أثبت بممارسته لهوايته الفريدة من نوعها أن لكل نبات في العالم وطنين، وطنه الأم وساحلنا السوري الخصب، فلم يمنعه منشأ فاكهته الاستوائية المفضلة من جلب غراسها وزراعتها في فناء منزله، كي يحصل على ثمار لطالما حلم بإنتاجها.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 4 تشرين الثاني 2014، التقت المحامي "أكرم عابدين" في منزله الكائن في قرية "دمسرخو"، الذي أطلعنا على تجربته هذه قائلاً: «تروقني الفواكه الاستوائية منذ زمن بعيد، وبسبب عدم توافرها في أسواقنا آنذاك؛ كنت أقوم بشرائها من الخارج بواسطة بعض الأصدقاء، لكنني قررت فيما بعد زراعتها وإنتاجها هنا في حديقة منزلي بغرض الاكتفاء الذاتي، وبالفعل قمت بجلب الغراس المطعمة وزرعتها بعد أن حصلت على المعلومات اللازمة والشروط التي يجب أن تتحقق كي تنجح هذه الغراس وتنمو لتصبح أشجاراً مثمرة؛ من بعض المختصين في هذا المجال، ففي أول سنتين من عمر الغراس المطعمة يجب حمايتها من برد الشتاء بواسطة تغطيتها بالنايلون وإضرام النار من حولها كي تحصل على الدفء الكافي ولا يقتلها الصقيع، وفي الصيف يجب أن تحصل على الماء الكافي واليومي لأنها تحتاج الرطوبة والماء كي تنمو جيداً، من بعد السنتين تتأقلم الشجرة مع البيئة المحيطة ولا تعود بحاجة للحماية من البرد في الشتاء، وتبدأ تثمر في السنة الرابعة من الزراعة، ولدي هنا في حديقتي أشجار مثمرة وبعمر 20 سنة، ومنذ ذلك الوقت وأنا أقوم بجلب أنواع جديدة وأعتني بها، وأصبح لدي أصناف نادرة لا أعتقد أن أحداً آخر يمتلك مثلها في "اللاذقية"».

النبات كما الطفل، يحتاج الرعاية والعناية الجيدة في بداية حياته، كي يصبح قادراً على التأقلم مع الحياة ويعيش حياة صحية وصحيحة، ولقد اعتدت الاستيقاظ يومياً في الخامسة صباحاً لري الأشجار، وحماية الشجيرات من الصقيع في حال انخفاض درجة الحرارة، ولا ينتهي يومي إن لم أكن قد أنهيت جولاتي لخمس مرات على أقل تقدير، فهي كالأطفال بالنسبة لي

يتابع: «النبات كما الطفل، يحتاج الرعاية والعناية الجيدة في بداية حياته، كي يصبح قادراً على التأقلم مع الحياة ويعيش حياة صحية وصحيحة، ولقد اعتدت الاستيقاظ يومياً في الخامسة صباحاً لري الأشجار، وحماية الشجيرات من الصقيع في حال انخفاض درجة الحرارة، ولا ينتهي يومي إن لم أكن قد أنهيت جولاتي لخمس مرات على أقل تقدير، فهي كالأطفال بالنسبة لي».

المحامي أكرم عابدين

بعد ذلك قام باصطحابنا إلى حديقته التي لا تزيد مساحتها على 100 متر مربع، ليرينا منتجاتها الاستوائية الفريدة والنادرة، وهناك وجدنا أكثر من خمسة عشر نوعاً، منها ما هو مألوف كـ"الأفوكادو"، و"الكيوي"، و"المانغو"، و"البابايا"، وأخرى تعرفنا إليها ورأيناها للمرة الأولى كـ"الماكاداميا"، و"الليتشي"، و"البوموروز" أو التفاح الماليزي، و"الكرمبولا" أو فاكهة النجمة وهي نادرة جداً، و"الشوكولاتة"، و"الباسي فلورا" التي تشبه ثمرة "الصبار" في قوامها الداخلي، و"اللونكان"، و"السابوتا"، و"الشيكو"، و"القشطة" بنوعيها الهندية والصنوبرية، وجميعها زراعتها ناجحة، وافرة الثمار وذات جودة عالية.

وعند سؤاله عن مصدر الغراس وتكلفتها قال: «لقد أتيت بالغراس من مشتل في لبنان وهي مكلفة جداً، لأنه وللأسف لا يوجد لدينا هنا غراس مطعمة ولا حتى بذور، أما في جنوب لبنان على سبيل المثال، فهناك حقول لفاكهة "القشطة" منذ عام 1950، على الرغم من أننا نملك المناخ ذاته ولدينا مساحات زراعية أكبر بكثير، وأعد هذا تقصيراً كبيراً من الجهات المعنية، أرجو تداركه في المستقبل القريب، والتشجيع على هذه الزراعات بهدف إغناء السوق المحلية بأصناف جديدة ومفيدة وبتكلفة أقل».

فاكهة النجمة "كرمبولا"

وللوقوف عند واقع زراعة الأشجار الاستوائية في محافظة "اللاذقية"، التقت مدونة وطن الدكتور "إيهاب أحمد" رئيس دائرة البستنة في مركز البحوث الزراعية في "اللاذقية"، ويقول: «لا تتوافر أنواع كثيرة من الأشجار الاستوائية في "سورية"، إذ يوجد لدينا "حجر زراعي" على كافة النباتات الغريبة التي يتم إحضارها من الخارج، حيث يتم فحصها وتحليلها بغرض منع إدخال أمراض وحشرات غريبة إلى البلاد، لذلك نجد أن زراعتها محدودة جداً "للأسف"، ومقتصرة على تجارب شخصية من محبي الأشجار النادرة في الساحل، حيث تتوافر شروط نجاحها من حرارة ورطوبة ووفرة في المياه، ولكن لدينا تجارب ناجحة وصلت إلى مستويات جيدة من الإنتاج كـ"الأفوكادو"، و"الإكيدنيا"».

وأضاف: «نتيجة الفائض في الحمضيات تسعى الدولة لإدخال زراعات أخرى غيرها، ولكن بطريقة نظامية وقانونية، ومزارعنا منفتح ولا يتردد في زراعة أي محصول يحقق له مردوداً جيداً، ولتحقيق ذلك يجب تقديم الدعم له في تسويق إنتاجه، ليشعر بالأمان ويتشجع لزراعة هذه الأنواع، وتوعية المستهلك إلى أهميتها الغذائية واستعمالاتها المتعددة كي يقبل على شرائها، إضافة إلى وجود مستثمرين جادين في هذا المجال لتوفير الدعم المادي اللازم لنجاح العملية».

بابايا

يذكر أن، هذا النوع من الزراعات منتشر بكثرة في الساحل السوري، إلا أن إنتاجه يقتصر على الاستهلاك الذاتي للمزراع، وقليل منه ما تراه الأسواق نتيجة ندرته.