بالموسيقا والغناء والتأليف، استطاع المؤلف والباحث الموسيقي السوري "علي أسعد" أن ينشر الموسيقا الشعبية السورية على مسارح "أوروبا" والعالم، متخذاً من التراث الموسيقي السوري الغني ركيزة أساسية في دراسة الأنماط الغنائية والإيقاعات والمقامات المستخدمة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 3 نيسان 2018، مع الباحث الموسيقي "علي أسعد"، فتحدث عن نشأته الموسيقية قائلاً: «ولدت في مدينة "اللاذقية" عام 1987، ضمن عائلة علمية بعيدة نسبياً عن الفن، لكنها اهتمت بتعليمي الموسيقا منذ الصغر، فقد بدأت تعلّم العزف على البيانو حين كان عمري ست سنوات، ولاحقاً تعلمت العزف على الغيتار الكلاسيكي، ودرست في "سورية" مع عازف البيانو السوري "غزوان الزركلي" في "دمشق" و"اللاذقية"، وتعلمت المقامات العربية على يده بالاعتماد على آلة العود والغناء بوجه أساسي، ثم بدأت منذ ثماني سنوات بالغيتار الكلاسيكي في "أنقرة"، وتوجهت بعد ذلك إلى "النمسا"، وتخصصت في علم موسيقا الشعوب ومقارنتها، هذه الدراسة فتحت لي آفاقاً جديدة، واطلعت على موسيقا الشعوب كافة».

الموسيقي السوري "علي أسعد" يتمتع بإنسانية عالية والتزام ثقافي احترافي، وهو عربي وطني الهوى، وشاب مرهف الحس وذو أخلاق؛ لهذا كله لا يمكن لتجربته الموسيقية إلا أن تؤتي ثماراً طيبة؛ لأن سرّ العمل الفنّيّ الناجح يكمن في الانتماء والاحتراف

مسيرته الموسيقية كانت غنية بالمحطات، وهنا يقول: «توجد محطات عدة في مسيرتي الموسيقية، كل جامعة درست فيها بين "تركيا" و"إيطاليا" و"النمسا" كانت محطات مهمة لزيادة معرفتي الموسيقية وفنون الأداء؛ لذلك هي تراكم محطات كثيرة، حيث انتقلت في عام 2010 من "سورية" إلى "تركيا" للدراسة على يد البروفيسور "أحمد كانيجي" بعد حصولي على منحة من الحكومة التركية؛ لأصبح طالباً في (كونسرفاتوار أنقرة الوطني) في قسم الغيتار الكلاسيكي في جامعة "هاجيتيبي"، وفي صيف عام 2013، تم قبولي في برنامج تدريب لكتابة مؤلفي الخاص للغيتار الكلاسيكي والرباعي الوتري في (كونسرفاتوار باغانيني) في مدينة "جنوة" الإيطالية، وبين عامي 2013-2015 حصلت على منحة دراسية لإكمال دراستي في جامعة "كارل فرانتسنز" في مدينة "غراتس" في "النمسا"، وفي الوقت نفسه كنت طالباً في جامعة "غراتس" للموسيقا، وأتابع الآن دراستي العليا في هاتين الجامعتين في قسم علوم الموسيقا وعلم موسيقا الشعوب».

في عشق العتابا

ويقول عن نشاطاته ومشروعه الموسيقي: «نشاطي متنوع حالياً بين العمل الأكاديمي والبحث العلمي، وبين التأليف الموسيقي والغناء والحفلات الموسيقية حول العالم، والمشروع الذي جمعني مع صديقي المؤلف "حسان علي" وأصدرناه في ألبوم قام على استخدام الموسيقا الشعبية السورية كمادة أساسية في أعمال تأخذ شكل الحجرة الأوروبية التي تضم (كمان أول، وكمان ثان، والفيولا، والتشيلو، والكونترباص، إضافة إلى الغيتار الكلاسيكي، وبعض آلات الإيقاع الشرقية، وخاصة الطبل الشامي، والغناء)، لكن مع الحفاظ على العناصر الأساسية التي تمثل هوية هذه الموسيقا الشعبية، رحلة بدأت من "الجزيرة" السورية و"حمص" و"سهل الغاب"، وصولاً إلى الساحل السوري، إضافة إلى مؤلفات لقصائد أهم الشعراء المعاصرين؛ "رياض الصالح حسين"، و"هاني نديم"، كما شاركت في حفلات ومهرجانات عالمية ومنها كان برفقة الفنانة السورية "ديما أورشو"، وأخرى مع المؤلف السوري "شفيع بدر الدين"، وفي عام 2014، سجلت ستة أعمال موسيقية من تأليفي للغيتار الكلاسيكي والساكسوفون، والغناء (شعر عربي معاصر)، وسجلت كمغنّ عدة أعمال مع المؤلف وعازف البيانو السوري "غزوان الزركلي"».

وعن رسالته كموسيقي سوري يجوب العالم، تحدث قائلاً: «الرسالة هي أن الموسيقا تجمع شعوب الأرض، ولها فعل سحري في سبيل الحوار حتى مع ألد أعدائنا؛ وهذا ما عملت عليه في الألبوم الأخير الذي سجلته في "النمسا"، حيث إن العديد من الموسيقيين الأوروبيين يعزفون معي موسيقانا الشعبية السورية وأعمالاً من مؤلفاتي، والرسالة الأخرى هي تركيزي على هويتنا السورية في كل الأعمال التي أقدمها على الرغم من استخدام الآلات الغربية المتنوعة، إلا أن هذا الاستخدام تم بدقة وبعد تفكير طويل في المادة الموسيقية وما يناسبها للحفاظ على السياق الصوتي الذي ولدت وتفاعلت فيه».

غزوان الزركلي مع علي أسعد

أما الأستاذ الدكتور الموسيقي "غزوان الزركلي"، فقال عن "علي أسعد": «الموسيقي السوري "علي أسعد" يتمتع بإنسانية عالية والتزام ثقافي احترافي، وهو عربي وطني الهوى، وشاب مرهف الحس وذو أخلاق؛ لهذا كله لا يمكن لتجربته الموسيقية إلا أن تؤتي ثماراً طيبة؛ لأن سرّ العمل الفنّيّ الناجح يكمن في الانتماء والاحتراف».

المهندس "رامز حسين" مدير مشروع "مدى" الثقافي، تحدث عن "أسعد" قائلاً: «يعدّ "علي" من الموسيقيين الذين اختاروا نمطاً موسيقياً مهماً، حيث استطاع خلال سنوات أن يراكم تجربته الموسيقية مستفيداً من التراث الموسيقي السوري في الغناء والتأليف ودقة البحث، وتصنيف هذه الموسيقا والمحافظة عليها من التشويه والاندثار، وصياغتها بطريقة تحافظ على الهوية السورية وعدم طمسها، وبإيماننا القوي كمشروع "مدى" في أهمية توثيق تراثنا اللا مادي بما فيه الموسيقا السورية، تمت دعوته لإحياء فعالية معنا في "دمشق" و"اللاذقية" حول الموسيقا الشعبية السورية».

رامز حسين