يستغرب الشباب المترفعين عن ركوب الدارجة الهوائية رؤية فتاة تركبها متجهة إلى العمل أو النزهة، لكن "رغد" التي استطاعت كسر حواجز المجتمع، لا تلتفت وراءها كثيراً، بقدر ما تنظر أمامها إلى مدينتها بسيارات أقل ودرّاجات هوائية أكثر.

"رغد فاروسي" طالبة دراسات عليا اختصاص رياضيات، أسست صفحة على موقع "فيسبوك" بعنوان: "مع البسكليت أحلى"؛ بهدف تنظيم جولات جماعية على الدراجة الهوائية للجنسين، فحققت فكرتها الانتشار بقوة في أوساط مستخدمي "الفيسبوك" من أهالي مدينة "اللاذقية"، وتجاوز عدد أعضاء الصفحة 3000 شخص في بضعة أشهر، وفعلاً نجحت هذه الصفحة باستقطاب أناس لم يتجرّؤوا أن يركبوا الدراجة من قبل بعد أن بلغوا سنّ الشباب، وازداد عدد المشاركين في نشاطات المجموعة تباعاً من يوم إلى آخر في جولات نزهة جماعية شملت ضواحي المدينة وأريافها.

بقدر ما يوجد أناس أسمع منهم كلاماً يضايق، أسمع من آخرين إطراءً وتشجيعاً لكي أستمرّ

مدونة وطن "eSyria" التقت الشابة "رغد" بتاريخ 17 تشرين الثاني 2016، لتحدثنا عن مبادرتها بالقول: «أسّست على موقع "فيسبوك" صفحة تروّج لركوب الدراجات، وقد لاقت نجاحاً وإقبالاً كبيراً، وما يهمنا هو الفكرة التي بدأت تنتشر، وهدفنا أن يصبح ركوب الدراجة طبيعياً في مجتمعنا، خاصة للفتيات، ولأننا في المجموعة بادرنا رأتنا أخريات وتشجعن لاقتناء "بسكليت"، ليس فقط ليشاركننا جولاتنا الجماعية، وإنما أصبحت لهن وسيلة نقل أساسية يومية».

رغد أثناء التحضير لجولة "مع البسكليت أحلى"

"رغد" بدورها تركب "البسكليت" يومياً، وهي سعيدة بممارستها هذه، وتقول: «شعور رائع جداً، لا أحتاج إلى "تاكسي" أو أن أقف على المواقف في الزحام لأنتظر "الباص"».

تتجاهل "رغد" ردود فعل الناس الذين لم يعتادوا رؤية الفتاة على دراجة، وتقول: «بقدر ما يوجد أناس أسمع منهم كلاماً يضايق، أسمع من آخرين إطراءً وتشجيعاً لكي أستمرّ».

من الشبان الذين انضموا إلى المجموعة باكراً "أسامة خويلد" خريج كلية الاقتصاد وموظف بجامعة تشرين، هو على توافق بالرأي حول أهمية هذه المبادرة مع "رغد" مثله مثل كثيرين من الأعضاء: «كثيرون عندما رأونا تشجعوا وقرّروا ركوب "البسكليت"».

عبارة سمعناها من أغلب أعضاء المجموعة الذين التقيناهم، ويضيف "خالد": «مع المجموعة للمرة الأولى أرى الفتيات يركبن "البسكليت"، وهنا ألمس قدرة هذا النشاط على تغيير نظرة المجتمع لسلوك الفتيات، وأغلب اللواتي يركبن "البسكليت" هن طالبات جامعيات أو خريجات، وهذا دليل على وعي الفئة المتعلمة لأهمية هذا الفعل، وعدم اكتراثهن للعادات أو النظرة المتخلفة، التي يجدونها عائقاً لتقدم حياتهم».

"أسامة" يذهب أيضاً إلى عمله على "الدراجة الهوائية"، ولكونه من الكادر الإداري في الجامعة، فهو يستطيع إدخال دراجته إليها، لكن حتى الآن لم يتم السماح للطلاب بإدخال دراجاتهم، مع أنهم أكثر من يحتاج إليها. وبذات المستوى لا وجود للدراجة الهوائية في قوائم وسائل النقل عند أغلب الناس، ولا توجد قوانين تحمي سائقها أو منشآت تسهل وجودها في المرافق العامة، وإلى أن يسقط جدار تلك العادات سيبقى هناك أناس يرون أن "اللاذقية" "مع البسكليت أحلى".