ودع الوسط الفني والثقافي في "اللاذقية" الفنان التشكيلي العالمي "عيسى بعجانو" المعروف بـ "هيشون" بعد أن أمضى أكثر من أربعين عاماً وهو يفائل من حوله بضحكته وبلوحاته التي زينت جدران اللاذقية.

"بعجانو" الذي شارك الآلاف من أبناء اللاذقية في تشييعه يوم الجمعة 30/12/2011 من مواليد العام \1953\ وقد توفي بعد معاناة طويلة مع مرض عضال تاركاً خلفه مئات اللوحات التشكيلية والقصائد والقصص الإبداعية.

عندما يرحل العظماء تبكي الأرض، صديقي "هيشون" بالأمس أصغينا لحديث التراب إليك، وبالأمس لعبنا بطائرتك، بالأمس أخذتنا ضوضاء حيوانات ألوانك، بالأمس وقفنا بعزٍ أمام اسمك كشاعر وفنان ومربٍ خلوق، أما اليوم فنزفك للتراب الذي حدثك لتبكي طائرة الورق وتهبط للتراب علها تسمع وشوشات حديثه إليك، وغداً نتحسس بأناملنا وجهك محفوراً في الوجدان والقلوب.. إلى جنان الخلد يا صديقي وأستاذي

والفنان "بعجانو" عرف واشتهر باسم "هيشون" وهو الاسم الذي أحبه وارتبط به طوال حياته الإبداعية، و"هيشون" هو اسم القرية التي ينتمي إليها الفنان، وهو اسم ورد في الأساطير القديمة ويعني الكائنات التي تنمو دون تربية من نباتات وحيوانات، وقد ميزه هذا الاسم عن شقيقه النحات "محمد بعجانو".

الفنان الراحل "هيشون"

لم تقتصر تجربة "هيشون" على الفن التشكيلي فقط، حيث إنه اهتم بالأدب وكتب الشعر والقصة القصيرة وكان له أكثر من مجموعة قصصية وشعرية منها "شلالو لا قبر له، طائر هيشون، وحديث التراب"، وقد نشرت أعماله في الصحف والمجلات العربية إضافةً إلى محاضراته حول قضايا الفن التشكيلي ودراساته حول الأدب الأوغاريتي.

أول معارض "هيشون" كان في العام 1977 وحمل عنوان "العين حرية"، تبعه بالعديد من المعارض "حكاية جدار اللاذقية، أهل القرى، قوارب هيشون، حيوانات هيشون"، وقد اشتهرت معارضه عالمياً بعد أن استضافتها مدن عالمية "بطرسبورغ، بخارى، موسكو".

من لوحاته

يعتبر غياب "هيشون" خسارة كبيرة للوسط الفني في "سورية" وقد عبر عن ذلك زملاء الفقيد حيث قال النحات "وليد محمود": «إنه فنان عالمي بكل ما للكلمة من معنى، وهو خسارة لأصدقائه وللحركة الفنية التشكيلية وللإنسانية، برحيله رحل الفنان والشاعر والمدرس العبقري الخجول، الإنسان بكل ما في الإنسانية من إبداع ورهافة حس وخلق.

لقد "ولد "هيشون" ليصنع مدرسة تخصه (المدرسة الهيشونية) ورحل لتبقى مدرسته ما بقيت الحركة التشكيلية في الأرض، فهو الفنان الوحيد الذي اعتمد الحيوان الضعيف موضوعاً.

أجمل ما في "هيشون" مزاجيته الرائعة في الفن فهو كان يرسم لأنه بحاجة للرسم بحاجة للتعبير بحاجة ليرى إبداعه».

ويرثي "محمود" صديقه قائلاً: «عندما يرحل العظماء تبكي الأرض، صديقي "هيشون" بالأمس أصغينا لحديث التراب إليك، وبالأمس لعبنا بطائرتك، بالأمس أخذتنا ضوضاء حيوانات ألوانك، بالأمس وقفنا بعزٍ أمام اسمك كشاعر وفنان ومربٍ خلوق، أما اليوم فنزفك للتراب الذي حدثك لتبكي طائرة الورق وتهبط للتراب علها تسمع وشوشات حديثه إليك، وغداً نتحسس بأناملنا وجهك محفوراً في الوجدان والقلوب.. إلى جنان الخلد يا صديقي وأستاذي».

فيما يقول الصحفي "محسن عمران": «"هيشون" الإنسان الفنان الطيب المحب رحل وعلى شفتيه ابتسامة وفي قلبه غصة على وطنه رحل وما زال لديه الكثير ليقدمه ولكنه القدر الذي لا مفر منه، اسم "هيشون" يعني إله الكائنات البرية وإله البحر في اللغات القديمة ترك قواربه وحيواناته معلقة على جدران حزنه ورحل في فضاءاته وأحلامه إلى مكان لا رجعة منه حاملاً معه أفكاره البابلية والأوغاريتية وترك لنا روائح الزيتون والطين والريحان والبخور والكثير من اللوحات المعتقة بالتاريخ السوري.

هيشون امتلك فلسفة خاصة في الرسم لا يفهمها إلا من أبحر بعيداً في هذا المجال وامتلك ثقافة عالية، ترك هذا العالم ورحل إلى عالمه الخاص بعيداً عن ضوضاء الحياة وصخبها.

ستذكرك الدالية وسهرات الأصدقاء والسيجارة وستفتقدك ألوانك وتبكيك الحروف فارقد بسلام وانعم بهدوء طالما بحثت عنه».

يذكر أن الفقيد توفي يوم الخميس 29/12/2011 بعد معاناة طويلة مع مرض عضال، وهو يحمل إجازة في الرياضيات من جامعة تشرين منذ العام \1979.