نشأ المهندس "طارق حبيب" في بيئة ثقافية مهّدت له الطريق؛ حيث الموسيقا والرسم والخط العربي، فكوّنت ملامح فنّه وشخصيته المستقلة، حيث استطاع أن يتخّذ الغابة مكاناً لعمله، ويأخذ من جذور الأشجار المتآكلة مادة لتحفه الفنيّة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 18 كانون الثاني 2017، المهندس "طارق حبيب"، الذي تحدث بإيجاز عن مراحل حياته قائلاً: «ولدتُ وتربيت في قرية "زغرين"، عام 1991، وقد لعبت مكونات محيطي الاجتماعي في إظهار ميولي الفنية، وفي بيت جدي لأمي كنت أرى أخوالي؛ الرسّام والخطّاط وعازف الكمان، فأحببت الآلات الموسيقية، واليوم أقتني بعضها وأهتمّ بدروس الموسيقا، كما أنجزت أول عمل فني لي حين كان عمري ثلاثة عشر عاماً من أغصان الأشجار اليابسة، وقمت بتثبيتها وطبقت منها هياكل لجمال وأشكال مختلفة، وفي الصف الثالث الإعدادي نجحت بعلامات ممتازة تؤهلني للتسجيل بالفرع العلمي، لكني لم أكن أحبّ الطريقة التقليدية والمفهوم السائد بضرورة التسجيل، وخرجت عن السرب كما يقال، وسجلت في الثانوية المهنية الصناعية وتفوقت، وفي عام 2016 تخرجت في كلية الهندسة الكهربائية».

يتجلى الدور الفعّال للهندسة في فني من خلال الدّقّة في القياسات والأعداد والأرقام، وتعلم النسب، وإدخال الإنارة إلى بعض التحف الفنية بما يتناسب معها

البحر وغابة الصنوبر في القرية صنوان لفنه، ويستوحي أفكاره من جذور الأشجار الضاربة في التراب بحثاً عن الحياة، فيتابع القول: «أحسّ بأنني مجبول بطبيعة القرية، حيث الجبل والبحر والتنوع الغنيّ بهما، وما يثير اهتمامي الشجرة القديمة المتآكلة الجذور؛ فهي قطعة مهملة وفي طريقها إلى الفناء بعد أن كانت تنبض بالحياة، ولم أكن أريد للجذور الموت وأحييتها بطريقة فنية، فكل جذر يوحي بقصة حياة تلك الشجرة، أقوم بقلبه؛ فشكله الغريب هو من يعطيني فكرة تشكيل التحفة (كالمنازل والقصور والأكواخ) مجسداً بعض المشاهد الواقعية. وما زلت أقضي منذ طفولتي ما يقارب اثنتي عشرة ساعة في الغابة الصنوبرية؛ فالطبيعة تعيش بغموضها وتجليها في داخلي، كما أنّ لأحجار الغابة حضوراً في أعمالي، التي تتميز بالزوايا وحصى البحر التي أحضرها عن شاطئ "وادي قنديل" تتميز بأنها دائرية فأمزج بينهما في العمل، وأستخدم أدوات بدائية وبسيطة في عملي، وهي رفيقتي في كل مكان أذهب إليه».

بعض أعماله

وعن علاقة الهندسة بفنه وتأثيرها الإيجابي، يقول: «يتجلى الدور الفعّال للهندسة في فني من خلال الدّقّة في القياسات والأعداد والأرقام، وتعلم النسب، وإدخال الإنارة إلى بعض التحف الفنية بما يتناسب معها».

المهندس "أحمد زنيبة" من قرية "زغرين"، لديه اهتمامات فنية، يتحدث عنه قائلاً: «عرفته منذ صغره وطبعه مغاير لأقرانه، ومن يراه كان يفسر ذلك بأنه طفل شقيّ، لكنه أثبت العكس بدراسته وفنه الذي برز في طفولته من خلال ولعه بأشكال الهياكل والمجسمات، لديه حبّ الاكتشاف والتحدي بطريقة ملحوظة؛ وهذا يحقق له النجاح دائماً، عوّدنا على المفاجآت بقدرته على الإبداع وصنع التحف الجميلة من مخلفات الأشياء وبقايا الأشجار والحصى والحجارة، وأعدّه حالة مختلفة في مجتمعه؛ فلا يرضى السير مغمض العينين في طريق ولو كان صحيحاً، وتخللت حياته بعض الأخطاء، لكنه تجاوزها بالتجربة والأخذ بالنصيحة، كما أنه صبور ومدرك، وأعطى للدراسة المهنية الصناعية مفهوماً مختلفاً ونموذجاً ناجحاً».

"طارق" أثناء العمل
عمل على الرمل