يعتبر الفطر الزراعي "Agaricus bisporus" من الأطعمة الفاخرة لذيذة الطعم، يتميز بنكهة خاصة تجعله مرغوباً من قبل معظم المستهلكين في مختلف دول العالم.

الفطر الزراعي غذاء يضاهي في قيمته اللحوم من حيث ارتفاع نسبة البروتينات فيه مما دفع البعض إلى تسميته باللحم النباتي أو لحم الفقراء، كما يحتوي على المواد الكربوهيدراتية والفيتامينات والأملاح المعدنية الهامة للجسم، ويتميز بانخفاض نسبة المواد الدهنية فيه مما يعطيه قيمة غذائية عالية.

هناك أربعة شروط أساسية لنجاح مثل هذه المشاريع، وهي: تأمين المكان والظروف المناسبة للزراعة، زراعة بذار "ميسليوم" ذات نوعية جيدة، تحضير الخلطة الغذائية (الكمبوست) بشكل جيد، المراقبة والعناية الدائمة

وقد أثبتت التجارب فائدة الفطر الزراعي في علاج بعض الأمراض النفسية "كالاكتئاب" نظراً لما يحتويه من نسبة مرتفعة من مجموعة فيتامين B، كما وجد أن تناول الفطر يعمل على زيادة الحيوية والنشاط، ويخفض نسبة الكولسترول في الدم مما يفيد مرضى السكري، كما يعمل على خفض ضغط الدم المرتفع.

"eLatakia" التقى الدكتور "رياض زيدان" بتاريخ 5/1/2009 الأستاذ في قسم البساتين–كلية الزراعة–جامعة تشرين، وقد حدثنا عن الفطر الزراعي قائلاً: «الفطر الزراعي من المحاصيل التي تتميز بأهمية غذائية كبيرة جداً، نظراً لغناه بالبروتينات التي تحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية الضرورية لجسم الإنسان والسهلة الهضم، بالإضافة إلى أهميته الطبية، ويستعمل بطرق عديدة جداً مثل القلي والتحمير والطبخ وتحضير أنواع الشوربات مع بعض الخضر، وفي تحسين الطعم لبعض الأطعمة مثل البيتزا والسجق والكاتشب وبعض الأجبان، ويدخل في صناعة التعليب والتجميد والتجفيف والتخليل، إضافة إلى مردوده الاقتصادي المرتفع، حيث يبلغ إنتاج المتر المربع (25– 30كغ) في الدورة الزراعية (3 أشهر) أي حوالي 120 كغ سنوياً، مما يضمن مردوداًَ اقتصادياً للمستثمرين ويؤمن إنتاجاً يغطي احتياجات السوق الداخلية وتصدير الفائض من الإنتاج إلى الدول المجاورة (يتجاوز إنتاج المتر المربع سنوياً في هولندا 200 كغ)».

وعن شروط نجاح مشاريع إنتاج الفطر الزراعي قال: «هناك أربعة شروط أساسية لنجاح مثل هذه المشاريع، وهي: تأمين المكان والظروف المناسبة للزراعة، زراعة بذار "ميسليوم" ذات نوعية جيدة، تحضير الخلطة الغذائية (الكمبوست) بشكل جيد، المراقبة والعناية الدائمة».

وأضاف "د. زيدان": «إن أهمية مشروع الفطر الزراعي لا تأتي فقط من مردوديته العالية والأهمية الغذائية والطبية للفطر فأيضاً يمكن الاستفادة من الخلطة الغذائية المستخدمة في إنتاج الفطر بعد نهاية موسم الإنتاج لتسميد الأشجار المثمرة والخضار وفي إنتاج الغراس المثمرة وشتول الخضار».

وأشار أيضاً إلى أن مشاريع إنتاج الفطر الزراعي في "اللاذقية" لا تزال محدودة وهي مشاريع صغيرة في بداية انتشارها، وتعتبر مزرعة "نعيم أحمد" في قرية "البراعم" أفضل وأكثر المزارع نجاحاً على مستوى الساحل السوري، ويعود سبب قلة انتشار مشاريع إنتاج الفطر إلى قلة الفنيين المختصين بالزراعة، وضعف الخبرة لدى القائمين بها، وعدم توفير المكان المناسب وتجهيزه بالأجهزة الضرورية اللازمة، وارتفاع قيمة البذار والمواد الأولية المستخدمة في تحضير "الكمبوست" وطبقة التغطية، لذلك فالكثيرون بدؤوا وفشلوا ولم يستمروا، فالخبرة والمتابعة عاملان هامان جداً».

مرحلة التغطية بالبيتموس

كما زار eLatakia موقع أحد مشاريع إنتاج الفطر الزراعي في قرية "البراعم" –منطقة "جبلة"– محافظة "اللاذقية"، وتحدث إلى صاحب المزرعة "نعيم أحمد" الذي قال عن بدايات مشروعه: «كنت أعمل بالحدادة الإفرنجية، ثم ولدت فكرة إقامة مشروع الفطر بالصدفة عن طريق أحد الأصدقاء، وكانت الغاية تحسين الوضع المادي، بدأنا بالزراعة وتعرضنا للفشل لمدة سنتين متتاليتين نتيجة عدم الخبرة، وكانت الخسائر كبيرة جداً في البداية وبأرقام عالية تقدر بحوالي 1.5 مليون، لكن والحمد لله بدأنا حالياً نعوض الخسارة ونحقق ربحاً جيداً».

وأضاف: «تعاونت مع مشروع إنتاج الفطر الزراعي التابع لمؤسسة "الآغا خان للتنمية الزراعية" في "السلمية"، وحالياً أتعاون مع شركة فطر "فريش" (مزارع طعمة لزراعة الفطر) وهي شركة حديثة تؤمن لنا الخبرات والمواد الأولية ونحن نقدم العمل والتجهيز والإنتاج، فنحن نشتري الخلطة جاهزة ومزروعة بالبذار من مزارع "طعمة" لزراعة الفطر ونقوم بتحضينها لمدة (15) يوماً، ثم نقوم بالتغطية بمادة "البيتموس" لمدة (21) يوماً مع المراقبة والمتابعة اليومية بشكل جيد، وبعدها تأتي مرحلة الإنتاج والتي تستمر من حوالي شهر ونصف إلى شهرين يعطي خلالها الفطر (4 – 5) أفواج، ويتراوح إنتاج المتر المربع لدينا ما بين (20 – 30) كغ».

وتابع السيد "نعيم": «المشروع عبارة عن حجرتي إنتاج، تتم الزراعة في أحواض على 4 رفوف معدنية، وكل حجرة مزودة بجهاز تبريد ومراوح للتهوية وكذلك أجهزة ترطيب ضبابي لتأمين الظروف الملائمة لنمو الفطر، أما المساحة المزروعة فعلياً حوالي 250 متراً مربعاً».

أما عن مدى نجاح المشروع فقال: «المشروع ناجح جداً إذا توفرت الشروط المناسبة والخبرة، يعمل في المشروع (5) عمال أساسيين، ولكن خلال مرحلة القطاف نحتاج في الفوجين الأول والثاني إلى أكثر من ذلك من أجل عمليات القطاف والتنظيف والتعبئة وألا يحدث لدينا خلل في عملية الإنتاج نتيجة تفتح الفطر عند التأخر في قطافه، مما يجعله غير مرغوب من قبل المستهلك».

بالنسبة للمشاكل التي يعانيها كمنتج للفطر الزراعي قال: «في البداية كنا نعاني من مشكلة التسويق، ولكن بعد أن تعرّف المستهلكون على الفطر الطازج وأنه أفضل من المعلب زاد الطلب عليه وحلت هذه المشكلة، حالياً نعاني من مشاكل ارتفاع تكاليف المواد الأولية وكذلك ارتفاع تكاليف عمليات النقل بالإضافة إلى الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، أما بالنسبة للأمراض فهي تحت السيطرة حيث أصبح لدينا خبرة كافية لاكتشاف المرض في بداياته فنعالجه لنحد من انتشاره، بالنسبة لعملية التسويق، نسوق إنتاجنا في "دمشق" وذلك عن طريق شركة "فطر فريش"، بالإضافة إلى البيع المحلي في محافظة "اللاذقية"».

من الجدير بالذكر أن الفطر ينتشر طبيعياً في الغابات، ويجب التمييز بين الفطور السامة والفطور المأكولة، فالفطور جميلة الشكل والملونة تكون غالباً سامة، كما يلاحظ على الفطور السامة وجود جيب في منطقة اتصال القدم مع الوسط، لذلك يجب التأكد من عدم سمية الفطر قبل جمعه من الطبيعة.