من خلال تجوال عدسة eLatakia اليومي بين شوارع اللاذقية، وبين أزقة ساحة «أوغاريت» الشعبية القديمة في وسط اللاذقية، يتوضع بيت قديم يلفت المارة بقدمه، وعلى الرغم من صعوبة الوصول إليه إلا أن الغموض وحده بات يجبر عدسة eLatakia للوصول إلى هذا المنزل الساكن رغم ازدحام من حوله، الخوف الذي رسمته تجاعيد حجارته الخارجية، وتعب السنين الكثيرة لم تعد من الداخل كما خارجها وسرعان ما بحثت عدستنا عن باب البيت حتى وجدناه مختبئ بين ثنايا زقاق صغير على شاكلة البيوت الدمشقية القديمة.

هدوء يلف الداخل إلى هذا المنزل من زقاقه القديم، وكغيره من البيوت القديمة، فقد تميز هذا البيت ببابه الذي ترك الزمن بصماته عليه، ورمى ذكرياته على عتباته لكي تذكر بمن دخلوا منه إلى هذا الأصل الذي لم ولن ينفصل أبداً عن ذاكرة تاريخنا وما يحوي، ففاجئنا الجزء السفلي من البيت المتهالك، ورأينا الأعمدة المدورة، والتي بقيت وحيدة تسند رمق البيت كي يبقى رغم الريح على مشارف البقاء والاستمرار والديمومة، ورسمت عدستنا وميضها في بعض الصور على جدران البيت، والتي برأت حضرة الغائب الموجود مِمَن رحلوا عن ظلال هذا البيت، وتركوا الأحجار تحكي للقارئين مخاتم الذكريات والتي شابهت تكوينها حضورهم معنا في ساحة البيت الصغير.

أحجار البيت المستطيلة تزيد واجهة البيت جمالاً وترتيباً واتساقاً، بالإضافة إلى الثقة الكبيرة بحمل الأوزان الثقيلة من خلال استناد القناطر الموزعة في أغلب مداخل البيت، وعلى الدرج المؤدي إلى الجزء العلوي من البيت تميل الذاكرة لترى قليلاً من الخلود الذي أهداه الزمان لذلك الحجار من خلال ترتيبه الرائع والمتسق، ولعلك تلاحظ التشابه بينه وبين البيوت القديمة في دمشق.

الزقاق المؤدي لباب البيت القديم المهجور

"أحمد" شاب اكتسب النجارة عن أبيه وجده من قبله، ولازم هذا المكان واختار قضاء جل يومه في محل يتوضع في تجويف الجدران الملتحمة بنسيج البيت نفسه، وفي الجزء الأرضي منه ومن خلال حديثه إلى eLatakia قال:"أعتبر هذا البيت شيئاً فريداً في هذا الزمان، والذين كانوا هنا منذ بناء هذا البيت، أي منذ أكثر من مئة عام كانوا في رخاء متوسط ولا يسود زمنهم الحوادث التي تؤثر في بنيان هذا المنزل، ولم أذكر إلا أن جدي كان دائماً يذكر أصحابه الذين تركوا هذا الحي، ورحلوا إلى خارج القطر، واليوم وبالأمس عندما كنا صغاراً كانت تحاك لنا الكثير من القصص حول ماهية البيت وسكانه.

من البيت القديم
من البيت القديم