بالسرد واللغة البسيطة، توجهت القاصّة والروائية "سلوى إبراهيم" بقصصها ورواياتها إلى شرائح المجتمع كافة، حيث غلبت سمة وجدانية على أدبها الذي استقته من الواقع، فأنتجت أدباً اجتماعياً في ثلاثة أعمال أدبية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 8 نيسان 2018، القاصة والروائيّة "سلوى إبراهيم"، فتحدثت عن حياتها وبداياتها قائلة: «عمري 53 سنة، لكنني عشت ضعف عمري بكل المقاييس، ووصلت إلى قمم المشاعر بكل شيء؛ قمة الأسى والقهر والسعادة، ومتصالحة مع نفسي منذ طفولتي، أتبع المنطق وأبحث في تفاصيل الأمور من أين تبدأ وكيف تنتهي، حيث أرى النهايات ولا يمكن أن تكون بداية بلا نهاية.

حين بدأت الكتابة باحتراف عام 2006، مرض والدي بمرض السرطان، حيث قمت بطباعة مجموعتي القصصية الأولى: "البيع في حي الأغنياء"، ووفاءً له تبرعت بريع الكتاب لمرضى السرطان بالتعاون مع جمعية "فرح"، وروايتي: "البحث عن فراغ"، أيضاً تبرعت بريعها لجرحى "الجيش العربي السوري" وفاءً لروح أخي الشهيد "أمين حافظ إبراهيم"، أما روايتي: "أنت خسرت"، فقد ذهبت بزحمة الحرب ووزعتها على الأصدقاء والمهتمين

الطفولة المتمردة هي التي صقلتني وكوّنت شخصيتي، حياتي الاجتماعية مزيج لأسرة ريفية انتقلت إلى المدينة، فالحنين إلى الريف الذي لم أعشه والطبيعة، كما أن ريفنا فقير بسيط ومادة خام دفعتني إلى اكتشافها، كنت أتسلق الجبال، وألاحق الحشرات، وأبحث عن تفاصيلها وحركتها لدرجة أنني في طفولتي كنت أقول سأصبح باحثة في عالم الحشرات، وحين كبرت دخلت الجامعة، قسم الأدب الإنكليزي، ولم أكمله، كما سجلت في كلية الآثار والمتاحف، ولم أتخرّج بسبب ظروف كثيرة دفعتني إلى التخلي عن طموحي الدراسي».

تكريمها في أحد الأنشطة

كان للأدب حكاية أخرى مع الكاتبة "سلوى إبراهيم"، وتقول: «حبي للاستكشاف وعقلي التحليلي شكّلا مخزوناً كبيراً في ذاكرتي، حيث كان أول عمل كتبته عبارة عن قصة قصيرة بعنوان: "حذاء العيد" عام 1983، كما كان أساتذة اللغة العربية يثنون على قوتي وقدرتي على التعبير، وحين كبرت جعلتني ذكريات الطفولة أبحث في الواقع ودهاليزه الكثيرة، والظلم الذي يُمارس على الطفل وحرمانه، والعنف ضده، وظلم الأهل لأطفالهم نفسياً واجتماعياً، وبعض القضايا الاجتماعية التي تشغل المجتمع، حيث أسردها بطريقة الأدب الاجتماعي الذي أهدف من خلاله إلى الإصلاح وإيجاد الحلول والتوعية.

كنت أقرأ الأدب العربي، ووجدته أقرب إلى تجربتي، فقد قرأت لـ"حنا مينة"، و"كوليت خوري"، والكتب السياسية والفلسفية، وكانت حينئذ أكبر من عقلي وقدرتي على فهمها، لكن حين كبرت استوعبت أكثر، وبدأت الكتابة، وأرى صدى ما أكتبه في محيطي الضيق وأعرضها لأكثر من شخص، فردة فعل القارئ هاجسي الدائم، أعتمد الواقع والخيال، وأجعل الواقع أكثر سيطرة؛ لأنني أكتب الواقع الاجتماعي وأمزجه بالمشاعر».

أمل حورية

الواقع كان بالنسبة لها البذرة لأدبها الاجتماعي والأسلوب واللغة البسيطة مفتاحها للمتلقي، حيث قالت: «أقوم بأخذ الأفكار من ضجة الواقع، وأعمل على تأمين الهدوء والسلام لها، وأنسجها في قصص وروايات، وأنتجها أدباً اجتماعياً ملوّناً بالخيال. كما أن للمكان الذي تربيت فيه، وعلاقة الناس بعضهم مع بعض في الحي القديم الذي عشت به دوراً في أدبي، حيث الصدق والعفوية.

أعتمد في القصة والرواية أسلوب السرد والمونولوج، وأضع فيهما من روحي، وأعيش شخوص رواياتي لتصل بصدق تجعل القارئ منجذباً، وأعطيه صحوة أنقله من عالم الخيال إلى الواقع والاسترسال، إضافة إلى البساطة التي يستطيع فهمها القارئ المثقف والعادي، فإن عالم الكتابة نقلني من عالم الفرد إلى عالم الجماعة، كنت شخصاً، وصرت أشخاصاً».

أعمالها الأدبية

اقترن أدبها بالعمل الإنساني، حيث تقول عن ذلك: «حين بدأت الكتابة باحتراف عام 2006، مرض والدي بمرض السرطان، حيث قمت بطباعة مجموعتي القصصية الأولى: "البيع في حي الأغنياء"، ووفاءً له تبرعت بريع الكتاب لمرضى السرطان بالتعاون مع جمعية "فرح"، وروايتي: "البحث عن فراغ"، أيضاً تبرعت بريعها لجرحى "الجيش العربي السوري" وفاءً لروح أخي الشهيد "أمين حافظ إبراهيم"، أما روايتي: "أنت خسرت"، فقد ذهبت بزحمة الحرب ووزعتها على الأصدقاء والمهتمين».

أما القاصّة ومدرّسة اللغة العربية "أمل حورية"، فتحدثت عن أدب "سلوى" قائلة: «كلماتها وأفكارها تعبق برائحة الأرض بعد ليالي المطر، وشخصيتها تحمل الكثير من أصالة الفتاة الريفية وبساطتها وعفويتها، وفيها انصهار بوجدان الإنسان المنشطر بين قديمه البسيط البريء وجديده المترع بتناقضات العصر والتكنولوجيا والزيف والنفاق، فهي تحاول الأخذ بيد أبطال رواياتها وقصصها إلى الشط الآمن بعد محاولات كثيرة، تجدف معهم في أخطائهم وتناقضاتهم لدرجة أنها تقنعك بصواب أخطائهم أحياناً، لكنها في النهاية تردهم إلى منبتهم الأصيل، فتعود شخصيات رواياتها إلى جذورها.

أدواتها تتطور من عمل إلى آخر، فقد أصبحت اللغة مطواعة في ريشة قلمها، تسكبها ضمن أفكارها بأسلوب مشوق ضمن سرد حكائي بعيد عن الملل، وفيه ما فيه من غوص في أعماق النفس البشرية وصراعها بين الخير والشرّ».

يُذكر أن القاصّة والروائية "سلوى إبراهيم" من مواليد مدينة "اللاذقية" عام 1963، ولها ثلاثة كتب مطبوعة، و"فحيح الرماد" قيد الكتابة، وعضو في نادي "أوغاريت" الثقافي، وقد شاركت في عدة أمسيات أدبية.