سجّل الدكتور "مهران زيتي" ثلاثة أنواع من "الأكاروسات" النباتية في العالم، إضافة إلى تسجيل 14 نوعاً أكاروسياً من "الهند" للمرة الأولى، وهو حاصل على جائزة "الكانثولا" للتفوق الأكاديمي، ولديه مجموعة أبحاث منشورة في مجلات علمية دولية متخصصة بالتصنيف.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 1 تشرين الثاني 2016، مع الدكتور "مهران زيتي" ليحدثنا عن نشأته ورحلته الدراسية، فقال: «ولدت في أسرة ريفية تعمل في مجال الزراعة، وأبي من الخريجين الأوائل في الثانوية الزراعية، تعرفت إلى الزراعة من نعومة أظفاري، وانتقلت بين حقول القمح والتبغ، وتعلمت طرائق الزراعة لكل منهما، وكذلك أهم الآفات المرافقة لهما، وانتقلت بين المدرسة الابتدائية والإعدادية في القرية، ثم حصلت على الشهادة الثانوية بمجموع مرتفع خوّلني لدخول كلية الهندسة الزراعية في جامعة "تشرين"، عام 2002، واخترت الاختصاص في قسم وقاية النبات؛ لأهميته في حياة المزارعين من خلال تشخيص الأعراض الناتجة عن الآفات الزراعية بهدف الوصول إلى طرائق وسبل المكافحة المناسبة، وتناولت في مشروع تخرجي دراسة آفة حلم صدأ البندورة وتخرجت خلال العام الدراسي 2006-2007، وعُيّنت في مركز "البحوث الزراعية" التابع للهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية عام 2008 في "اللاذقية"، ثم رشحت لمفاضلة البعثات العلمية الصادرة عن وزارة التعليم العالي، ووقع اختياري على البعثة الخاصة بالأكاروسات النباتية في "الهند"، وحصلت على المنحة بفضل مجموعي العام في الإجازة، وتم أيفادي للحصول على الدكتوراة في "الأكاروسات" النباتية عام 2009».

بعد حصولي على درجة الماجستير عام 2011 تمّ ترشيحي من قبل القائمين على المجلس الهندي للعلاقات الثقافية للحصول على جائزة "الكانثولا" عن درجة الماجستير للطلاب الأجانب، فهي تعتمد المجموع العام، إضافة إلى تزكية الجامعة والقسم، وكذلك الدكتور المشرف للطالب المرشح، وكان لي شرف الحصول عليها، وتمّ تكريمي خلال شهر آب في العام نفسه بحضور رسمي وطلابي من اتحاد الطلاب الأجانب

وفيما يتعلق بمسيرته الأكاديمية مع "الأكاروسات" النباتية في "الهند"، قال: «جاء اختياري للعمل مع تصنيف "الأكاروسات" النباتية، (وهي كائنات مجهرية لا ترى بالعين المجردة، وتتبع مفصليات الأرجل وأحد أنسباء الحشرات، لكنها تختلف عنها بعدد الأرجل؛ أربعة أزواج من الأرجل للأكاروسات، وثلاثة أزواج للحشرات، إضافة إلى امتلاك الحشرات زوج من قرون الاستشعار التي استعاضت عنها "الأكاروسات" بالملامس القدمية). لعدم وجود باحثين بهذا المجال في "سورية"، ولأهميتها كإحدى الآفات التي تصيب المحاصيل الزراعية، على الرغم من إهمالها واعتبارها في "سورية" من الآفات الثانوية، إضافة إلى انصراف العاملين في هذا المجال على دراسات المكافحة واختيار نوع واحد هو "Tetranychusurticae" كأكاروس قياسي لجميع الدراسات، على الرغم من وجود العديد من الأنواع غير المعروفة للعاملين، التي تصيب المحاصيل الزراعية. انضممت إلى جامعة العلوم الزراعية "بنغالور" في قسم الحشرات الزراعية للحصول على الماجستير، كان يجب خلال العام الدراسي الأول إكمال 15 مقرراً دراسياً، حيث عملت بكل جهد ووصلت النهار بالليل للحصول على موقع متميز بين زملائي، بدأت الجانب البحثي في العام الثاني، واخترت منطقة "بنغالور" بهدف حصر جميع الأنواع الأكاروسية المرافقة لنباتات اخترتها كنباتات شائعة في "الهند" و"سورية"، وكانت الحصيلة حصر 72 نوعاً أكاروسياً تتبع 38 جنساً و17 عائلة أكاروسية، كان معظمها يتبع إلى عائلة المفترسات الأكاروسية "Phytoseiidae"، وبعض الأكاروسات المتطفلة على النبات، وسجلت نوعاً جديداً للمرة الأولى في العالم "Neophyllobius lalbaghensis Zeity and Gwoda"، وهو من الأنواع المفترسة، الذي كان مترافقاً مع أنواع مختلفة من السّرو».

أثناء حفل التخرج

ويتابع: «بعد حصولي على درجة الماجستير عام 2011 تمّ ترشيحي من قبل القائمين على المجلس الهندي للعلاقات الثقافية للحصول على جائزة "الكانثولا" عن درجة الماجستير للطلاب الأجانب، فهي تعتمد المجموع العام، إضافة إلى تزكية الجامعة والقسم، وكذلك الدكتور المشرف للطالب المرشح، وكان لي شرف الحصول عليها، وتمّ تكريمي خلال شهر آب في العام نفسه بحضور رسمي وطلابي من اتحاد الطلاب الأجانب».

وتابع يتحدث عن مرحلة حصوله على الدكتوراة: «أما مرحلة الدكتوراة، فقد انطوت على مجموعة من المقررات الدراسية المتقدمة في مجال بيولوجيا وبيئة الحشرات الأكاروسات، إضافة إلى حضور عدد من المقررات الدراسية الإضافية التي تتعلق بالتقانات الحيوية واستخدام الـ"DNA" في التصنيف الجزيئي الذي كان أحد الجوانب التي اخترتها للعمل في مرحلة الدكتوراة، حيث اخترت العمل مع عائلة "الأكاروسات الحمراء" "Tetranychidae" كأهم الأكاروسات المتطفلة على النبات من خلال الربط بين التصنيف المورفولوجي أو المظهري والتصنيف على المستوى الجزيئي أو "DNA" أو المادة الوراثية؛ للوصول إلى الدرجة العالية من الدقة في التوصيف في ولاية "كارناتكا الهندية"، وتضمنت أطروحتي العديد من الصور الإلكترونية لأجزاء مختلفة من الأكاروسات، وكانت أهم النتائج التي لخصتها الأطروحة، تسجيل 15 نوعاً أكاروسياً أحمر للمرة الأولى في الهند، وتسجيل نوعين جديدين للمرة الأولى في العالم، وإعادة توصيف النوع الأكاروسي المرافق لنباتات الخيزران، ونشر العديد من التتابعات الوراثية المتوكوندرية والرايبوزومية للأنواع الأكاروسية التي جُمعت خلال الدراسة في البنك الوراثي NCBI، والتي وصل عددها إلى 114 تتابعاً، ودراسة تأثير العائلات النباتية والتوزع الجغرافي على التتابعات الوراثية للأكاروسين».

حفلة توزيع جائزة الكانثولا

وعمّا اكتسبه من خبرات وتجارب، أضاف: «طورت العديد من العلاقات العلمية مع الباحثين العاملين في مجال "علم الأكاروس" في مناطق مختلفة من العالم "اليابان، جنوب أفريقيا، فرنسا، الولايات المتحدة، البرازيل، إيران، أستراليا، نيوزلاند"، وذلك لتبادل الخبرات والمعلومات في مجال "علم الأكاروس" Acarology، كما شاركت خلال وجودي في "الهند" بالعديد من المؤتمرات العلمية، منها المؤتمر الرابع لعلوم الحشرات في "بنغالور" عام 2013، وقمت بنشر جزء من أبحاثي في ثلاث مجلات عالمية متخصصة بالتصنيف، منها المجلة العالمية لعلم "الأكاروس"، إضافة إلى اتباعي العديد من الدورات المتخصصة في مجال التحليل الإحصائي لبيانات التتابعات الوراثية في المعهد الهندي للعلوم "بنغالور"، ودورة تدريبية حول استخدام المجهر الإلكتروني في المعهد الهندي للبحوث الزراعية في "نيودلهي"».

وفيما يخص مشاريعه في "سورية"، ختم بالقول: «عدت إلى بلدي بعد حصولي على الدكتوراة خلال شهر آب عام 2015، ولدي آمال كبيرة بالنهوض بأبحاث علم الأكاروسات في "سورية"، كما هو الحال في البلدان المحيطة، والتعريف بالأكاروسات كآفة على أعتاب الوصول إلى مستوى الآفة الرئيسة في ظل الاستخدام غير المدروس للمبيدات الذي أدى إلى تطوير مجاميع أكاروسية مقاومة للمبيدات، في ظروف الارتفاع المتزايد للحرارة والجفاف؛ وهو من أهم العوامل المساعدة لنشاط الأكاروسات، وأيضاً قررت بناء قاعدة بيانات للأكاروسات الموجودة في "سورية"، وخاصة المتطفلة على النبات كمرحلة أولى من العمل. والانطلاق لتعريف بعض المفترسات الأكاروسية والحشرية، حيث قام الدكتور "زياد بربر" في جامعة "البعث" خلال العامين السابقين بتعريف بعضها، وسأقوم بدراسة قدرتها الافتراسية بغاية توظيفها ببرامج المكافحة الحيوية في المستقبل، كما أن هناك مجموعة من النتائج المتواضعة عالمياً، لكنها ذات تأثير كبير على مستوى "سورية"، وقد توصلت إليها خلال مدة انضمامي القصيرة بعد الإيفاد إلى مركز البحوث الزراعية في "اللاذقية"».

إحدى رحلات جمع العينات للدراسة

الدكتورة "ماجدة مفلح" رئيسة مركز البحوث العلمية الزراعية، حدثتنا عن الباحث "مهران" بالقول: «من خلال اطلاعي على المحاضرة التعريفية التي قدمها الباحث؛ المتضمنة أهم مراحله ‏الدراسية والبحثية في "الهند" مع الأكاروسات النباتية، وبحكم عملي مع الأكاروسات خلال أبحاثي، أظنّ أنّ للباحث ‏مستقبلاً مشرقاً، حيث يعدّ الوحيد الضليع بتصنيف الأكاروسات ضمن كوادر الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية في ‏"سورية"، فيشهد له سجله البحثي المتضمن تسجيله العديد من الأنواع الأكاروسية للمرة الأولى في العالم، إضافة إلى أنواع ‏أخرى جديدة لم تسجل في بلد الدراسة "الهند"، كذلك مقدرته على استخدام البصمات الوراثية وتوظيفها لتحقيق ‏دقة عالية في تعريف الأحياء وفي مقدمتها الأكاروسات على الرغم من صغر حجمها والصعوبات التي تعترض استخلاص ‏المادة الوراثية منها، وهو بصدد نشر إحدى مقالاته التي ستكون الخطوة الأولى له في مجال ‏التصنيف الجزيئي الدقيق.‏

برأيي، إنه من الخامات الوطنية التي يجب رعايتها واستثمارها الاستثمار الأمثل؛ فهو من الكوادر ‏النشطة العاملة في مركز بحوث "اللاذقية"، حيث عمل ‏خلال مدة قصيرة لانضمامه إلى المركز على جمع العينات النباتية ودراستها دراسة علمية دقيقة للتعريف بأهم ‏الآفات الأكاروسية المرافقة للخضار والفاكهة في منطقة "اللاذقية"، ضمن الإمكانيات المتاحة في ظل الأزمة السورية التي أرخت بظلالها ‏الثقيلة على مصادر التمويل والحركة ضمن قطاعات العمل البحثي كما كافة نواحي الحياة، وقد شارك مؤخراً كمدرب في دورة تدريبية ‏حول خدمة أشجار الحمضيات وأهم الآفات المرافقة ومكافحتها، ولاقت محاضرته استحسان المتدربين من خلال ‏المعلومات والصور لأهم الآفات الأكاروسية، وكذلك العينات الحية التي أحضرها خلال الدورة».

يذكر أن الدكتور "مهران" من مواليد "قلعة المهالبة" التابعة لمحافظة "اللاذقية"، عام 1983.