بدأ هاوياً، لكن عشقه لعزف الموسيقا الشرقية قاده إلى طريق الاحتراف، زرع ثقافة فن العزف الشرقي بين صغار عازفي هذا الجيل، الذي تم غزوه فنياً بموسيقا الغرب؛ وأصبح جاهلاً بالإرث الفني العربي الأصيل.

إنه عازف الكمان والعود "حسام الدين أيوب ابراهيم" الذي التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 27 أيلول 2014، للحديث عن رحلته الفنية، فقال عن بداياته: «كان أخي الكبير يعزف على آلة "العود" عندما كنت صغيراً؛ فكنت أستمع إليه وأستمتع بعزفه، هنا بدأت محاولاتي الأولى فظهرت موهبتي في العزف السماعي، لكنني لم أكتف بذلك، فقد كان طموحي أن أصبح عازفاً محترفاً وأكاديمياً في الوقت ذاته، ولأجل ذلك قمت بالعمل في ورشات البناء لجمع المال اللازم إذ كنت حينها طالباً في المدرسة، وتتلمذت بعدها على يد الموسيقار الكبير المرحوم "محمود العجان"؛ وكان أستاذاً معروفاً على مستوى الوطن العربي؛ إذ قام بتعليمي قراءة النوتات الموسيقية وعزفها، بعد إتقاني ذلك دخلت الحياة العملية وكانت بداياتي ضمن فرق تعزف في حفلات المطاعم والأعراس في مدينتي "اللاذقية"».

أجد أن الفنان "حسام" أفضل مربّ موسيقي، إذ تجد فيه الصدق والأمانة والضمير في الإعطاء، والاجتهاد والمثابرة في تقديم أي عمل فني مع تلاميذه، ناهيك عن مهارته الفريدة في العزف على "الكمان" و"العود"، بإحساس وحب لا متناهيين، طموح ويسعى دائماً نحو الأفضل

ويتابع: «بعد ذلك انتقلت إلى "دمشق" وتابعت عملي ذاته في حفلات المطاعم، الأمر الذي أعطاني فرصة الاحتكاك ببعض كبار الموسيقيين الذين قاموا بتشجيعي على تطوير مهاراتي التي لم تكتمل بعد، فقررت أن أدرس الآلة التي طالما كنت شغوفاً بها، ألا وهي آلة "الكمان"، وبالفعل قمت وبجهودي الشخصية بدراستي الأكاديمية لها على يد بعض الأساتذة، حتى أتقنتها وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتي اليومية والفنية».

على آلة العود

وعن مسيرته المهنية حدثنا قائلاً: «تعرفت على أشخاص كان لهم دور كبير في مسيرتي الفنية كالأستاذ الكبير "هادي بقدونس" صاحب الفضل الأكبر علي؛ الذي أعتبره قدوتي في الفن، وعملت معه في مناسبات عديدة، كما عملت مع عدة مطربين من "سورية ولبنان"، ومنهم: "ملحم بركات"، و"صبحي توفيق"، و"جورج وسوف"، و"نور مهنا"، بعد ذلك قمت بتقديم طلب للالتحاق بنقابة الفنانين كمتمرن، ونلت العضوية بعد خمس سنوات، وأخيراً قمت بوضع ثقلي الأكبر في تدريس الموسيقا، فجمعت أفضل مناهج التعليم في العالم ودرستها جيداً، من ثم نقلت ما تعلمته لطلابي في معهد "البيت العربي" للموسيقا حيث عملت فيه لفترة من الزمن، وهناك أنشأت أوركسترا الأطفال التي أقودها حالياً، إضافة إلى إعطاء دروس خصوصية لبعض طلاب الموسيقا».

وعند سؤالنا له عن الأوركسترا التي يقودها أخبرنا: «عمر الأوركسترا أربع سنوات، أطلقنا عليها اسم "شرقيات" لأنها تحمل رسالة الحفاظ على القوالب الشرقية كـ"اللونغا"، و"السماعي"، و"البشرف"، و"المقدمة الموسيقية"، وغيرها، التي تختلف كل الاختلاف عن القوالب الغربية كـسمفونية "السوناتا" و"الليبرو"، يبلغ عدد أعضائها 27 عازفاً؛ منهم 23 عازف كمان، وعازفا عود، وعازف قانون، وعازف "أورغ"، وكورال من المغنين الصغار، تتراوح أعمارهم ما بين 8 إلى 18 سنة، جميعهم دارسون أكاديميون للموسيقا، عملنا على مقطوعات موسيقية للسيدة "أم كلثوم" و"محمد عبد الوهاب"، ومقطوعات "لونغا حجاز كار"، وسماعيات "إبراهيم العريان"، وذكريات "محمد القصبجي"، ومقطوعات عديدة أخرى، ومن الجدير بالذكر أن تشكيل الأوركسترا كان مجهوداً ذاتياً، فلا يوجد لدينا أي تمويل خارجي، نعتمد على أنفسنا في كل ما نحتاجه، كما تلقينا الدعم الكبير والتسهيلات الكثيرة من السيدين "ياسر، ومروان دريباتي" من "البيت العربي"، ونقوم بالتدريبات في معهد تجمع "أغافي"».

الموسيقي زياد عجان

وكان للفنان "حسام" مشاركات محلية وعربية عديدة في العزف على "الكمان"، ذكر لنا منها: «محلياً كان لي مشاركات في مهرجانات عربية عديدة كمهرجان "جرش" في الأردن، ومهرجان "إهمج" في لبنان، ومهرجان "سوق واقف" في قطر، أما محلياً فشاركت في مهرجان "المحبة والسلام" في مدينة "اللاذقية"، وكان لي مشاركة صغيرة ولكني أفتخر بها وتركت أثراً كبيراً في نفسي، عندما شاركت في العزف وراء السيدة "فيروز" في تسجيل لها في إذاعة "دمشق"، كما كان لأوركسترا "شرقيات" مشاركات عديدة في "المسرح القومي" بمساهمة "البيت العربي"، حيث قدمنا أعمالاً وطنية كثيرة».

للفنان مؤلفات موسيقية عديدة على آلة الكمان، نذكر منها: "حيرة"، "قسمة السنين"، "القسم"، و"البحر الهائج"، وأغنية "لست أدري"، كما قام بتلحين أغنية بعنوان "سورية مجدك عالي"، كلمات الدكتور "سعيد نصور"، وغناء المطرب الشاب "علي ابراهيم"، وسيتم عرضها قريباً على شاشات التلفزة، ويعمل حالياً مع الأوركسترا على "سكيتشات" وطنية؛ وهي عبارة عن مشاهد مسرحية غنائية سيتم عرضها حال الانتهاء منها.

الممثل حسين عباس

التقت مدونة وطن الموسيقار "زياد عجان"، فحدثنا قائلاً: «إن آلة "الكمان" هي أصعب آلة موسيقية في العالم، فهي تحتاج إلى دقة متناهية في العزف، وأذن موسيقية مرهفة جداً، وأنا أعرف "حسام" منذ مدة طويلة، وأعلم أن "الكمان" جزء من كيانه وفي عزفه عليه إبداع كبير وجمالية خاصة، وقد نفذ لي أعمالاً كثيرة، لكن الأمر الأهم هو أن "حسام" يعمل على خلق جيل جديد محب لهذه الآلة، وهنالك عدد من طلابه ممن أصبحوا رواداً على مستوى القطر، وهذا دليل على متابعته الدؤوبة لتلاميذه وحرصه على تدريسهم الأعمال الصعبة، وأتمنى له الاستمرار في هذا المجهود، لإخراج مواهب على مستوى عالٍ، وأنا متفائل في مقدرته والدور الذي يؤديه في مجال الموسيقا».

كما قال لنا رئيس نقابة الفنانين في "اللاذقية"، الممثل "حسين عباس": «أجد أن الفنان "حسام" أفضل مربّ موسيقي، إذ تجد فيه الصدق والأمانة والضمير في الإعطاء، والاجتهاد والمثابرة في تقديم أي عمل فني مع تلاميذه، ناهيك عن مهارته الفريدة في العزف على "الكمان" و"العود"، بإحساس وحب لا متناهيين، طموح ويسعى دائماً نحو الأفضل».

يبقى أن نذكر أن الفنان من مواليد قرية "صلنفة" 1970، مقيم في مدينة "اللاذقية"، متزوج وله أربعة أولاد لكل منهم موهبة فنية خاصة به في الغناء والعزف والرسم.