بدأ تجربة جديدة في عالم الفن جمعت بين عوالم النحت وعوالم التشكيل؛ مستخدماً موادّ من قلب البيئة المحلية جعلت أعماله حاضرة على مستويات عالمية.

في تجربته الجديدة استحضر النحات السوري "نزار بدر" الحجارة البحرية الصغيرة "الحصى" ليقوم بتشكيلها فنياً على ألواح من المعدن أو البلاستيك الملون متناولاً مواضيع مختلفة، هذه التقنية البسيطة المنتشرة قليلاً حول العالم أعاد الفنان ابتكارها لتضيف إلى تجربته الفنية في النحت أبعاداً جديدة.

إنها ذات خيال رائع ومقدرة على وصول الفكرة بدقة إلى عقولنا من خلال الأعمال المبدعة

في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 29 أيلول 2015، تحدث الفنان الذي قدمته المدونة في بواكير أعماله قبل سنوات وأجرت معه حوارات عديدة، ويقول: «أعتقد أن تجربتي هذه غير مسبوقة عالمياً، لقد شاهدت وتابعت الأعمال المشابهة لها لكنني لم أجد ما يشبهها حقاً وفعلاً بالشكل الذي أقدمها فيه، فبقدر السهولة التي تتضمنها الطريقة ورغبتي في نفس الوقت بانتشارها باعتبارها منجزاً سورياً فنياً، بقدر ما لاحظت أن بعض فنانينا المحليين رغبوا بنسب الفكرة إليهم لمجرد أنهم استخدموا بعض القطع من حصى وأشياء في أعمالهم الفنية التشكيلية، الفرق أن عملي بكامله مرتكز على هذه التقنية، لا ألوان فيها ولا إضافات سوى ألوان الحصى نفسها، التشكيل أقوم به من دون تعقيد مقدماً مواضيع تتناول الهاجس العام بطرائق تعبيرية تصل فكرتها من دون غموض أو تعقيد».

من أعماله

تجربة الفنان "بدر" بدأها قبل نحو عامين تقريباً، يقول: «خطرت لي الفكرة عندما كنت أقوم بجولاتي على شاطئ البحر لأجمع الحصى المتوسطة التي بالأصل أستخدمها للنحت، يومها خطر ببالي أن أستخدم هذه الحصى الصغيرة لبناء تشكيلات على صفائح من البلاستيك الملون، لتكون خلفية للعمل تتغير حسب الموضوع، أحياناً أضع فوق اللوح الماء وأقوم بتشكيل الحصى فوقه، مؤخراً بدأت استخدام الحصى لتركيب مشاهد متنوعة تحمل موضوعاً أو رسالة احتجاج، أو تكون صورة مختصرة للموضوع السياسي أو الاجتماعي الراهن، وقد انتشرت هذه الطريقة عبر العالم وتلقفتها مواقع غربية وشرقية».

يستغرق العمل الفني للنحات "بدر" وقتاً يختلف بين موضوع وآخر، في البداية كان هناك بساطة شديدة في العمل إلا أنه مع تطور الفكرة بدأت الأعمال تأخذ سمتها الفنية التي تجمع بين النحت والتشكيل، فإن سميتها نحتاً يبدو اسماً غير دقيق كذلك في التشكيل، الفكرة مبتدعة وحملت خصائصها الذاتية والفنية معها خاصة أن مجالها الافتراضي ساعد على انتشارها بكثافة.

مدرسة

أطلق الفنان على تقنيته هذه اسم حجارة "صافون"، وهو الاسم الأوغاريتي للجبل الأقرع شمال "اللاذقية" ومجمع آلهة المدينة المقدسة، في تفسير ذلك يقول "بدر": «أؤمن بأننا شعب قدم للعالم حضارة ولم يكن في يوم من الأيام مجرد متلقٍّ لأساليب الفن أو غيره، وحتى في حال التلقي فإنه كان وما يزال لديه بصمته الحضارية الخالصة».

ينشر الفنان يومياً على صفحته على "الفيسبوك" ما يقوم بإنتاجه، يصور العمل وينشر الصورة لتنتشر بسرعة عبر الفضاء الأزرق وصولاً إلى "الصين" و"اليونان" و"فرنسا" و"إيطاليا"، وفي "الولايات المتحدة" ظهر لديه من يريد أن يتعلم منه تجربته فاستجاب بودّ وسرعة ومحبة.

هجرة سورية

تعليقات كثيرة على عمله من المعجبين من مختلف دول العالم، تذكر "ناجية القربي" في تعليق لها عن أعمال الفنان: «إنها ذات خيال رائع ومقدرة على وصول الفكرة بدقة إلى عقولنا من خلال الأعمال المبدعة».

في حين تجد صفحة يونانية مهتمة بعالم النحت والفن تجربته مثيرة للاهتمام إلى درجة أنها صنعت ملصقاً لمجمل أعماله.

في التلقي لهذه التجربة الفنية القريبة من فنون الكولاج الحديثة، هناك من أعجبته التقنية والفن المرافق لها، وهناك من وجدها خارج التصنيفات الفنية فلم تنل إعجابه، إلا أن الواضح هو أن تلقيها الجماهيري كبير ومنتشر عبر بلدان حوض المتوسط الذين وجدوا فيها متنفساً فنياً مميزاً.