التصوير بالنسبة له هواية طليقة ليس لها قيود، حيث ينوع كثيراً في صوره ويتميز باهتمامه بالتراث والطبيعة الصامتة،

فهو حسب قوله يتمكن خلال التصوير من الاحتفاظ باللحظات وتسجيل الذكريات.

الطبيعة الصامتة هي المختبر الفني للتصوير تختص في ترجمة تفاصيل الأشياء بقالب حسي، أحاول من خلالها إبراز جماليات الأشياء المحيطة بالإنسان وتقديم مقولات واختصارات من خلال الصورة، إلا أني دائماً أجد نفسي في تحدٍّ دائم مع هذا النمط لصعوبته والقيمة التي يحتويها

بدأ "هادي سميه" التصوير في سن الطفولة مستخدماً كاميرا فيلمية بسيطة يقول إنه يحتفظ بها إلى الآن، ويضيف خلال حديثه مع مدونة وطن "eSyria" في 28 آذار 2014: «منذ صغري كنت مولعاً بتعلم فن الخط العربي والتصميم الغرافيكي عند الفنان "علي جميل محمود"، حيث كانت بدايتي بكاميرا فيلمية بسيطة ألتقط بوساطتها عشرات الصور كي تنجح معي صورة أو صورتين أنشرهما بين الحين والآخر في جريدة الوحدة وأوزعهم على الأصدقاء والمهتمين، كانت تلك اللحظات في غاية الأهمية تعلمت خلالها الكثير وما زلت أتعلم كل يوم شيئاً جديداً».

"هادي سميه"

الفن هو الأسلوب الذي ترتقي به الأمم وتتميز به الحضارات هكذا يقول "سميه"، ويضيف: «هو النافذة التي تشرف على المجتمع وتلامس مشكلاته فهو يعكس الأفكار والانفعالات، إنه ظاهرة إنسانية راقية يجب العمل على تفعيلها في كافة مجالات الحياة كوسيلة للحوار الحسي بين المجتمعات، فالمجتمعات تستطيع اختصار مفاهيمها في نموذج إبداعي مترابط من خلال الأشياء الأساسية الموجودة فيه، يقول "دافنشي": ادرسوا علوم الفنون وادرسوا فنون العلوم، طوّروا حواسكم، تعلّموا كيف تنظرون إلى الأشياء وكيف ترونها، واكتشفوا أن كل الأشياء مرتبطة مع بعضها بعضاً"».

ويتابع: «أحاول جاهداً مراعاة المدلول الداخلي للصورة من خلال اختصار وتبسيط المواقف وتحويلها إلى صورة فوتوغرافية لها دلالتها الرمزية من خلال الغوص في تفاصيلها لإيجاد علاقة تواصل مع المتلقي. لقد تربيت في بيئة ريفية رائعة الجمال كثيرة التفاصيل المميزة ممتدة لأزمان بعيدة فيها عين خالدة ومعالم رائعة وبيوت طينية جمعت الحنين والمحبة والعلم والأصالة، إنها قرية "عين البيضا"، وفيها متحف تراثي ينطق بعبق التاريخ والأصالة، ويضم معالم تراثية نادرة رائعة الجمال إنه متحف الباحث "برهان حيدر" المرجع التراثي الذي لا ينضب، فالتراث أصبح بالنسبة لي هوية وأمانة فنية عليّ أن أكون أمامه على قدر المسؤولية».

بعدسته

ثم أضاف: «الطبيعة الصامتة هي المختبر الفني للتصوير تختص في ترجمة تفاصيل الأشياء بقالب حسي، أحاول من خلالها إبراز جماليات الأشياء المحيطة بالإنسان وتقديم مقولات واختصارات من خلال الصورة، إلا أني دائماً أجد نفسي في تحدٍّ دائم مع هذا النمط لصعوبته والقيمة التي يحتويها».

اهتمامه بالتصوير انعكس على حياته الشخصية، حيث يوضح ذلك قائلاً: «التصوير هو أحد الأدوات التي أستخدمها لإيصال أحاسيسي وأفكاري، حيث أصبحت باحثاً عن الجمال مهتماً بما حولي محاولاً مشاهدة الأشياء بمعانٍ مختلفة تلامس مشاعري وحالتي النفسية، حيث تأثر نمط حياتي كثيراً بهذا الفن، وتوسعت دائرة أصدقائي خصوصاً مع الذين أشاركهم فن التصوير، وأصبحت مهووساً بالمواقع والكتب والمعارض الفنية المتعلقة بهذا المجال».

من صوره

وإجابة عن سؤالنا هل أصبحت الصورة كفن ثقافة مجتمعية يهتم بها الناس ويتابعونها؟ قال: «الثقافة المجتمعية في التصوير الضوئي تعني الكثير من المعرفة والاطلاع والبحث في تفاصيل هذا الفن والغوص في أعماق الصورة، وهو بحاجة إلى الكثير من الدعم والمحاضرات والملتقيات من أجل تعميق هذه الثقافة، إلا أن أحداً لا يستطيع الإنكار أن شعبية هذا الفن تتزايد يوماً بعد يوم نتيجة أن الصورة أصبحت عنصراً أساسياً في مجالات الحياة اليومية من صورة فنية تحاكي الروح أو صورة إخبارية أو إعلامية أو إعلانية».

أستاذه الفنان والخطاط "علي جميل محمود" يصف علاقة تلميذه بفنون التصوير الضوئي بالعلاقة الروحية المتناغمة، ويضيف: «إن "هادي" يسعى دائما إلى البحث والتطوير معتمداً على حسه العالي وملاحظته الدقيقة، ويقدم صوراً تشرح تفاصيل وتعكس جماليات الواقع، فهو يعيش الحالة قبل التقاط الصورة، كما أن تعدد مواهبه بين التصوير والخط والتصميم الإعلاني جعل من شخصيته حالة جميلة تقدم رسالته بأساليب مختلفة».

فيما يقول المصور الضوئي الشاب "مازن يونس" متحدثاً عن "سميه": «في ظل ازدحام الفوتوغرافيين في "اللاذقية"، نجد مصوراً من نوع آخر يغرد خارج السرب سالكاً طريق الطبيعة بإبداع وتألق، حيث نرى حالة من الانسجام بين عدسته والمكونات الموجودة على أغصان الأشجار وأوراق النباتات ليقدم صورة جمالية للطبيعة الخلابة في الساحل السوري نستطيع القول: إنها ابداع الطبيعة الصامتة بالصورة الضوئية».