تعرض الفنانة نجوى أحمد أعمالها في مقهى السرداب طوال شهر آذار الذي يرتاده الكثير من المهتمين بالفن والأدب وكان لا بد من البحث في هذه الأعمال وسبر الآراء ووجهات النظر التي تفاوتت من مشاهد لآخر في حين أغنت الفنانة نجوى الحوار بمعلوماتها القيمة.

في خطوة جديدة بدأ رواد مقهى السرداب يعتادون على رؤية أعمال فنية معلقة على الجدران في خطوة لم تكن مألوفة في مدينة اللاذقية قبل خمسة أشهر ومنذ ذلك الحين والمقهى مستمر في إقامة المعارض الشهرية لفنانين مختلفين وضيف المقهى لشهر آذار من هذا العام أعمال الفنانة التشكيلية نجوى أحمد تحت عنوان "تراثيات".

وهي أعمال متنوعة من الأكرليك والأكواريل والزيت لمجموعة تجارب توجتها الفنانة بتوجهها الأخير "تراثيات".

تصور الفنانة الحياة في الماضي القريب لرجال ونساء يقومون بأنشطتهم اليومية بأسلوب لامس الثقافة الشعبية في تلك الحقبة.

لا يغيب عن ذلك المعرض بعض اللوحات التزينية كالمزهريات للمناظر الطبيعية للبيئة المحيطة حيز أيضاً وهي التجربة التي بدأت فيها الفنانة بالبحث عن ملامح تجربتها اللاحقة.

نجد في هذه التجربة اندفاعاً كبيراً من قبل الفنانة نحو اللون وجماليته بما تحمله الأزهار من نقاء لوني مشرق وربما الموضوع هنا فرض نفسه فأفرزت تلك الأزهار من رحيقها لتعطر روح الفنانة بعبيرها، أما في اللوحات اللاحقة والتي حمل المعرض اسمه منها فالأمر مختلف إلى حد ما حيث نجد لمسات هادئة مدروسة تدل على مدى العناية التي أولتها للشكل ويتحول الزهو اللوني إلى فلك الأزرق ومشتقاته في لمسات هادئة مدروسة وتدل على العناية التي أولتها للشكل وحرصها على عدم المغامرة بعيداً في اللون.

تصف الفنانه نجوى أحمد تجربتها بأنها محاولة للبحث عن هوية سورية للفن التشكيلي تتفرد بها بعيداً عن التجارب الأجنبية وتؤكد قائلةً: "إن عملية البحث في الفن السوري جعلتني أنضج فنياً واكتسب شخصيتي التشكيلية الخاصة فأعمالي تستمد قوتها من عدة مؤثرات خلقتها البيئية المحيطه بي وهي علاقتي بالأعمال اليدوية كالحصر والبسط كما أن أعمالي تتأثر بالفسيفساء السورية أيضاً، ولمهنة التدريس التي أمارسها دور أيضاً قبل أن يدخل الفن الرقمي الذي كان له دور إيجابي في تطوير ثقافتي التشكيلية".

هنا لا بد لنا أن نذكر أن الفنانة نجوى أحمد تحمل الماجستير في الفنون الجميلة - قسم التصوير- منذ العام 2002 ومدرسة في كلية الهندسة المعمارية – جامعة تشرين، وأقامت معارض فردية في كلية الفنون للأعوام(1991-1994) وشاركت في العديد من المعارض الجماعية، أما المعرض الحالي فهو ماعرض في كلية الفنون الجميلة- جامعة دمشق في هذا العام.

elatakia التقت الدكتور عبد الحكيم الحسيني وهو مدرس في جامعة تشرين وفنان تشكيلي وكان عضواً في لجنة التحكيم التي حكّمت رسالة الماجستير فتحدث عن المعرض قائلاً:

"تستخدم الفنانة نجوى ألوان الأكرليك ذات المجموعة الصريحة والنظيفة في بعض الأحيان وهي تستخدم أسلوباً يذكرنا بتقنية الموزاييك والرقش متأثرة بفن البسط والسجاد الشعبي بشكل متميز ملفت للنظر تعطي أعمالها قيمة بصرية حركية وهي ترمي إلى ذلك من خلال مفهوم طرح أسلوب تراثي محلي يعطي لأعمالها شخصيتها المتميزة ونستطيع أن نقسم الأعمال المطروحة في المعرض في ثلاثة مجموعات رئيسة المجموعة الأولى هي أعمالها القديمة المنفذة بتقنية الاكواريل (المائي) والزيت. المجموعة الثانية هي الأعمال ذات الأسلوب الجديد الواقعي والتبسيطي أما المجموعة الثالثة فهي تجريدية زخرفية معاصرة ويهمنا في هذا المعرض أن نلفت الأنظار إلى أن سعي الفنانة إلى الوصول إلى شخصيتها الفنية لم يأت ببساطة عندما نعرف أن هذه الأعمال قد قدمت بعد دراسة نظرية لأطروحة الماجستير التي كان مضمونها هو (المحلية في الفن التشكيلي السوري على مدى القرن العشرين) و بالتالي فإن النص النظري أثمر عن أعمال جادة ذات أسلوبية سورية محلية"

وفي استطلاع لآراء بقية رواد المكان وجدنا اختلافاً في وجهات النظر مع أن الجميع متفق على أن الفنانة قدمت رؤيتها بما يقارب الكمال.

بشار بقعاوي شاب مهتم بالفن التشكيلي يقول: "إن هذه الألوان الصريحة المتلاصقة بعناية تذكرنا للوهلة الأولى بالأعمال اليدوية القديمة وهي تعطي انطباعاً مريحاً إلا أنها تقترب كثيراً من الحالة الهندسية في الواقع أجد نفسي بين مجموعة من الاتجاهات الفنية من واقعية وتكعيبية وتجريد حيث تاهت الخطوط وراء ذلك".

من جهتها نبال فضة مدرسة لغة فرنسية تقول:"أعجبتني الأعمال المائية أما بالنسبة لفكرة المعرض وأعمال الأكرليك فعلى الرغم من أني أميل إلى التراث لكني أجد المواضيع جامدة مقارنة مع الألوان المائية ويرتبط في ذهني عندما أذكر الماضي الألوان الترابية، في حين وجدت الأعمال هنا بألوان زاهية بعض الشيء".