعاع نووي من جامعة "سري" البريطانية عام 1974، ودكتوراه في الإشعاع النووي من جامعة "سالفورد مانشستر" البريطانية عام 1976، سافر إلى "ليبيا" بين عامي 1988و1991، وشغل منصب وكيل كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية للشؤون العلمية والإدارية لأكثر من اثنين وعشرين عاماً؛ إضافة إلى أنه باحث وله أكثر من أربعين بحثاً أصيلاً في مختلف المجالات العلمية والدوريات المتخصصة، وألّف أكثر من خمسة عشر كتاباً جامعياً أكاديمياً».

د. أحمد خضرو

فرض الراحل الكبير نفسه على الساحة العلمية العالمية باقتدار فحصل على العديد من التكريمات أبرزها كما تقول ابنته: «حصل على أربع براءات تقدير من وزارة التعليم العالي في "سورية"، كما منحه مركز IBC للبحوث والسير الذاتية "كامبردج" منحة إنجازات القرن العشرين، وصدر عن مركز ABI الأمريكي السجل الذهبي للمئة عالم البارزين الأوائل في العالم للقرن العشرين والواحد وعشرين وكان البروفسور "يحيى مصطفى سليمان" منهم، وهو عضو هيئة بورد أمريكية بمرتبة الشرف في ABI الأمريكي المذكور، ورشح لجائزة السلام الدولية ثلاث مرات وفق الكتاب الصادر عن المعهد ABI، رئيس هيئة التحكيم في مجلة ترونكس للطاقة والإلكترون والكمبيوتر، وتم ترشيحه لجائزة السلام الدولية من المركز السابق الذكر للمرة الرابعة».

من العادات اليومية التي كان يعرفها ويراها المقربون من الراحل؛ الكتاب الذي كان يرافقه كل صباح منذ الساعة الخامسة وحتى الثامنة للاطلاع والبحث في كل جديد علمياً؛ حسب ما يقول الأستاذ الدكتور "أحمد خضرو" عضو الهيئة التدريسية بقسم الفيزياء في كلية العلوم جامعة "تشرين" في "اللاذقية"، والذي أضاف في حديثه لمدونة وطن قائلاً: «بدأ الأستاذ الدكتور "يحيى سليمان" مسيرته العملية في هيئة الطاقة الذرية بـ"دمشق" ثم انتقل إلى جامعة تشرين -كلية العلوم- قسم الفيزياء، وقام بتدريس عدد من المواد لطلاب السنة الثانية والثالثة والرابعة، بقسميها النظري والعملي، مساهماً في نشر أهمية مادة الفيزياء، انتقل فيما بعد إلى كلية الميكانيك والكهرباء حيث كانت بداية التأسيس فتسلّم وكيلاً علمياً للكلية وساهم في إيفاد الكثير من المهندسين لتحضير الدكتوراه في عدة بلدان، وقام بتدريس المواد الفيزيائية وله العديد من المؤلفات لطلاب السنة الأولى والثانية مساهماً في تخريج دفعات عدة من الكوادر الهندسية التي تعمل في معظم قطاعات الإنتاج بـ"سورية"».

الراحل مع ابنته نغم

كان شغوفاً بإعطاء المعلومة والنصيحة والمعرفة العلمية دون تذمر أو كلل، وعن ذلك يقول الدكتور "خضرو": «قام بتقييم العديد من الأبحاث العلمية في مجلة جامعة تشرين سواء كانت من جامعة تشرين أو من جامعات أخرى، فقد كان عضواً مشرفاً فيها، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة داخلياً وخارجياً، كان عضواً مشاركاً في العديد من مناقشات رسائل الماجستير، وعندما كنت طالباً درّسني المواد الفيزيائية فكان أباً وأخاً وأستاذاً، له دور إيجابي وفعّال في حياتي، فهو شجعني للحصول على درجة الدكتوراه، كما قام بترقية العديد من الدكاترة إلى مرتبة أستاذ مساعد ومرتبة أستاذ كعضو مقيّم لأبحاثهم العلمية، كان يعمل بصمت وعاش بصمت ورحل بصمت، ولا شك أنه ترك فراغاً علمياً وحزناً لدى كل من عرفه».

الدكتور "رياض ضاهر" الأستاذ المساعد في قسم هندسة الحاسبات والتحكم الآلي يروي جانباً من علاقة الراحل بزملائه فيقول: «عاصرته ثلاثين عاماً وكانت علاقته مع زملائه علاقة محبة يساعد كل من يطلب منه المساعدة، وكان متعاوناً ومعطاءً عرفته منذ عام 1985 طلابه يحترمونه ويحبونه، وتميز بأخلاقه العالية وخبرة تدريسية تجاوزت أكثر من ستة وثلاثين عاماً، لا يبخل بمعلوماته على أحد، فهو إنسان مستقيم في عمله وناجح في بحوثه العلمية ومتابع دائم».

أحد التكريمات

الجدير بالذكر أن الأستاذ الدكتور "يحيى مصطفى سليمان" رحل في السادس عشر من نيسان عام 2021 في مدينة "اللاذقية"، ووري الثرى في السابع عشر منه في مدينة "بانياس".