يتقن فن الكلمة ويتعامل معها كمعشوقة هاربة من قصائده حيث تسكن الطبيعة في مفرداته الشعرية وتتلون بأطياف روحه الشقية الشاعر شعبان سليم من قرية "كفرية"،
عضو اتحاد الكتاب العرب طبعت له أربع مجموعات شعرية ومجموعتان لم تنشرا بعد ومجموعتان نثريتان الأولى بعنوان (أسفار عاشق) والثانية هي نص مشترك مع صديقة لم يطرح عنوانه بعد ولديه دراسات نقدية حول الشعرية والشعر والشعراء eLatakia التقت مع الشاعر (شعبان) في (12/6/2008) حيث حدثنا قائلاً حول علاقته بالطبيعة وتداخلها في مفرداته الشعرية: أنا لم آخذ من الطبيعة ولم أستعر منها صورة إنما دخلت في توقها وأتونها وهي بالمقابل استفزت في أعماقي هذا الحزن وهذا التوق وحاولت أن أؤنس هذه الطبيعة كي تسمو بي وأسمو بها علنا نكتب نصاً جميلاً هذه المفردات التي دخلت من تحت أظافري ولم تخرج وتستفزني دائماً بروحها التي تظلني بمفرداتها وأرى نفسي مقصراً في بعض نبضها لكنني مدين لها وهي مدينة لي لأننا معاً نشكل نصاً واحداً وأتمنى أن يحلق هذا النص.
وعن الأنثى في أشعاره وكيف يراها أجاب قائلاً: "قد تشكل إشكالية الأنثى في شعري لغزاً يصعب فك رموزها فبين الأنثى الابتسامة، والأنثى الخيال، والأنثى المعشوقة تتداخل وتختلط معالمها فتكون أنثى حاضرة غائبة أنشد حنانها وأتقرى جمالها واستحبها في مشوار مسائي أو أهرب معها عبر فنجان قهوة.
وحول تفرد "شعبان" بالشعر الذي له علاقة بالخلق أجاب قائلاً: أرى أنه علي أن أعيد ترتيب الكون وإن لم يعجبني هذا الكون أقوم بخلق كون آخر فهذا الكون لا علاقة له بالأخلاق والمثل بل له علاقة بالشكل الجميل وأجمل مخلوقاتي هي التي لا يمكنك الدخول إلى أعماقها دفعة واحدة وتلك التي اصطدم بها في فضاء غير منظور وهذه المخلوقات تتمتع بقدرة عجيبة على التحليق لذلك أهفو دائماًً إلى خلق جوانح لهذه الكائنات بالرغم من ضعفها أو عدم معرفتها أصول التحليق لأنني أؤمن تماماً أن الكائن الحي بكل تنوعاته /ليس الإنسان فقط/ يملك روحاً قد أنصهر بها وتنصهر بي أو ننصهر معاً لأقتلع من هذه الأرض الزيف.
وعن علاقته بالمفردة التي تعنيه شخصياً وأين يكمن ذلك قال: "يبدو أن التناقض الذي أعيشه وإرث الطفولة الذي حملته ينكأن جراحي دائماً فأبدو متضادا وغير متجانس مع ذاتي فمثلاً أرى في الوردة رحيق رماد، وعيون نخيل، ونزيف جياد، وجداراً ومعشوقة وآلهة وأمة كافرة وسماء ضيقة وتوق عاشقين يكتبان حزنهما على قبة السماء وهذه الثنائية لم أشتغل عليها انطلاقاً من مبدأ النقيض بالنقيض إنما هذه النقائض تعيش بداخلي لتدفع بأصابعي للكتابة مزودة ببعض جوانح حلم أو صخور قهر أو أصابع أنثى في قصيدة تخصني ولا أدعي أنني متفرد جداً من بعض الشعر السوري لكنني أعتز بهذه التجربة.
وحول تمسكه بشعر التفعيلة قال: "كأي شاعر ريفي بدأت بالشعر العامي ثم العمودي وقد أغنى ثروتي السماعية القرآن الكريم والمعلقات ثم رأيت في الشعر العمودي قبراً يضيق بروحي المشاغبة فملت إلى التفعيلة علها تتسع لشغبي وأحياناً لا أتقيد بتفعيلة واحدة في القصيدة ثم أحسست أن التفعيلة لا تتسع لنقائضي فأنفلت إلى كتابة نص نثري وقد أكتب الرواية وأمامي الآن مشروع رواية وأنا مؤمن أن الإبداع الحقيقي ليس له شكل محدد فالقصيدة كفتاة جميلة قد يظهر حسنها في ابتسامتها أو مشيتها أو عينيها والشاعر المجيد هو من يؤرخ تلك اللحظة علماً أن عملي في الصحافة قد قتل مني الكثير من الإبداع لأنه جعلني اعتاد على نسقية ما في الحياة.
وحول المشهد الشعري العربي والعالمي قال "شعبان": أنا أقول دائما أنه لم يعد هناك شعراء كبار كما كانوا يقولون سابقاً ويبدو أن العصر أو الزمن له دور في ذلك حيث يحق لأي مدعي أو متثاقف أن يركب حصان الشعر دون أن يحمل سيفاً وأحياناً أقف صامتاً أمام تلك الحالات وقد يمتد هذا الصمت إلى نبض قصيدتي وقد تعتريني صرخة الطفل الوليد الذي يتنفس الهواء لأول مرة وبقدر ما نحن بحاجة إلى صمت أحياناً نحتاج إلى الضجيج لكني أرى مع ذلك خط أو جو شعري فيمكن أن أقول بعض الأسماء التي تحضرني الآن في الذاكرة مثل (تمام التلاوي، نافع معلا، شعبان سليم) وأحياناً عبد الكريم شعبان وهذا في اللاذقية وهناك أسماء مهمة في الشعر السوري كما أرى في هذه الآونة أن بعض الشعراء العراقيين قد بثقوا نتيجة لظروف العراق وفي العام هنالك شعراء مغاربة رائعون جداً وأحدد في موريتانيا وتجارب رائدة في الشعر الياباني الحديث ولا أستطيع تقييم التجربة بشكل كامل لعدم اتصالنا مع العالم الخارجي وقد تكون الترجمة السبب أو نحن.
وعن تجربته الشعرية يقول: "يمكن أن ألخص تجربتي الشعرية بأنها ترتكز على دعائم ثلاث هي الطفولة والأم و(كفرية) قريتي مضافاً إليها حديثاً تلك المعشوقة الهاربة التي تنفذ من بين أصابعي كماء نهر قريتنا، وأرى أنها الروح التي تؤرخ لتجربتي الشعرية فأحياناً تتسع وتضيق لتخرج القصيدة كيفما شاء وأعتقد أن هنالك خلل واضح في علاقة النص المنتج حالياً مع المبدع وربما كان السبب المبدع أو المتلقي لأن معظم شعرائنا أهملوا أن المتلقي جزء من النص أو أن القصيدة عروس نزينها ليلة عرسها أو تزلف أو مديح لذلك أنا دائماً أركز على جدلية العلاقة بين المتلقي والمبدع، ولا أقرأ النصوص المسودة لنقاد أو شعراء وإنما لأصدقاء وقد يكونون أطفالاً.