نشأ الفنان التشكيلي "زهير خير بك" في بيئة ريفية ساعدت على إظهار ملامح فنّه رسماً ونحتاً، استمدّ أفكاره من الأسطورة السورية؛ وخاصة فيما يتصل بالمرأة؛ فنحتها على خشب زيتون الساحل المحبب لديه.

مدونة وطن "eSyria" زارته بتاريخ 7 نيسان 2016، للاطلاع على مسيرته الفنية، فقال: «ولدت في قرية "عين شقاق"، عام 1954، التي كان لها دور في إبراز موهبتي بالفن، عشت في مدينتي "اللاذقية" و"جبلة"، وبقيت قريتي المكان الذي يمنحني الحرية والاتساع في العمل، حيث الحجر الأبيض والأشجار وجمال الريف، واليوم أعيش فيها لذات السبب.

قد تساهم قطعة الخشب في الإشارة إلى المنحوتة المناسبة، إحدى القطع أعطتني دلالة (عازف ناي)، فقمت بنحتها على ذلك الشكل، وأحياناً أعمل من دون هدف محدد؛ فتتداخل الأفكار بالعمل؛ كالشعر ذي الدلالات المفتوحة، مثل منحوتة "سجن الإله"، وكانت من رحم قصيدة للشاعر "نديم محمد"، ومنحوتات من النصوص الأدبية لكتّاب مثل "أنيسة عبود"؛ فإن المخزون الثقافي والرؤية الفنية لأي فنان يلعبان دوراً في إنتاج عمل فني جميل

عالم الألوان واسع جداً، وأي نحات لابدّ أن يكون رساماً؛ فالرسم أوسع من ناحية غزارة المواضيع وإظهار الأفكار، رسمت الأساطير والأنثى والجمال في كل مكان، وتأثرت بأخي الأكبر الشهيد الطيار "أنيس خير بك"؛ فميولي الفنية تشابهت مع ميوله وتعلّمت منه أشياء كثيرة، كما استفدت من خبرة الفنان التشكيلي المتوفى "سعيد مخلوف"، الذي تميز بنحت المخلوقات الأسطورية مستخدماً الخشب».

النفس والروح والجسد

نحت منذ صغره أعمالاً نالت الاهتمام، عنها يحدّثنا: «أول عمل نحتي لي كان في سن الثالثة عشرة، نحتُّ بالجبس منحوتة "صلاح الدين الأيوبي"، وقدمتها لإدارة المدرسة آنذاك، فنلت التشجيع والتحفيز من المدرسة، وتميزي بمادة التربية الفنية جعل الطلاب يستعينون بي لأرسم لهم رسوماتهم، ودرست في كلية الفنون الجميلة، ووجدت دراستها تحدّ من موهبتي وتقيّدها بقوالب، فلم أتابع فيها، أستمدّ أفكاري من الأسطورة السورية وخاصة فيما يتصل بالمرأة؛ فالمرأة كانت ولاتزال المخلوق الأجمل، والحضارة السورية غنية بالآثار والأساطير، كما لفتني أن الأسطورة تتشابه بالأساس وتختلف بالتفاصيل من مكان إلى آخر، فاستوحيت من تلك الأساطير "هبوط عشتروت" و"صعود الروح إلى الشمس"».

وعن علاقة فنّه بخشب الزيتون، يتحدث: «أعتمد في منحوتاتي خشب الزيتون اليابس؛ فهو متوافر، ولونه جميل، وخطوطه الداخلية متنوعة، كما أن رائحة زيتون الساحل السوري مختلفة وتجذبني وتحفزّني للعمل، إضافة إلى قساوته، كما أنه معمر؛ وهو ما يعطي المنحوتة ديمومة وبقاء، لكنه يحتاج إلى درجة عالية من الدقة في العمل؛ فالخطأ لا يُصحّح. هناك علاقة حميمة بيني وبين كل عمل أقوم به وينتج نوعاً من التواصل يحفزني على الإكمال حين تلمع فكرة التنفيذ، فللمزاجية مساحة في عملي، ولا أتقيد بوقت محدد».

"زهير خير بك"

يوظّف قطعة الخشب لخدمة الفكرة وبالعكس، ويضيف قائلاً: «قد تساهم قطعة الخشب في الإشارة إلى المنحوتة المناسبة، إحدى القطع أعطتني دلالة (عازف ناي)، فقمت بنحتها على ذلك الشكل، وأحياناً أعمل من دون هدف محدد؛ فتتداخل الأفكار بالعمل؛ كالشعر ذي الدلالات المفتوحة، مثل منحوتة "سجن الإله"، وكانت من رحم قصيدة للشاعر "نديم محمد"، ومنحوتات من النصوص الأدبية لكتّاب مثل "أنيسة عبود"؛ فإن المخزون الثقافي والرؤية الفنية لأي فنان يلعبان دوراً في إنتاج عمل فني جميل».

ابن منطقته ورفيق فنّه التشكيلي "فائز الحافي"، يتحدث عنه قائلاً: «إنه فنان مبدع بصمت، يعتمد الأدوات البدائية التي تحتاج إلى الصبر والقوة البدنية، كما أن المهارة العالية في توظيف ذوقه بطريقة فنية تولد إحساساً لدى المتلقي بأن منحوتاته رموز تتقن الموسيقا وأحياناً الكلام؛ فنجد بداخلها روحاً وجمالية تعبر عنها، فطرته التي تمنح عمله الصدق ومخزونه الثقافي ساعدا في إبداعه بعيداً عن دراسة الفنون الجميلة، فقد تشابهتُ معه في العمل بخشب الزيتون والأسطورة من ناحية الأفكار».

مجموعة من أعماله

يذكر أن الفنان "زهير خير بك" درّس مادة الرياضيات لمدة سبع عشرة سنة، وشارك في أحد عشر معرضاً، وكُرّم من قبل الحزب السوري القومي الاجتماعي.