تعد تربية الماعز من الدعائم الرئيسية للاقتصاد المحلي في قرية "بطموش"؛ التي تقبع في أعلى قمم جبال الساحل السوري.

حيث تحتضن القرية التي لا يزيد تعداد سكانها على ألف نسمة؛ أكثر من 5000 رأس من الماعز؛ وهو رقم مثير للاهتمام في ظل تراجع تربية هذا النوع من المواشي وانقراضه في معظم القرى الساحلية التي لطالما اشتهرت بتربيته.

تحتاج تربيته متابعة حثيثة ويومية، وهو يحتاج أيضاً للقاح والدواء ومعاينة دورية من الطبيب، الأمر الذي يكلف سنوياً قرابة عشرة بالمئة من ثمن مجموع الماعز التي يمتلكها الراعي

تعود أسباب تربية الماعز إلى الحاجة بحسب ما يبين مختار القرية السيد "محمد يوسف"؛ حيث يقول خلال حديثه لمدونة وطن "eSyria" في 2 كانون الثاني 2014: «في ظل ظروفنا المناخية القاسية فإننا نحتاج لمواشٍ تتلاءم مع بيئتنا ويمكنها العيش فيها، لهذا لجأنا للماعز، فهي تمتلك قدرة على التحمل، وغذاؤها متوافر في القرية بكثافة، حيث إن المراعي تنتشر ضمن القرية وفي محيطها وهي تفيض عن حاجة مواشينا».

سنديان للرعي

القرية التي تربي الماعز لا تزرع الأشجار المثمرة حيث لا تجد فيها إلا بضع شجيرات هنا وهناك؛ وسبب ذلك يوضحه السيد "آصف زهرة" وهو مختار قرية "معرين" المجاورة، ويقول: «بوجود هذا العدد الكبير من الماعز فمن الطبيعي أن تتدنى زراعة الأشجار، فالماعز يقضي عليها ويأكلها بكل بساطة، وهو ما يدفع المزارعين للعدول عن زراعتها خصوصاً أنها لا تنتج ما يوازي الجهد المبذول في زراعتها».

رؤوس الماعز موزعة على بيوت القرية حيث لا يوجد بيت لا يربى الماعز فيه، وتتراوح الأعداد بين 15 و200 رأس في البيت الواحد، الذين يربون أعداداً قليلة بنوا لها حظيرة صغيرة بقرب المنزل، أما مربي الأعداد الكبيرة فقد اختاروا من منطقة تسمى (ضهر القرية) مكاناً للتربية وبنوا حظائر كبيرة تتسع لمواشيهم التي باتت ترعى أيضاً في تلك المنطقة، والكلام هنا لمدير مدرسة "بطموش" الأستاذ ”علي صقر".

للأبقار مكان

يضيف "صقر": «في السابق كان هناك أسلوب خاص في الرعي لكنه لم يعد مستخدماً الآن، حيث يوزع الرعي وفق دور معين على بيوت القرية وتخرج الماعز مجتمعة إلى المرعى وتعود في المساء، لكن الآن اختلفت أساليب الرعي وتغيرت طرائق المربين في تغذية مواشيهم».

تنتج القرية كميات كبيرة من الحليب الذي يباع للتجار خارج القرية، ويبقى قسم منه للاستخدام المحلي، حيث يبيّن المختار أن القرية تصنع كافة مشتقات الحليب وخصوصاً الزبدة و"الشنكليش" الذي تشتهر به "بطموش" وهو يسمى "شنكليش الدو"، وهي تجارة رابحة وتدر دخلاً جيداً.

الأستاذ "علي صقر"

تربية الماعز ليست سهلة نهائياً فمع أنه ينتج غذاء للإنسان والسماد للتربة، إلا أنه من المواشي الوسخة بحسب التعبير المحلي حيث تعشش فيه البراغيث ويصعب تنظيفه منها؛ وهو ما يدفع الكثيرين للعدول عن تربيته، وهذا كان سبباً في نقل حظائره إلى خارج القرية في منطقة "الظهر" بحسب الأستاذ "صقر".

"صقر" وهو مربي ماعز يقول: «تحتاج تربيته متابعة حثيثة ويومية، وهو يحتاج أيضاً للقاح والدواء ومعاينة دورية من الطبيب، الأمر الذي يكلف سنوياً قرابة عشرة بالمئة من ثمن مجموع الماعز التي يمتلكها الراعي».

مازالت تربية الماعز رائجة في "بطموش" وعلى ما يبدو فإنها ستستمر طويلاً؛ فهي تحظى باهتمام أهل القرية وتدر عليها دخلاً جيداً، حتى إنهم يبدعون بتأمين المراعي لها لدرجة أنهم يزرعون أراضيهم موسماً ويتركونها بلا زراعة للموسم التالي حتى تنمو فيها أشجار السنديان التي تعد مرعى مهماً للماعز.