استطاع الشاب "جعفر سليمان" الانطلاق إلى سوق العمل متحدياً إعاقة من النوع الصعب جداً؛ هي الشلل الدماغي الذي رافقه منذ صغره عبر العمل كبائع متجول على كورنيش "جبلة".

وعلى مدار سنوات اعتاد "الكورنيش" وزواره على وقع خطوات "جعفر" المترنحة وحركته غير المتوازنة في رحلته اليومية لبيع ما يحمله من علب الدخان قبل نهاية كل يوم.

إن الشغل ليس عيباً ولا أقبل أن أجلس في البيت عالة على أهلي، بل أريد تحقيق أحلامي التي حرمت منها بسبب مرضي بمساعده أخي للوصول إليها

الشاب العشريني الذي بالكاد تفهم كلماته، تحدث في لقاء له مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 أيار 2015 عن عمله قائلاً: «بدأت العمل ببيع الدخان من حوالي العشر سنوات، وينحصر عملي على كورنيش "جبلة" فقط، صيفاً وشتاءً، ولعشر ساعات يومياً، بدأت العمل لحساب شخص كان يعطيني في اليوم مبلغ 400 ليرة سورية، ثم طورت عملي وأصبحت أعمل لحسابي الشخصي».

المحامي زين أسعد

يخبرنا "جعفر سليمان" أنه لم يدخل أي مدرسة، ولم يتلقَّ أي نوع من أنواع التعليم أبداً بسبب وضع أهله المادي السيء، ويتابع متحدثاً بابتسامة خفيفة: «بدأت العمل بناء على رغبتي بمساعدة أبي الذي يعمل حارساً على باب إحدى مدارس "جبلة"، كما أن أمي لا تعمل، ولدي أخ وحيد في المدرسة في الصف الثالث الثانوي لا أريده أن يفكر إلا في دراسته، وأحاول قدر الإمكان تأمين مصروفه الدراسي مع أبي، فأعطيه نصف مدخولي المادي».

إصابة الشاب بالشلل الدماغي لم تمنع أن يكون صاحب إحساس عالٍ بالمسؤولية ويبحث عن تحقيق أحلامه، يقول: «إن الشغل ليس عيباً ولا أقبل أن أجلس في البيت عالة على أهلي، بل أريد تحقيق أحلامي التي حرمت منها بسبب مرضي بمساعده أخي للوصول إليها».

أثناء العمل

رواد الكورنيش البحري أصبحوا بحكم العشرة يعرفون "جعفر"، وأصبح له صداقات مع العاملين في مقاهي الكورنيش، يتحدث لنا المحامي "زين أسعد" عن معرفته بـ"جعفر" فيقول إنها منذ بدأ العمل في المقهى قبل حوالي السنتين، يراه في اليوم أكثر من مرة يدخل المقهى ليبيع علب الدخان للزبائن، و"هو لا يقبل أن يعطيه أحد المبالغ المالية من دون أن يشتري منه، فهو صاحب عزة نفس لا نجدها عند كثيرين من الأشخاص الطبيعيين"؛ كما يقول "علاء".

حال الشاب هي حالة كثيرين في مثل وضعه، هم بأمس الحاجة للمساعدة في إيجاد عمل مناسب يتلاءم ووضعهم الصحي.

في العمل أيضاً