برزت عبر سنوات الأزمة شخصيات صنعت من نفسها مثالاً لقوة الشخصية وحضورها في سوق العمل؛ والسيدة "رزيت عبد المجيد علي" وزوجها "منذر" مثال على هذه الروح.

كانت فكرة "رزيت" وزوجها الانطلاق بمشروع خاص بهما من نقطة الصفر، وكان الحلم أن يكون لهما روضة لتعليم الأطفال، وهي الرغبة التي راودتهما طوال سنوات، فكلاهما يحملان شهادة جامعية، فـ "رزيت" خريجة كلية الآداب قسم التاريخ للعام 2002، و"منذر" خريج إدارة أعمال.

أخذت الروضة كامل وقتنا، وتعبنا حتى حققنا أول الإنجازات المتمثلة في تسجيل ثمانين طفلاً في الروضة بعيد إطلاقها، كذلك اعتمدت على المراجع والكتب المتخصصة لاستكمال أسس العمل فيها

بدأت الحكاية كما تقول "رزيت" في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 6 آذار 2015، من ضيق سوق العمل وقلة الوظائف في قطاع العمل العام وجهاز الدولة، تتابع: «لخريجي قسم "التاريخ" مكان ضيق في سوق العمل ولزوجي وضع مشابه، لذلك كانت الفكرة أن نبحث عن عمل يجمع خبرته الإدارية مع خبرتي في التربية لكوني حاصلة على دبلوم تأهيل تربوي يساعدني على التعامل مع الأطفال وتعليمهم؛ وخاصة أطفال السنوات المبكرة».

السيدة روزيت عبد المجيد علي

الانطلاقة كانت مع قرض بقيمة مليون وأربعمئة ألف ليرة سورية وفرتها هيئة "مكافحة البطالة"، مع قروض أخرى متتالية من المصرف العقاري وغيره، واختار الشريكان ضاحية في مدينة "جبلة".

تم الترخيص أولاً لأربع قاعات بمعدل 20 طفلاً لكل قاعة، وقد اختارت "رزيت" و"منذر" كما تقول في حديثها معنا "اللون البرتقالي المحبب للأطفال كسمة للروضة وللقاعات، إضافة إلى ربط كل قاعة بفئة عمرية معينة تتناسب مع الأعمار والمنهاج الذي اعتمدته وهو منهاج التربية السورية مع إضافات تتعلق بهوية الروضة وخصوصيتها، مثل النشاطات والرحلات والحاسوب والأشغال اليدوية"، كذلك ملأت جدران الروضة برسومات محببة ومحفزة للأطفال، وزيّن بهو الحديقة الملحقة بها بمجسمات ضخمة للحروف الأبجدية، صمّمها الفنان السوري "محمد طريفي"، وتم تخصيص قاعة للحاسوب وأخرى للإذاعة لتكتمل مرافق المشروع بما يخدم أغراضه التربوية.

السيد منذر علي

لا يخلو أي عمل من العقبات والمشكلات، وخاصة في ظل مغامرة تتحدى الوضع السائد. تقول "رزيت": «أخذت الروضة كامل وقتنا، وتعبنا حتى حققنا أول الإنجازات المتمثلة في تسجيل ثمانين طفلاً في الروضة بعيد إطلاقها، كذلك اعتمدت على المراجع والكتب المتخصصة لاستكمال أسس العمل فيها».

السيد "منذر علي"، قال: «إن العمل الجماعي قد أثمر في إنتاج هذا التميز، وتحدي كل الظروف الصعبة التي عبرت فيها الروضة سنوات الأزمة، إضافة إلى توسيع العمل داخلها ليشمل مختلف النشاطات الإبداعية لعالم الأطفال، من المهم إدراك أن ما يبذل من جهد وتعب على الأطفال نتاج تفاني كل الكادر التربوي في الروضة حتى تحولت إلى نموذج يحتذى بين الروضات في تعقب تأثير التعليم في الأطفال وأهلهم، وتعاملنا مع الجميع من دون استثناء من منطلق المحبة والمسؤولية».

الطفلتان شمش وروز