في أعمال الفنان "محمود حسن" تركيز شديد على دقائق اللقطة المشهدية، فهو يعمل بهدوء على صياغة اللوحة، حيث يؤكد على أن البداية الصحيحة للفنان تتمثل في التجربة الواقعية التي هي النقطة الأساس لأي هوية فنية يبني عليها الفنان تجربته.

في حوار مع مدونة وطن “eSyria” بتاريخ 16 تموز 2014، شدد الفنان التشكيلي السوري "محمود حسن" على العلاقة التي يجب على الفنان أن يبنيها مع اللوحة قبل جمهوره الفني، ويضيف: «حلمي الفني، مازال طفلاً، من هنا فأنا أشدد على ضرورة بناء هذا الحلم بطريقة تقدم شيئاً مختلفاً للجمهور، ولي أنا شخصياً، فالفنان الذي لا يقتنع بلوحة ويعرضها للجمهور يرتكب جريمة بحق فنه وجمهوره، وأنا ربما تأخرت ولكني أعتقد أن المجال ما زال مفتوحاً لتحقيق هذا المشروع أو الحلم بوجود التصميم والعمل المستمر، حيث إنني الآن متفرغ بشكل كامل للفن الذي أعشقه».

في خطوطه تجد نفسك، وفي توازنه اللوني يخلق لديك كمتلقٍ حالة انبهار جميلة، لكن ذلك لا يعفيه من ضرورة الانتقال باللوحة من الحالة التسجيلية إلى فضاءات أوسع سيكون دون شك قادراً عليها

يتميز أي مشروع بهوية فنية تقوم أساساً على فعل التراكم الفني من تجارب ومعارض ونقد وما شابه، والفنان "حسن" يحقق هويته الفنية عبر الدخول في عديد التجارب الفنية المختلفة، إلا أن البداية الصحيحة كما يراها تتمثل في الرسم الواقعي أولاً، ويتابع: «أحب أن تكون عناصري واقعية في لوحتي، حتى لو اتسمت أو مالت في بعض اللوحات إلى السوريالية أو الانطباعية، فالواقعية تعد تياراً مثلها مثل التجريدية، وليست مدرسة بحد ذاتها، ولكن المميز والمهم فيها هي أنها الأساس الذي تبنى عليه التجربة الفنية، ففي أساسات الفن هناك التشريح، وهناك المزج اللوني، وهناك الإطار، والصورة، والتوزيع البصري، كل هذا يجعل من التجربة الواقعية النقطة الأساس لأي هوية فنية يبني عليها الفنان تجربته، وبعد الواقعية أعتقد أنه يستطيع الذهاب حيث يشاء».

من أعمال الفنان الجديدة

يعتمد الفنان في تقديم لوحاته على اللعب على فن "البورتريه" مازجاً تقنياته مع خيوط لونية تغطي اللوحة بكاملها، ويقول في غاية هذه الخطوط: «هي تقنية تشبك بين اللون والخط، يمكنني أن أسميها الخيوط اللونية، إلا أن هذه الخيوط لا تشكل غطاء للوحة بقدر ما تعطي المشهد جمالية تربط اللوحة بأسلوبية جديدة، هذه الأسلوبية تستفيد من توزيع اللون الإضافي على مساحات اللوحة لتخلق امتداداً بصرياً إضافياً يغذي اللوحة بالاحتمالات المتعددة للرؤية وللمشهد البصري ككل».

تبرز رسوم المرأة في لوحات "محمود حسن"، حيث يتحدث عنها بالقول: «اختياري لرسم المرأة نابع من أهمية وجودها ومدى تأثيرها في الرجل وتأثرها به، وربما معاناتها بسبب بعض المعتقدات عند الكثيرين من الرجال، وما يميز لوحتي عن المرأة هو بحثي عن تجسيد لهوية خاصة لها على اتساع اللوحة، فهي المبتدأ وهي الغاية، وهي الوطن الذي يضم أبناءه في إطار واحد، فأنا لا أقدم المرأة ككائن جنسي لتحقيق إثارة بصرية، ولكن كما أرى في عملي أنا أقدم بحثاً عن لغة مختلفة تنقل بعض الهواجس إلى عالم اللون».

من أعماله الجديدة

في جدل التلقي والمتلقي، يذهب الفنان إلى حد رفض قَنوَنة العلاقة مع المتلقي، فهو، حسب تعبيره: «كائن حرٌ في رؤية اللوحة، حيث تأخذه فيذهب، ولا يوجد قواعد لقراءة المتلقي للوحة برأيي رغم أن اللوحة نفسها يجب أن تكون دليلاً للمتلقي وألا تلقي به في غياهب الضياع والتشتت، وفي النهاية الفن ليس مجرد تشويه للواقع بل هو أيضاً طريقة لقراءة هذا التشوه بشكل جميل للمتلقي وللفنان وللجميع».

يعمل الفنان إلى جوار عمله التشكيلي في المونتاج والتصميم الغرافيكي الفني للأفلام والأغاني، وقد نفذ العديد من الأعمال التي شاركت في مسابقات عالمية، منها فيلم (عبور، وماذا عني) للمخرج "زياد القاضي"، وفي هذا الانتقال يرى الفنان أن هناك علاقة تربط هذه التكنولوجيا بالفن، ويقول: «تعزز هذه التقنيات الرؤية بطريقة مختلفة عن السائد، فهي مع حركيتها وقدرتها الهائلة على تقديم مختلف الاحتمالات تضيف تراكماً في الوعي، يجعل مهمة التشكيلي أصعب يوماً بعد يوم حيث لا رحمة هنا لمن يتأخر عن إدراك هذا التسارع البصري الهائل».

الصرخة

الفنان التشكيلي "بسام ناصر" من متابعي الفنان، يقول في أعماله: «لديه أخلاقيات عالية انعكست على أعماله في صناعة قيم جمالية مستوياتها عالية حيث نجد في أعماله القليل من التصنع والكثير من الصدق. إنه يرسم البورتريهات الفنية مستخدماً خطاً فنياً بحساسية عالية، ويحتاج إلى نقلة فنية يتعامل فيها مع موضوعات أخرى تغذي تجربته بمزيد من التجارب اللونية والتشكيلية».

في حين يرى الفنان والنحات "فراس علاء الدين" في أعمال الفنان تسجيلاً يتشارك في صناعته اللون والفكرة والإحساس، ويذهب إلى القول: «في خطوطه تجد نفسك، وفي توازنه اللوني يخلق لديك كمتلقٍ حالة انبهار جميلة، لكن ذلك لا يعفيه من ضرورة الانتقال باللوحة من الحالة التسجيلية إلى فضاءات أوسع سيكون دون شك قادراً عليها».

يذكر أن الفنان "محمود حسن" من مواليد "اللاذقية" حي "المنتزه" عام 1971، درس الفن دراسة خاصة، إضافة إلى دراسته في مركز الفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة وتخرجه فيه بتقدير جيد جداً عام 1996، شارك في العديد من المعارض الجماعية منذ العام 1994، منها المعارض السنوية للوزارة، ومعارض مهرجان المحبة، ومعارض أخرى في العاصمة "دمشق".