خطاط بارع، عشق الخط منذ أمسك بالقلم، فبدأ التعلم بجهد فردي، ثم صقل موهبته بالعلم والدراسة، فقدم نهجاً خاصاً به في خطّي الرقعة والديواني، وابتعد عن التقليد وسعى في طريق التفرد ليترك بصمة تذكر له ولبلده في المحافل الدولية.

لمعرفة المزيد عن تجربته في الخط؛ مدونة وطن "eSyria" التقت الخطاط "أحمد بدر" بتاريخ 27 تموز 2014، وبدأ الحديث عن بدايته بالقول: «كانت بداياتي مع الخط منذ السنوات الأولى من إمساكي بالقلم في المدرسة الابتدائيّة، متأثراً بوالدي الذي كان صاحب خط رائع، فقد كان يعشق الخط رغم عدم دراسته له قواعديّاً، ويولي له أهمية كبيرة، إضافة إلى تأثري بشقيقي الأكبر "نزار" الذي كان صاحب رؤية عالية المستوى في الخطّ ورسم الكاريكاتير والنّحت، ثم تدربت سنوات طويلة على الكتابة وحدي بلا قاعدة لمدة تجاوزت الاثني عشر عاماً، والتقيت بعدد من الأساتذة الكبار فأخذت منهم مبادئ وقواعد أنواع الخطوط جميعاً، ومازلت أنهل منهم العلم صافياً وقوياً حتى الآن».

هو صاحب مدرسة جديدة في الخط العربي، وخاصة في خطي الرقعة والديواني لم يسبقه اليها أحد، وتقنياته إبداعية من بنات أفكاره رغم الأدوات البسيطة التي يستخدمها، مقارنة بغيره من الخطاطين العالميين، ويُلتمس إبداعه بمجرد النظر إلى اللوحات التي يخطها

وتابع: «أحبّ الخطّوط إلي هو خطّ "الثلث" الذي يعد ميداني الأخير إن صحّ التعبير، ولا فرق عندي بين خط وآخر فقد أحببتها وأجدتها جميعها، كما أنني أبدع في خطي "الرقعة" و"الديواني"، وأكتبهما بنهج متفرد أشاد به كبار الخطاطين في العالم، ولوحتي "الأرملة" شاهدة على مستواي في هذا النوع من الخط».

أحمد بدر

وعن لوحته "الأرملة" تحدث "بدر" شارحاً: «أقرب لوحاتي إلى قلبي هي لوحة "الأرملة"، وسبب تسميتي لها بهذا الاسم هو أن الأرملة القوية هي التي تصون مكانتها في المجتمع المستذئب، وهي التي تعتني بأبنائها عناية ترضي الجميع، وتثبت لهم أن الأمّ هي الوحيدة القادرة على الصمود أمام نكبات الدّهر ونوائب الزّمان».

قدم "بدر" نهجاً جديداً في كتابة خطي الرقعة والديواني، وحدثنا عنهما قائلاً: «تركت بصمة خاصة بي في مجال الخط عبر تقديمي نهجاً خاصاً في كتابة خطي الرقعة والديواني، حينما أضفت أسلوباً جديداً متفرداً انطلقت به من المدارس الثلاث: "البغداية"، و"التركية"، و"المصرية" رغم فرادتها، ولكن بطريقة جديدة ابتعدت من خلالها عن التقليد، فآثرت أن أنتهج نهجاً خاصّاً بي، مقتنعاً بأنني لا أكون قد قدمت جديداً لو قلدت عمالقة المدارس طبق الأصل، فما يهمني هو أن أرفع اسم بلدي في المحافل الدولية، وأن أقدم ما يجب عليّ تقديمه، وأكون قد حققت بذلك إنجازاً في فني، فأنا أكره أن أكون إنساناً روتينياً بطبعي، وأبتغي الرضا عن عملي وإرادتي، وأترك للزمن دائماً أن يترجم هدفي على أرض الواقع مهما تطلب من الوقت فلدي الصبر والإرادة واحتمال الانفراد، فالخطاط الناجح هو صاحب الفكر العالي والهدف السّامي والإرادة الجبّارة التي لا تهتمّ للصّعوبات التي يواجهها الخطّاط في مسيرة أخذه للعلم، وكل تلك الصفات أخذتها من البحر فأنا بحّار في الأصل».

أثناء العمل

يواجه الخط كغيره من الفنون صعوبات جمّة تحدث عنها "بدر" قائلاً: «أكثر ما يشكل عائقاً في مجال الخط هو التمييز بين الخطاطين دولياً، فقد تم استبعاد لوحتي "الأرملة" من المسابقة التي أقيمت في قصر "يلدز" في "اسطنبول"؛ التي رعتها منظمة "أرسيكا"، فقط لأنني سوري، ضاربين بعرض الحائط قيم الخط السامية والإبداع الجديد الذي يضيف إلى الخط ويسمو به».

النحات "نزار بدر" قال في شقيقه متحدثاً: «يعشق "أحمد" الخط، فتراه لا يترك القلم من يده أبداً، فابتدع أساليب جديدة خاصة به منبعثة من روحه التي يجري فيها حب الخط العربي الأصيل، واستطاع بذلك تحطيم بروج الأتراك العالية في الخط، وأذهل كل من رأى إبداعه الممزوج بالعلم والبحث والدراسة، خاصة بما يحمل من فكر أدبي رفيع، وهو باختصار حالة إبداعية لن تتكرر».

لوحة الأرملة

أما الخطاط "علي عيسى" فقال: «هو صاحب مدرسة جديدة في الخط العربي، وخاصة في خطي الرقعة والديواني لم يسبقه اليها أحد، وتقنياته إبداعية من بنات أفكاره رغم الأدوات البسيطة التي يستخدمها، مقارنة بغيره من الخطاطين العالميين، ويُلتمس إبداعه بمجرد النظر إلى اللوحات التي يخطها».

الخطاط "خضير الجبوري" قال في "أحمد": «نحن معشر الخطاطين نسير في سفينة الحرف العربي وحرف القرآن، وقبطان هذه السفينة الأستاذ القدير "أحمد بدر" فهو امتداد للأولين من الخطاطين العمالقة الذين أفنوا حياتهم في صقل الحرف وأبدعوا في عطائهم، فخطه مستوفٍ لكل شروط الخطاط المتميز وبكل أنواع الخطوط، ويتميز خطة بالتقنية والدقة العالية، والمراعاة لأسس القواعد والمقاسات للحروف، وهو يستحق لقب "القبطان" وبكل جدارة».

يذكر أن "أحمد بدر" من مواليد "اللاذقية، بسنادا" عام (1973)، وشارك في العديد من المعارض المحلية والدولية.