"منير الجردي" طبيبٌ، لم يقتصرْ طموحُه على العلاج، والاهتمام بالمرضى، وإنّما شغله الإبداع في الحياة، فابتكرَ روزنامة "التّقويم العجيب"، الّتي جعلته ينال براءة الاختراع عن هذا المُنجز المميز.

مدوّنة وطن "eSyria" التقته في عيادته بتاريخ 19 حزيران 2014، للحديث عن براءة اختراعه، حيث بدأ حديثه قائلاً: «بدأتْ فكرة اختراعي للرّوزنامة في عيادتي الطّبّيّة عام 1991، عندما احتجتُ لمعرفة اسم اليوم المُقابل لتاريخٍ مُعيّنٍ من العام 1986، حيث بحثتُ عن تقويمٍ لهذا العام فلم أعثرْ عليه، لأنّ تقاويم الأعوام تُهمل عندنا عندما تنتهي مدّة صلاحيّتها، عندئذٍ قمتُ بعمليّةٍ حسابيّةٍ لمعرفة ذلك اليوم، فتبيّن لي أثناء ذلك أنّ التّقاويمَ دوريّةٌ، فقمتُ بتثبيتِ هذه المعلومات الحسابيّة على ورقِ كرتونٍ عاديّ، ولم تكنِ المدّة الزّمنيّة لإخراج هذه الفكرة إلى النّورِ طويلةً، حيث استغرقتْ ستّةَ أشهرٍ فقط. ونصحني وقتها بعض الأصدقاء بتعميمِ الفائدة عبر طباعةِ بعض النّسخ منها، فسجّلتُ هذا العملَ في وزارة الإعلام، وطبعتُه، ثمّ سجّلته في مديريّة حماية الملكيّة "دائرة البراءات"، وقد حرصتُ في تصميم هذه الرّوزنامة على أن تكونَ بسيطةً، وواضحةً، وسهلةً، وجميلةً، حيث يتمّ التّعامل معها من قبلِ المتعلّم، وغير المُتعلّم».

في كلّ طباعةٍ جديدةٍ للرّوزنامة، أقومُ ببعضِ التّعديلات الطّفيفة، وهناك فكرةٌ أو مشروعٌ لتعميمها باللّغة الفرنسيّة، والإنكليزيّة، وطباعتها على الكرتون، أو البلاستيك، أو حفرها على النّحاس

وعن مراحل تصنيعها، ووضعها حيّز التّنفيذ قال: «اعتمدتُ في هذه الرّوزنامة التقويمَ الميلاديّ، مستفيداً من السّنةِ الشّمسيّةِ كوحدةٍ للقياس. وتتألّف مراحلُ التّصنيع من ثلاث مراحل: المرحلة الأولى هي الرّسم، حيث صنعتُ نموذجاً أوّلَ مكتوباً بقلم الرّصاص، ومقصوصاً بالمشرط. أمّا المرحلة الثّانية، فهي مرحلة التّحضير للطّباعةِ، وتشملُ كتابة الخطوط، وتصنيع "البلاكات"، وقوالب التّقطيع. أمّا المرحلة النّهائيّة، فتشمل الطّباعة، والتّقطيع، وتجميع الأطباق الثّلاثة، لتدورَ حولَ محورٍ واحدٍ، والتّأكّد من مُطابقةِ الفتحات لبعضها بعضاً».

يشرح آلية عمل"التقويم العجيب" لأحد المستخدمين

وعن الفائدة من الرّوزنامة، واختلافها عن مثيلاتها قال: «تمتاز هذه الرّوزنامة عن مثيلاتها الموجودة بمتناول اليد، بأنّ السّنوات مرتّبةٌ بالتّسلسل، فلا حاجة لإضاعةِ الوقت بالبحث عن العام المطلوب. وتعطي كافّة المعلومات المتعلّقة بالشّهر، من عُطلٍ، ومُناسبات، وعددِ أيّام. ويخدمنا الشّكلُ الحاليّ المطبوع من الرّوزنامة بمعرفة السّنوات الممتدّة من عام 1923 إلى عام 2031 أي 108 سنواتٍ، وتوجد على الورقة الأخيرة الأعيادُ الدّينية والرّسميّة، الّتي تخصّ بلادنا، وتوجد علاقةٌ رياضيّةٌ عند تطبيقها، يمكننا معرفة التّقويم إلى الأبد».

وعن تجاوزه لإشكاليّة السّنة الكبيسة قال: «علميّاً، السّنة الكبيسة، هي العام الّذي يقبل القسمة على 4 دون باقٍ، ويكون عدد أيّام شهر شباط فيها 29 يوماً، ولقد استخدمتُ اللّون الأحمرَ لطباعةِ أسماء الأيّام في هذه الأعوام، ولطباعةِ أرقام الأيّام في شهري "كانون الثاني" و"شباط"، ولفتّ انتباهَ المُستعمِل لها، أنّه يجبُ قراءة الأيّام، والأرقام ذات اللّون الأحمر مع بعضها بعضاً، فتغلّبتُ على فكرةِ السّنة الكبيسة».

"التقويم العجيب"

وعن مشاركاته في المعارض، والجوائز التي نالها قال: «شاركتُ في جميع معارض الباسل للاختراع والإبداع، بدءاً من المعرض الرّابع، وقد حصلتُ على الكثير من شهادات التّقدير، ونلتُ الميداليّةَ البرونزيّةَ في إحدى مشاركاتي، وهذا على الصعيد المعنويّ. أمّا على الصعيد المادّيّ، فقد صدرَ قانونُ العاملين الأساسيّ ببندٍ يمنحُ المخترعَ الموظّفَ في الدّولةِ، ترفيعةً استثنائيّة، حدّها الأدنى 6 بالمئة، وحدّها الأعلى 24 بالمئة. وقد حصلتُ على هذه التّرفيعة بعد حصولي على براءة اختراع "التقويم العجيب" رقم 3597».

وختمَ حديثه بالقول: «في كلّ طباعةٍ جديدةٍ للرّوزنامة، أقومُ ببعضِ التّعديلات الطّفيفة، وهناك فكرةٌ أو مشروعٌ لتعميمها باللّغة الفرنسيّة، والإنكليزيّة، وطباعتها على الكرتون، أو البلاستيك، أو حفرها على النّحاس».

إحدى شهادات التقدير

المهندس المدني "حسام ميهوب" من قرية "بنجارو" تحدّث عن الرّوزنامة بالقول: «هذه الدّوائر الثّلاث، المُشتركة بالمركز، بشكلها البسيط والعمليّ، وطريقة استخدامها السهلة جدّاً، هي ثمرة جهدٍ وبحثٍ وتدقيقٍ وساعات عملٍ، يقدّمها لنا صاحبها بصورةٍ لطيفةٍ ومحبّبةٍ، بعيداً عن تعقيدات الجداول، والعلاقات الرّياضيّة. يُغني هذا التقويم عن الرّجوع إلى أيّ تقويمٍ آخرَ خاصّ بسنة ماضية، أو لاحقة، وتأتي موثوقيّةُ هذا التّقويم، من أنّه يرتكز على أسسٍ علميّةٍ ثابتةٍ، كما أنّه قد جاء بعد مُقارنةٍ مكثفة مع أغلب التّقاويم المعروفة، آخذاً بالاعتبار معظمَ الملاحظات، والفروقات فيما بينها، كما أنّه قد أعطى نفسَ النتائج، وبغاية الدّقة، عندما تمّتْ مُقارنته مع أحدثِ برامج الحاسب المتطوّرة. إنّ اللافت دائماً في أيّ عملٍ إبداعيّ، هو ذلك الّذي نسمّيه "السّهل المُمتنع". وقد ينتقد أحدٌ ما هذا المنجز بالقول: ألمْ يعدْ لدينا من المشاغل، والأولويّات إلا مسألة التقويم؟! أمّا أنا فأرى فيه وسيلةً تعليميّة مميّزةً لطلاب المدارس المتفوّقة».

الطّبيب الشّعبيّ "محمّد الجنيدي" قال: «للدّكتور "منير" دورٌ مهمّ، على صعيد اكتشاف المبدعين والمخترعين بصفته مخترعاً، ونائباً لرئيس جمعيّة المخترعين السّوريّين، فهو يشّجعهم، ويدعمهم للمشاركة في المعارض. وأنا من أولئك الّذين شجّعهم، ورفدهم بكلّ الاحتياجات من معلوماتٍ طبّيّةٍ وغيرها. هو طبيبٌ، إنسانٌ لا يكلّ، ولا يملّ، يبحث دوماً عن الإبداع والمبدعين».

يُذكر أنّ، الطّبيب "منير الجردي"، من مواليد قرية "درميني"، في ريف "جبلة" عام 1961م.