تقدم المزاوجة بين تقنيات التحكم الآلي والليزر مجالاً واسعاً جداً لاستخدامات طبية مبتكرة، من بينها استخدام قلم "الليزر الطبي" في أتمتة العمليات الجراحية في المناطق الحساسة عند بعض المرضى، وبشكل دقيق جداً.

ربط هذا القلم الطبي، بروبوت أو ذراع تحكم مرتبطة هي الأخرى بحاسب، كان مشروع التخرج للمهندس "علي كردية"، بإشراف الدكتورة "مريم محمد ساعي" قسم هندسة "الحاسبات والتحكم الآلي" بجامعة "تشرين"، وقد تحدث المهندس "كردية" إلى مدونة وطن “eSyria” بتاريخ 1 أيار 2014 موضحاً تفاصيل مشروعه قائلاً: «يساعد هذا العمل ككل، على القيام بالعمليات الجراحية الليزرية، أو باستخدام الأشعة تحت الحمراء، أو المقصات الليزرية، حيث تثبت الأقلام الليزرية الطبية، أو أي قلم طبي، أو مصدر للأشعة تحت الحمراء على ذراع تحكمية، وهذه تشبه اليد البشرية لجهة الشكل والوظيفة، ولكنها تتمتع بدقة حركية عالية جداً، والهدف من المشروع، التحكم بقلم الليزر الطبي، وجعل آلية العمل وقيادته بشكل آلي وأوتوماتيكي عن طريق معالجة الصورة، وقيادته بواسطة المتحكمات الصغروية PLC وذلك تفادياً للأخطاء الناتجة عن العامل البشري».

يمكن العمل في هذا المشروع على خطين؛ الأول طبي كما أسلفنا، والثاني صناعي، حيث يمكن استخدامه للقيام بعمليات اللحام الآلية، التي يتم تنفيذها مثلاً على الدارات الدقيقة وعلى الأماكن التي يصعب الوصول البشري إليها، كذلك يمكن إضافة وظائف إضافية إلى الذراع المتحركة، وهو ما يقوم به المهندس "كردية" حالياً

يتم العمل على هذا القلم، من خلال استخدام واجهة بصرية Visual لتطبيق برمجي تم إعداده بواسطة برنامج "الماتلاب" Matlab، أشهر برامج المحاكاة، وهذه الواجهة تتضمن صورة تفاعلية للمكان المصاب، أو للمكان الذي سوف تجرى له العملية الجراحية، إذ يقوم الطبيب الجراح بمتابعة المنطقة المصابة من خلال هذه الواجهة، على لوح حساس متصل مع الحاسب، ومع قلم الليزر عبر استخدام وحدات تحكم صغروية PLC وصلت بالحاسب من خلال بروتوكولات تخاطب جديدة يتم وصلها عبر كبل داتا، وباستخدام منفذ من نوع Rs485 في أي حاسب.

من حضور معرض الهمك مع المشروع

يضيف المهندس "كردية" إلى حديثه قائلاً: «يؤدي المشروع إلى التحكم بقلم الليزر الذي يقوم بالعمليات الجراحية، مثل علاج "العين" بالليزر، حيث يلتقط صورة للمريض، ويمكّن الطبيب من تحديد مكان مرور الليزر بدقة كبيرة، فيمكن مثلاً تكبير الصورة المأخوذة للمنطقة المصابة بالقدر المطلوب، وتحديد أماكن عمل صغيرة جداً (قطاعات ميكروية صغيرة جداً)، ويعطي الطبيب أمر البدء بالعمل، فتقوم الذراع بتتبع مكان العمل المحدد من قبل الطبيب بدقة، وتشغيل الليزر في الأماكن المحددة فقط، حيث يقوم الليزر بحرق الأماكن المصابة، وفي حال أي حركة للمريض مثل حركة العين، فإن الليزر يتحرك مع العين بنفس المقدار؛ أي إنه لا يخطئ في مكان العمل وذلك بسبب وجود ملاحقة آنية (لحظية خاضعة لحركة الجسم البشري)، ولا يوقف القلم عمله بل يتابعه، ولا يسلط أشعة الليزر إلا في المكان الذي حدده الطبيب مسبقاً مهما تحرك المريض».

تم إجراء تعديلات لاحقة على المشروع جعلت هناك إمكانية لجراحة الأورام الخبيثة، ومن العناصر المهمة في هذا المشروع، أنه يُمكِّن التحكم بالعملية عن طريق الإنترنت، وبالتالي القيام بالعملية، حيث يكون المريض والطبيب في مكانين مختلفين ومن ثم اختصار المسافات والتكلفة والوقت.

المشروع من الداخل

يمكن وصل هذا الجهاز مع حساسات طبية في مكان العمل، أو إلى جهاز تخطيط القلب، وذلك في حال الحاجة إلى متابعة وضع المريض من عدة جبهات، مثلاً، عندما يصبح خفقان القلب غير طبيعي، فإن الجهاز يوقف العملية بشكل كامل حتى يستقر وضع المريض، وبعد قراءة مؤشرات الاستقرار، يستأنف العملية "من لحظة التوقف"، ولهذا الأمر فائدة للمرضى الذين لا يستطيعون تحمل العمليات الجراحية الطويلة، وبالتالي "لا نحرمهم منها ولا نعرضهم للخطر" أي تنفذ لهم العملية على مراحل؛ "وبالعامية بالتقسيط المريح" كما يقول المهندس "كردية".

تحتوي واجهة العمل على نافذتين رئيستين هما: نافذة المساعدة، Help، وهي مثل دليل العمل، حيث تظهر بيانات وأوامر حتى يسير العمل بالتفصيل، وكل خطوة يتبعها المستخدم تعطي معلومات عن المرحلة التالية، وكيف يتم تنفيذها، وما هي الأمور المتاحة من أي نقطة في العمل، وبالتالي عدم الحاجة إلى مستخدمين ذوي خبرة عالية فأي شخص يمكنه العمل عليه وببساطة، النافذة الثانية هي نافذة الرسائل Message، وهي تعطي رسالة بأي خطأ قد يحدث أثناء العمل، وترشد المستخدم إلى كيفية إصلاحه بالتفصيل.

دكتورة مريم ساعي

الدكتورة "مريم ساعي" المشرفة على المشروع أشارت إلى أن تنفيذ المشروع على أرض الواقع ممكن، خاصة في ظل إمكانية استخدام مكونات محلية بدائل للدارات المتكاملة المستخدمة في المشروع (مثل الريليهات)، كما أضافت قائلةً: «يمكن العمل في هذا المشروع على خطين؛ الأول طبي كما أسلفنا، والثاني صناعي، حيث يمكن استخدامه للقيام بعمليات اللحام الآلية، التي يتم تنفيذها مثلاً على الدارات الدقيقة وعلى الأماكن التي يصعب الوصول البشري إليها، كذلك يمكن إضافة وظائف إضافية إلى الذراع المتحركة، وهو ما يقوم به المهندس "كردية" حالياً».

من مميزات العمل في المشروع، كما قالت الدكتورة "ساعي": «أن وصل الذراع التحكمية بالقلم الليزري، تم عبر برنامج "الماتلاب" للعمل على الصورة الملتقطة للمنطقة المصابة، هذا الربط يتم لأول مرة باستخدام "بروتوكولات" برمجية تم تطويرها خصيصاً للمشروع من قبل المهندس "كردية"، وهي ذات موثوقية عالية.

يكلف استيراد هذا النوع من الأجهزة، ملايين الليرات السورية، في حين يمكننا أن نصنعه في "سورية" اعتماداً على الموارد المحلية، كما يمكننا تطويره والاعتماد عليه كأحد حلول المشكلات الطبية التي يصعب على الأطباء القيام بها على أكمل وجه، خاصة في المناطق التي يعتبر الاقتراب منها حساساً جداً كالعين».