من جدارن المدرسة "الإينالية" انطلق "عادل جمل" مع مجموعة من شباب فريق "تكنو تراث" بحملة تنظيف وتظهير للنقوش الحجرية لجدران المدرسة، دفعهم لذلك حب التطوع وشغفهم بتاريخ "اللاذقية" وأوابدها الأثرية.

الشاب "عادل جمل" الطالب في السنة الرابعة بكلية هندسة العمارة بجامعة "تشرين"، وخلال حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 آذار 2015، قال: «بدأنا بحملة التنظيف منذ عدة أيام وفوجئنا بأن أغلبية طلاب المدرسة "الإينالية" حالياً إضافة إلى أهالي الحي لا يعرفون شيئاً عن هذه النقوش التي تزين جدران المدرسة، ويرجع السبب إلى العبث والجهل بقيمتها؛ حيث كان الناس يلصقون أوراق النعي والإعلانات على هذه النقوش؛ وهو ما أساء إليها وأفقدها بريقها وقيمتها. وفي البداية واجهنا صعوبة خلال عملنا لتراكم المواد اللاصقة فوق النقوش التي بلغت سماكتها حوالي "3سم"، والأكثر صعوبة هو إزالة المواد اللاصقة المتغلغلة بين الحروف وفي الزوايا الضيقة للنقوش، وحفاظاً على سلامة الحروف وعدم إلحاق الضرر بها امتنعنا في بعض الأماكن عن تنظيفها خوفاً من كسر الحروف التي هي بالأصل منقوشة على حجارة من أصول رملية».

كانت أبواب المدارس والمساجد في العصور السابقة أشبه بوسائل الإعلام؛ لهذا كانت تتم عملية النقش والكتابة على حجارتها ليتمكن الناس من قراءتها لكونها وسيلة الإعلام الأبرز في ذلك العصر، وللأسف الشديد غطت هذه اللوحات المهمة أوراق النعي والإعلانات وحجبتها وشوهتها، لكننا وبالعمل الجماعي نجحنا بإعادة البريق إليها

المهندسة "بشرى الريس" رئيس قسم الآثار في مديرية أوقاف "اللاذقية" الجهة المشرفة على العمل قالت: «منذ ثلاث سنوات تم تكوين لجنة الآثار والتاريخ في المديرية بهدف الحفاظ على الآثار الوقفية وترميمها، وحالياً قمنا بعملية تنظيف لإظهار النقوش الجدارية للمدرسة الإينالية الملاصقة للجامع المنصوري، وهناك تشاركية بالعمل وتفاعل من شباب الفرق التطوعية: "تكنو تراث" و"الأمانة السورية للتنمية"، وقد أبدى الجميع حماساً ونشاطاً، وهو ما أعطى للعمل بعداً فكرياً وإنسانياً وإعلامياً».

مضر كنعان

الباحث التاريخي الشاب "مضر عبد القادر كنعان" طالب ماجستير وحاصل على إجازة في التاريخ، من فريق عمل مديرية أوقاف "اللاذقية" قال: «تعد المدرسة الإينالية من أقدم الأوابد الأثرية في الساحل السوري وتقع في حي "الصباغين" بجوار الجامع الكبير المنصوري، بنيت عام "825" هجري والموافق لعام "1422" ميلادي، وتحتفظ واجهتها بالعديد من لوحات النقوش الكتابية المملوكية التي تعد سجلات فريدة تستقرأ منها الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية للساحل السوري في العصر المملوكي، وإلى جانب النقوش توجد ساعة شمسية على واجهة المدرسة لتحديد أوقات صلاة الظهر والعصر».

وأضاف "كنعان": «كانت أبواب المدارس والمساجد في العصور السابقة أشبه بوسائل الإعلام؛ لهذا كانت تتم عملية النقش والكتابة على حجارتها ليتمكن الناس من قراءتها لكونها وسيلة الإعلام الأبرز في ذلك العصر، وللأسف الشديد غطت هذه اللوحات المهمة أوراق النعي والإعلانات وحجبتها وشوهتها، لكننا وبالعمل الجماعي نجحنا بإعادة البريق إليها».

الفريق أثناء العمل وسط استغراب المارة

وعن المواد المستخدمة في العمل قال "مضر كنعان": «استخدمنا في بداية العمل الماء الساخن لدرجة الغليان ولأكثر من مرة، وبعد ذلك استخدمنا مادة سيد أسيدو المزيلة "cit acido"، إضافة إلى فراشٍ من الحديد وسيف الألمنيوم ومفكات البراغي من مختلف المقاسات الصغيرة والكبيرة كل حسب الحاجة إليه للحفاظ على قيمة الحروف واللوحات الجدارية، وعقب نهاية المرحلة الأولى سنقوم لاحقاً بأخذ مقاسات اللوحات ووضع غطاء من "الفيبر" إضافة إلى لوحة رخامية للتعريف بالنقوش كي يمتنع الناس من العودة إلى وضع الملصقات وأوراق النعي على النقوش».

بعد الانتهاء من العمل