تعدّ قرية "بَسْتا" الجبلية من القرى النموذجية في ريف "اللاذقية"، حيث وصلت إلى درجة عالية من الجمال والخدمات المتكاملة، بمحبة أهلها وحرصهم عليها، إضافة إلى طبيعتها السياحية الجميلة.

مدونة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 30 كانون الثاني 2018، قرية "بَسْتا"، والتقت "أمير غانم" رئيس بلديتها، فتحدث عن موقعها وقدمها، قائلاً: «تقع "بَسْتا" في الجهة الشرقية من محافظة "اللاذقية"، وتبعد عنها 52كم. تحدّها من الجهة الغربية ناحية "عين التينة"، وقلعة "صلاح الدين الأيوبي"، ومن الجهة الشرقية حدود "حماة". كما تحدّها من الجهة الشمالية "صلنفة" و"باب جنة"، ومن الجهة الجنوبية ناحية "المزيرعة". وترتفع عن سطح البحر 850م، ويحيطها نهر "الكرس" من الجهتين الشرقية والشمالية، ونهر "دير ماما" من الجهتين الغربية والجنوبية.

بَست: كلمة فارسية معناها العاشق، وبَسْتا: معربة عامية تعني الصرة، وبُست: روضة الورود وأرض وعرة، وأحد معانيها: الأرض وما انبسط واستوى منها، وهي كلمة سريانية، وتعني قنينة

تتبع لها ست عشرة قرية ومزرعة متوزعة ضمن البقعة الجغرافية السابق ذكرها، منها: "الجويز"، و"الكرس"، و"بيادر الدرا"، و"بقطارون"، و"جوبة نجم"، و"نبع الخندق"، و"زنبورة"، و"ليفين". ويبلغ عدد سكانها نحو 7000 نسمة، ومساحتها 260 هكتاراً، كما تميزت بسبعة مداخل».

أمير غانم

ويتابع قوله عن الآثار الموجودة فيها: «هناك دلائل وأماكن تشير إلى قدم القرية كالنواغيص التي تعود إلى آلاف السنين، والينابيع ذات البناء القديم، كنبع "العريمية"، والطبيعة الجغرافية الجبلية الوعرة المتميزة بتعرجاتها وانحداراتها وجبالها ووديانها وسهولها، والكتل الصخرية الضخمة الموجودة في بعض الأودية، كوادي "جوبة نجم"، ويُقال إن أهلها أتوا من قرية "سيانو" التابعة لمدينة "جبلة" من زمن مذبحة السلطان "سليم"، فقد هاجر أجدادنا إلى "بَسْتا" التي كانت عبارة عن عشرة بيوت ترابية، وعاشوا فيها، ومازالت آثار منزل ترابي واحد شاهدة على تلك المرحلة».

الخدمات المتعددة ارتقت بالقرية إلى التميّز، وجعلتها نموذجاً يُحتذى به في كل مكان، حيث أضاف: «لأهل القرية الدور الأكبر في تطوير وتأمين الخدمات فيها، فقد قدموا أراضيهم في خدمة القرية من دون مقابل، وهو ما وفّر على الإدارة المحلية استملاكها وتعويض الأهالي.

من داخل القرية

تصل خدماتها تقريباً إلى نسبة مئة بالمئة، ويستطيع سكانها تأمين حاجاتهم كافة ضمن القرية، الصرف الصحي ومستوصف متميز على مستوى "اللاذقية" بكادره الطبي والخدمات التي يقدمها، حيث يراجعه 1500 مريض كل شهر؛ وهو ما وفّر على أهل المنطقة الأعباء المادية والجسدية بسبب بعد القرية عن المدينة. وفيها وحدة إرشادية ومؤسسة استهلاكية، وإحدى عشرة مدرسة وحضانة أطفال، وفرن. كما أن طرقاتها وشوارعها عريضة ومعبدة، ولن ندخر جهداً في تأمين كل ما يخدم القرية، وخاصة لذوي الشهداء الذين يبلغون أكثر من 120 شهيداً».

أما مختار القرية "أنيس غانم"، فتحدث عن علاقات أهلها وأعمالهم، قائلاً: «تربط أهل القرية علاقات المحبة والتعاون المطلق، ويساعدون بعضهم بعضاً في الحزن والفرح من الناحيتين المادية والمعنوية، ويحترمون العلاقة بين القريب والغريب، فالطيبة التي سادت منذ مئات السنين بين أجدادنا ما زالت حاضرة بينهم إلى يومنا هذا، كما أنهم أهل كرم وضيافة.

القرية عبر غوغل إيرث

"بَسْتا" تعني أشجار الكرمة "العنب"، وكانت تنتج قديماً أفضل أنواع النبيذ زمن الأجداد، وهي قرية زراعية بامتياز، وفيها عدد كبير من حملة الشهادات الجامعية، وسكانها يعملون بالزراعة، إضافة إلى وظائفهم المختلفة في القطاعين العام والخاص، حيث ينتج فلاحوها أفضل أنواع التبغ والحبوب بأنواعها، كالقمح، والشعير وغيرهما، وبعض الأشجار المثمرة، كالجوز، والتفاح، والخوخ الأسود، ويقومون بتربية الأبقار أيضاً.

ولا بدّ من الإشارة إلى توفر المقومات السياحية في القرية، كالأنهار، والينابيع، والمطاعم، والطبيعة الجبلية المتميزة، حيث تسودها التضاريس الجغرافية المنوعة، ووجود الجمعيات السكنية التي ما زالت قيد الإنشاء».

يُذكر أن "بَسْتا" تعني حسب كتاب معاني أسماء المدن والقرى في محافظة "اللاذقية"، للكاتب "محمد جميل الحطاب": «بَست: كلمة فارسية معناها العاشق، وبَسْتا: معربة عامية تعني الصرة، وبُست: روضة الورود وأرض وعرة، وأحد معانيها: الأرض وما انبسط واستوى منها، وهي كلمة سريانية، وتعني قنينة».