عُرف "ياسر صبوح" بمبادرة تعليم اللغة الروسية في المركز الثقافي العربي في "اللاذقية"، حيث استفاد منها عدد كبير من أبناء المحافظة بكافة الأعمار، ووظّف مهاراته في الطاقة الإيجابية بنشرها وسرعة تعلمها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 8 كانون الثاني 2018، المدرّس "ياسر صبوح"، فتحدث عن حياته قائلاً: «نشأت في "اللاذقية"، ومنذ طفولتي أشعر بأن هذا العالم مفتوح لي، وهناك نزعة تفاؤلية ولدت معي جعلتني أحوّل العوائق إلى نجاح، لا شك أن مرحلة طفولتي كانت حساسة ودقيقة، وخاصة في بدايتها وقبل دخول المدرسة؛ حيث شاء القدر أن يحرمني أمي التي رحلت مبكراً، وجعلت من رحيلها عاملاً إيجابياً في حياتي. وعلى الرغم من الظروف الريفية الصعبة؛ كخدمات وظروف خدمية وبيتية، إلا أنها لم تقف عائقاً أمام النجاح والتطور والتفوق، ولا أخفي دور والدي في تنشئتنا، ومجلة "العربي" التي يعدّها من أولوياته في الحياة، حيث كان بارعاً باللغة العربية ويتذوق الشعر، وكنت على حذر في قول الشعر أمامه ما لم أتقنه، وكان يسود قريتنا جواً تنافسياً بين الطلاب، فكل بيت فيه طلاب ويدرسون باستمرار، وفي "البكالوريا" تفوقت على مستوى قريتي "بَكْسَا" والقرى المجاورة، وسجلت في كلية الحقوق، جامعة "حلب"».

معطاء ومتعاون ويحب الخير، لم يبخل بتعليم اللغة الروسية ونشرها بين أبنائنا، وخاصة أنها أصبحت في المنهاج الدراسي، كما أنه ملتزم في العطاء، فقد انتسب العديد من الطلاب بأعمار مختلفة إلى دورة اللغة الروسية التي يقدمها بأسلوب عفوي وبسيط يجعل الطلاب متفاعلين أثناء الشرح

البيئة التي تربى بها واهتماماته، رسمت أحلاماً كثيرة في الخيال، ثم تحقيقها في الواقع، فيقول: «حين كنت أقرأ مجلّتي "أسامة" و"سامر"، وأي شيء يميل إلى المعرفة، تزداد الأحلام، ورافقت دراستي أحلام معينة رسمَتْها القصص والمجلات التي قرأتها عن "روسيا" و"أوكرانيا"، و"بيلاروسيا"، والمصادفة لعبت دوراً في تحقيق ما كنت أحلم به، حين كنت في زيارة إلى جامعة "تشرين" شاهدت مجموعة من الطلبة مجتمعين حول إعلان للبعثات العلمية، فقدمت أوراقي وتم قبولي عام 1987 للدراسة في "روسيا"، اختصاص المكتبات والمعلومات، كما تعلمت اللغة الروسية في "مينسك" العاصمة البيلاروسية بسرعة وجرأة، لأنني كنت مدركاً أن تفوقي في اللغة سيؤدي إلى تفوقي الدراسي، وتم اختياري كطالب من بين طلاب خمسين بلداً بإلقاء الكلمات باسم الطلبة الأجانب في أعياد "روسيا"، وتفوقت وحصلت على الشهادة بامتياز عام 1992، وتعينت في المركز الثقافي العربي في "اللاذقية"، وبقيت مثابراً على الاهتمام باللغة الروسية».

"ياسر صبوح" مع طلاب المركز الثقافي

ويتابع القول: «تقدمت بعد ذلك للعمل في الجامعات الليبية، وتم قبولي للتعليم الجامعي عام 1998، وسافرت آنذاك براً، وعملت في جامعة "ناصر" في مجال التربية وعلم النفس كمساعد محاضر، ثم محاضراً في المعهد العالي لإعداد المعلمين، وتمت ترقيتي إلى دكتور محاضر، وفي عام 2003، عدت إلى العمل الثقافي في "سورية"».

عمّم تجربة اللغة الروسية في "اللاذقية" من خلال مبادرة أطلقها، ويقول: «مع بداية إدارتي لدار الأسد للثقافة في "اللاذقية"، حاولت كسر التقليد والروتين، وطرحت مبادرتي لتعليم اللغة الروسية سنة 2014 كفكرة، وقمت بتنفيذها، كما استخدمت الطاقة الإيجابية في إيصال اللغة، وأضفتها إلى برنامج معهد الثقافة الشعبية في المركز، وبعد إعلاننا الأول لتعليم اللغة تجاوز عدد الطلاب خمسين طالباً وبأعمار متفاوتة واختصاصات مختلفة، ثم أصبحت اللغة الروسية هاجساً لدى الكثيرين، فهم يأتون لتعلم اللغة الروسية، ووظفت بحثي في مجال الطاقة الإيجابية لتعليم اللغة الروسية، ونقل لغة بلد وثقافته، وما نزال مستمرين، وقمت بمبادرة لتعليم اللغة كمتطوع من خلال الجمعيات التي تطلب ذلك، وكانت تجربتي الأولى في هذا المجال مع جمعية "سوا" الخيرية التي أعلنت عن تعليم أبناء وذوي الشهداء والجرحى، حيث تفاوتت الأعمار بين ست وثلاث عشرة سنة».

"ياسر صبوح" مع أطفال الجمعية

فيما تقول "نورا شدّاد" رئيسة جمعية "سوا" الخيرية في "اللاذقية" عن معرفتها به: «معطاء ومتعاون ويحب الخير، لم يبخل بتعليم اللغة الروسية ونشرها بين أبنائنا، وخاصة أنها أصبحت في المنهاج الدراسي، كما أنه ملتزم في العطاء، فقد انتسب العديد من الطلاب بأعمار مختلفة إلى دورة اللغة الروسية التي يقدمها بأسلوب عفوي وبسيط يجعل الطلاب متفاعلين أثناء الشرح».

الجدير بالذكر، أن "ياسر صبوح" من مواليد "اللاذقية" عام 1967، حاصل على ماجستير في العلوم التربوية، وشهادة في طرائق تدريس اللغة الروسية، ومن مؤسسي صالون "بَكْسَا" الأدبي، ويعمل كمترجم فوري في بعض الأحيان.

نورا شداد