ربّان الرواية البحرية مازال يبحث عن لآلىء البحر مبتعداً عن الشاطئ، همّه الولوج إلى العمق الإنساني بفكره الصافي.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنان "إلياس الحاج" بتاريخ 13 أيار 2017، وعن مسيرته الفنية قال: «عشقت بيئة البحر التي تفتح روحي على مداها، وفي "اللاذقية" درست مراحل تعليمي حتى الثانوية، عرف عني منذ طفولتي تعدد مواهبي بين فن التمثيل والكتابة الدرامية والإخراج، إضافة إلى الرياضة وخاصة السباحة، وكرة الماء، وقد أحزرت كسباح بطولات عدة، منها بطولات مسافات طويلة، إضافة إلى تعلقي بكرة القدم وكرة السلة واليد والطاولة، كما مارست العمل الصحفي والنشر في الدوريات المحلية والعربية في عمر مبكر، ومع كل تجربة حياتية ودرامية كان البحر والإبحار عالمي بكل ما فيه من تناقضات، البحر بالنسبة لي هو الرمز المطلق لتواصلي مع ذاتي وحياتي في مواجهة مختلف أنواع الأنواء».

لم تقتصر رسالتي يوماً على مقولة أو حكمة، إنما على نتائج، وكل عمل أنجزه مؤلفاً أوممثلاً أو مخرجاً حمل مقولته الإنسانية والاجتماعية، والرسالة الوطنية لا تنفصل عن مقولة أي عمل، وهي كالإبحار والدعوة إلى الانطلاق دائماً من شواطئ الحب إلى المدى والأفق

ويتابع عن بداياته الفنية: «في مطلع سبعينيات القرن الفائت وأنا في العاشرة من عمري، كانت البدايات مع التمثيل وممارسة الأنشطة في النادي الموسيقي وفرقة الكشاف، أعتز بالأدوار التي شاركت بها كان أولها مسرحية "مهاجر بريسبان، وسهرة مع أبي خليل القباني"، ثم توالت الأعمال، وقد أحرزت أيامها جائزة أفضل ممثل في مهرجان الهواة في "حلب"، كان للثقة التي منحني إياها والداي وعمي الكاتب والمخرج ورائد المسرح في اللاذقية "جرجي الحاج" دور بتشجيع موهبتي. إلى جانب المسرح، كانت تجربتي مع الأعمال الدرامية الإذاعية والتلفزيونية، ويصعب حصر الشخصيات التي جسدتها، ومن المسلسلات على سبيل الذكر لا الحصر: "الأمانة والحب"، و"طرفة بن العبد"، وغيرهما الكثير، وعملت ممثلاً أولاً في معظم المسلسلات التي أنتجت من تأليفي في القطاعين العام والخاص، منها: "الرجال والضباب"، و"البحر أيوب"، و"رقصة الحبارى"، ولكل شخصية أثر خاص في نفسي، أما عن حلمي في تجسيد الشخصيات، فأظن أن كل ممثل يطمح أن يجسد الشخصية التي تضيف جديداً إلى سجله، وأطمح إلى تحقيق شخصيات أقرب إلى الكاريكاتورية. أما بمجال الإخراج المسرحي والتلفزيوني البداية كانت مع الأعمال المسرحية والفرقة التي أسستها في عمر مبكر "العابس والضاحك"، ثم أعمال مسرح "اتحاد شبيبة الثورة" والنادي الموسيقي، كما قمت بإخراج تجارب مسرحية في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وقدمت عدداً من التجارب في مسارح "دمشق" إلى أن أسست فرقة "مسرح الأطفال" وقدمتُ من خلالها عشرات العروض المسرحية في مختلف المحافظات السورية وخارج "سورية"، كما أن أول الأعمال الدرامية التي قمت بإخراجها كان فيلم "حياة للفرح"، ثم توالت الأعمال الدرامية والمسلسلات والبرامج التلفزيونية التي يصعب حصرها».

إلياس الحاج مكرماً

ويضيف "الحاج": «أركز في أعمالي على التفاصيل الدقيقة لكل مشهد أنجزه، على أن تكون الرؤية البصرية الزمانية والمكانية منسجمة بإيقاعها مع جوهر الحدث وحالات الشخصيات، أهتم أولاً بالسيناريو؛ أي بتفاصيل الورق قبل أن أخرج إلى التصوير كمخرج.

عملت خلال مسيرة حياتي على إعداد وإخراج البرامج الثقافية والفنية المنوعة، منها: "غداً نلتقي"، و"مجلة التلفزيون"، و"المجلة الثقافية"، و"ليالي رمضان"، وغيرها، إضافة إلى سلسة سهرات: "بحر الفنون"، و"مساء أوغاريت"، و"عطر البحر". أخرجت العديد من الأعمال الدرامية التلفزيونية وهي من تأليفي، كان آخرها الفيلم الروائي الطويل "خبطة قدمكن". أما نشاطي الإذاعي، فقد بدأ منذ الثمانينيات كمؤلف للتمثيلية اليومية المفردة والسهرات الدرامية الإذاعية الأسبوعية والمسلسلات، منها: "جزيرة الأسرار"، و"كوكتيل أحلام"، إضافة إلى مشاركتي بتمثيل مئات الحلقات الدرامية، منها: "المهاجر"، و"حكم العدالة"».

أحد دروع التكريم المقدمة له

ويقول "الحاج" عن علاقته مع الكتابة: «أول ما أبحث عنه في تفكيري هو الحدث والشخصية الدرامية التي ربما أصادفها في الحياة وأرسمها في مخيلتي، فأبحث عن شبيه لها في الواقع، أميل إلى كتابة أحداث تتحداني، وتثير لدي الرغبة الشديدة لتخرج بصدق إلى الناس، وتجعل المشاهد أوالقارئ لها في حالة تماهٍ واندماج تام مع شخصياتها، كتبتُ أعمال البيئة الشامية التي صورت في مواقعها الطبيعية "القيمرية"، "الشاغور"، "باب توما"، وغيرها من الأحياء التي لامست تفاصيلها روحي ووجداني، والتي تقاطعت مع بيئتي في "اللاذقية" من حيث طبيعة الناس وتلاحمهم، والعادات والتقاليد. أما بيئة البحر، فهي عشق قديم للاذقيتي التي احتضنت ذكرياتي الأولى وموهبتي، وإيماني برجل بحر عتيق عاش عمره يصارع رياح وأمواج الحياة في ميناء "اللاذقية" ولا يزال، والدي من علمني كيف يكون لسارية قلمي معنى».

له رسالته، عنها يقول: «لم تقتصر رسالتي يوماً على مقولة أو حكمة، إنما على نتائج، وكل عمل أنجزه مؤلفاً أوممثلاً أو مخرجاً حمل مقولته الإنسانية والاجتماعية، والرسالة الوطنية لا تنفصل عن مقولة أي عمل، وهي كالإبحار والدعوة إلى الانطلاق دائماً من شواطئ الحب إلى المدى والأفق».

من مشاركاته التمثيلية

ويتابع عن تكريمه: «حصدت منذ سبعينيات القرن الماضي إلى اليوم العديد من الجوائز، ممثلاً وكاتباً ومخرجاً، كما حصدت أعمالي الإذاعية والتلفزيونية الكثير من الجوائز الذهبية في مهرجانات "القاهرة الدولي"، و"الإسكندرية"، و"قرطاج"، و"الجزائر"، و"العراق"، وكرمتُ بدرعي "الإبداع الذهبي"، و"الرواية التلفزيونية"، وفي احتفالية "دمشق عاصمة الثقافة العربية"، وزارة الإعلام السورية 2008، مُنحت "لقب "ربان رواية البحر"، وكرمتُ بشهادة تقدير اتحاد الإذاعات والتلفزيونات العربية، نقابة الفنانين، المسرح الجامعي. أما أهمها، فكان تكريمي بمسابقة الجائزة الدولية "URTI". أما حكمتي المفضلة في الحياة، فهي: "أخلص لعملك يعطيك"».

عنه قال الفنان "جرجس جبارة": «رجل محب، مخلص، معطاء، استطاع خلال مدة زمنية قصيرة أن يكون موجوداً على الساحة الأدبية من خلال كتابة السيناريو، قدم الكثير للدراما الإذاعية، وفي التمثيل له تجارب قد تكون متواضعة، شخص مؤرخ يرصد تاريخ الفنانين، في الإخراج التلفزيوني متعدد البرامج الفنية والوثائقية والأفلام الروائية الطويلة، وكان لي تجربة معه بأحدها، أتمنى له الاستمرار وطول العمر ليستطيع أن يكون دائماً موجوداً على الساحة الثقافية في "سورية"؛ لأننا نفتقد لوجود أشخاص مثله».

أما الأديبة "مناة الخير"، فقالت عنه: «يهتم في عمله بأدق التفاصيل، يحترم ضيفه، ويدير سهراته باقتدار شديد، كان لي معه بعض المحاولات للكتابة؛ فأنا امتلك الفكرة من جانبها الأدبي؛ وهو يمتلكها من جانبها المسرحي أو التلفزيوني، هو "سينارست" بارع في صياغة المشهد، شخص مثقف لديه القدرة على التعبير عن هذه الثقافة في كل ما يقوم به من أعمال، هو من الأشخاص الذين تركوا بصمة بأعماله ولا سيما خلال وجوده في "اللاذقية"، ويمكنني القول لو توافرت له الإمكانات العالية المحيطة بعمله، لربما استطاع منافسة كبار المعدين على مستوى الوطن العربي على الرغم من أنه أثبت حضوراً مهماً».

يذكر أنّ "إلياس الحاج" من مواليد "اللاذقية"، عام 1962.