مع ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري، وقلته يوماً بعد آخر، ظهرت حاجة ماسة للعودة إلى الطاقات المتجددة واستخدامها، لما فيها من حل لعديد من المشكلات وعلى رأسها التلوث، ومن هنا كان مهماً التفكير بطرق أكثر اقتصادية ومستدامة وملائمة للبيئة.

مع تزايد عدد السكان في العالم، يزداد الطلب على الطاقة بكل أشكالها، خاصة من أجل تدفئة المنازل، إحدى طالبات كلية الهندسة في جامعة "تشرين"، قدمت حلاً لهذه المشكلة بطريقة علمية متطورة، هو مشروع "البيت الزجاجي" أو "تدفئة البيوت بطريقة سلبية"، تقول الطالبة "أريج عادل أصلان"، وهي من طلاب كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية (الهمك) في جامعة "تشرين"، قسم "القوى الميكانيكية"، السنة الخامسة، في حديث مع مدونة وطن “eSyria” بتاريخ 7 نيسان 2014، وهي صاحبة المشروع: «نقصد بنظام تدفئة مجاني أو سلبي للبناء، أي لا يحتوي على أجهزة ميكانيكية، بل يعتمد على مكونات البناء لالتقاط الطاقة الشمسية وتخزينها كحرارة محسوسة؛ ومن ثم توزيعها لتدفئة البناء، وهو لا يحتاج إلى صرف وقود، وعليه تدعى التدفئة المجانية أو السلبية».

نقصد بنظام تدفئة مجاني أو سلبي للبناء، أي لا يحتوي على أجهزة ميكانيكية، بل يعتمد على مكونات البناء لالتقاط الطاقة الشمسية وتخزينها كحرارة محسوسة؛ ومن ثم توزيعها لتدفئة البناء، وهو لا يحتاج إلى صرف وقود، وعليه تدعى التدفئة المجانية أو السلبية

وتضيف الطالبة "أصلان": «تشيد معظم الأبنية الحديثة في "سورية" معمارياً، دون الأخذ بعين الاعتبار أهمية مكونات البناء في تخزين الطاقة الشمسية، وتكمن أهمية البيت الزجاجي الملاصق للبناء كنظام تدفئة مجاني في الاستفادة العظمى من الطاقة الشمسية، لتخفيض حمل التدفئة، وتأمين الشعور بالارتياح الحراري لسكان البناء، وبالتالي ترشيد استهلاك الطاقة التقليدية الذي يعدّ المطلب الأساسي للباحثين في الوقت الحاضر».

البيتان الزجاجيان للتجربة

وتوضح "أريج": «طريقة عمل هذا المنزل، تتم بإحاطة المنزل العادي بجدران زجاجية، ذات سماكات محددة، حيث يبقى حيز هوائي بين الزجاج والجدار، هذا الحيز سوف يسخن إلى درجة حرارة عالية بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تخترق الأشعة الشمسية الجدران الزجاجية وتمتصها جدران المنزل التي تقوم بإرجاع الطيف ذي الموجة الطويلة ليعود إلى الزجاج، الذي يسمح بعبور الأشعة ذات الموجات القصيرة، ويعكس الأطياف طويلة الموجة، لذلك تعود هذه الأشعة الصادرة إلى المبنى وتصطدم بالزجاج لتعود إلى المبنى، ومن ثم يحدث تجمع للحرارة ضمن الحيز المذكور، هذه الكمية من الحرارة الكبيرة نسبياً تختلط مع الهواء وترفع الحرارة إلى شروط الارتياح البشري.

يتم تبادل الحرارة بين الهواء داخل المنزل الزجاجي والمنزل الملاصق له إما بطريقة قسرية أو حرة، ففي الأولى يتم توجيه الهواء عبر المراوح الهوائية، وفي الثانية عن طريق فرق كثافة الهواء بين المنزل والحيز.

الفرق الحراري بين داخل وخارج المنزل الزجاجي

تم إجراء عدة تجارب عملية للتأكد من صحة هذا الطرح، فتم صنع بيتين زجاجيين بقياسات مختلفة، مع تحديد الاتجاه الأفضل للبيت الزجاجي بالنسبة للبيت الأساسي، علاوة على ذلك تم تسخين مياه ضمن البيت الزجاجي في ظروف شهر كانون الثاني 2014، فوصلت درجة حرارة الماء المسخن إلى (52,6) درجة مئوية، وهي حرارة مقبولة للنشاط البشري».

المشرف على المشروع الدكتور "رامي جورج"، وفي حديث للمدونة، رأى أنه من الممكن تطبيق مثل هذا المشروع بقليل من التكلفة، وقال: «التكلفة فقط هي تكلفة الزجاج، وتركيبه، وهو مبلغ ليس بالكبير قياساً إلى جدوى المشروع، ويكون المكسب في توفير تكلفة الوقود والكهرباء، وتقليل تلوث البيئة، إضافة إلى الكسب الحراري، فإجمالي توفير ثمن الكهرباء والمازوت خلال عمر البيت الزمني الافتراضي وهو عشرين سنة هو مبلغ كبير يوفره صاحب البيت على نفسه، كما يوفره على الدولة أيضاً، وإذا ما لاحظنا أن مدة الشتاء في الداخل السوري أطول منها على الساحل، يكون الكسب في تطبيق هذا المشروع أكبر هناك، وحتى في المناطق الجبلية كـ"صلنفة والحفة"، الباردة عموماً، فهناك كسبٌ جيد، وهنا في الساحل أيضاً لدينا كسبٌ جيد».

نموذج شامل قدم في معرض الهمك

يمكن تطوير المشروع حيث تتعدد أنماط الاستفادة من هذا الاختراع، تقول "أريج": «يمكن وضع فرن شمسي داخله، والاستفادة من الحرارة الناتجة عن عملية الاحتباس الحراري في طبخ الطعام، كما يمكن تغطية الزجاج بشرائح فلترة للحرارة صيفاً، تسمح بمرور الضوء وتمنع دخول الحرارة وبالتالي تبريد المبنى، أو اعتماد أفلام شمسية رقيقة تلعب نفس الدور وتولد الكهرباء معاً.

كما يمكن تطوير أفكار جديدة، وهي قيد الدراسة، لعملية التهوية والتبريد صيفاً، كاستخدام فتحة في أعلى السقف الزجاجي، وفتحة في الجدران الداخلية للمنزل، حيث يلعب المنزل الزجاجي دور المدخنة الشمسية، فيتم التخفيف من المردود الحراري صيفاً».

هذا المشروع حتى الآن مجرد مشروع جامعي، يحتاج إلى أن يتم احتضانه من قبل مؤسسة خاصة أو عامة، ليدخل حيز التطبيق العملي، مع العلم أن هناك نسخاً أجنبية من هذا المشروع بُدئ تطبيقها في عدد من الدول.