محبته للدراسات التاريخية دفعته إلى الاتجاه نحو البحث والتعمق في التاريخ المحلي للساحل السوري عموماً، الذي يراه مظلوماً على مستوى الدراسات التي لم تكن منصفة لتاريخ المنطقة الساحلية.

بهذه الكلمات بدأ الباحث التاريخي الشاب "مضر عبد القادر خليل كنعان" حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 شباط 2015، عقب تقديمه محاضرة تعريفية بعنوان: "الساحل السوري في الفن الاستشراقي الحديث، واكتشاف مصدر تاريخي مفقود عن مدينة اللاذقية"، وأضاف "كنعان": «أعشق التحدي الذي دفعني لأتمرد على الواقع التقليدي للكثيرين من الدارسين، وقررت كسر القاعدة بغية تصحيح الكثير من المعلومات عن تاريخ "اللاذقية"، من خلال التركيز على أبحاث غير معروفة أو سبق طرحها في دراسات سابقة، وأنا أرى أن دراسة تاريخ الساحل السوري كالتنقيب عن الآثار، وما قدمته اليوم كان لتسليط الضوء على اللوحات الاستشراقية التي أعدّها مصدراً مهماً لتاريخ الساحل السوري، لم يكن تركيزي على المستشرق بقدر ما كان تركيزي على عمله بالدرجة الأولى».

أنا مع نشر تاريخنا وتوثيقه، ومحاضرة اليوم تشجعنا على تسجيل التاريخ والتعمق به؛ فلا نتطرق إليه بسطحية دون الغوص بالتفاصيل

وتابع: «قدمت مجموعة متنوعة من اللوحات لعدد من المستشرقين الذين صوروا الشرق بكل تفاصيل حياته وفق رؤيتهم مع تركيزهم على عاداتنا وتقاليدنا، ليسجلوا بأمانة حقبة تاريخية لم يتم توثيقها بالصور، فكانت الأسواق والمساجد والكنائس والبحر وكنوزه والقلاع، والكثير من العادات والتقاليد؛ مواد دسمة وثمينة للوحاتهم المتواجدة في متاحف أوروبا، ومن المستشرقين الذين تطرقت إليهم في بحثي اليوم الفرنسي "زييه" ولوحته "نسوة من اللاذقية" عام "1880"؛ الموجودة في متحف "نابليون الثالث "اللوفر" في باريس، والمستشرق "دي فو غيه" الذي قدم لوحة "القوس المربع" بكتابه "فن العمارة المدنية والدينية من القرن الأول حتى السابع"، وتعود اللوحة إلى عام "1865"، والفرنسي "تكسييه" وتقديمه عدة لوحات عن أعمدة "باخوس" المعبد والمسجد، ومواطنيه "البارون ري"، و"إيمانويل غليوم ري"، و"أوجين فلاندين"، و"لويس دو كلير"، إضافة إلى مستشرقين من "إنجلترا وألمانيا وإيطاليا وفيتنام"».

الباحث مضر كنعان

وأضاف "كنعان": «ما أقدمه هو تتمة ومكمل لأبحاث سابقة لي، منها مبادرة "حجر عتيق" قدمت فيها ست محاضرات تعريفية عن تاريخ محافظة "اللاذقية" بالتعاون مع "الأمانة السورية للتنمية"، إضافة إلى "17" بحثاً لموسوعة تاريخ الساحل السوري التي تشرف عليها وزارة الثقافة».

وختم بالقول: «بحثي اليوم يساهم بتوعية المجتمع المتشوق لمعرفة تاريخ "اللاذقية"، وهو ما يدفعني ويشجعني أكثر للتعمق والتوثيق وطرح كل ما أصل إليه لجيل الشباب الذي أراه منفتحاً على الحياة على عكس الكثيرين من كبار السن المنغلقين على أنفسهم».

الباحث ياسر صاري

من جهته قال الأستاذ "ياسر صاري" الباحث في تاريخ "اللاذقية" ومؤلف كتاب "صفحات من تاريخ اللاذقية"، وأحد الحضور: «تابعنا اليوم لوحات فنية لمستشرقين عكست عشقهم لتاريخنا بكل ما فيه من عادات وتقاليد، تم تخليدها بلوحات تعود إلى قرون طويلة خلت، والباحث أضاف اليوم الكثير من المعلومات عن تاريخ "اللاذقية"».

الشاب "أحمد أحمد" سفير موسوعة ويكيبيديا في "سورية" قال: «أنا مع نشر تاريخنا وتوثيقه، ومحاضرة اليوم تشجعنا على تسجيل التاريخ والتعمق به؛ فلا نتطرق إليه بسطحية دون الغوص بالتفاصيل».

مسجد العواميد - بقايا أعمدة باخوس للفنان الإيطالي ماير عام 1938

يذكر أن "كنعان" يبلغ من العمر 27 عاماً، طالب ماجستير حاصل على إجازة في التاريخ، والمحاضرة أقيمت برعاية مديرية أوقاف "اللاذقية" - "قسم التدريب والتأهيل"، بحضور عدد من الباحثين والمهتمين بتاريخ الساحل السوري.