هي المرأة السورية التي لم تستسلم للحزن "كفى كنعان" الأمّ والمعلمة التي ربّت وعلّمت، وعدّت استشهاد ابنها رسالة مقدسة خطّ حروفها الأولى برحيله، وآمنت بالعمل الإنساني ومساعدة ذوي الشهداء وجرحى الجيش العربي السوري.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 7 آب 2017، الأمّ "كفى كنعان" التي نذرت وقتها وجهدها للعمل الإنساني، فتحدثت عن المرحلة الأولى من حياتها: «نشأت في عائلة عددها تجاوز ثلاثة عشر فرداً مُحبّة للعلم، وكان والدي معروفاً في المنطقة متعلّماً ويحب التعليم فاهتم بتعليمنا على مبدأ أن الثروة الحقيقية لكل إنسان هي أخلاقه وعلمه».

نشأت في عائلة عددها تجاوز ثلاثة عشر فرداً مُحبّة للعلم، وكان والدي معروفاً في المنطقة متعلّماً ويحب التعليم فاهتم بتعليمنا على مبدأ أن الثروة الحقيقية لكل إنسان هي أخلاقه وعلمه

وعن العطاء والأمومة، تقول: «تربيت على العطاء لنفسي وأفراد عائلتي والناس وطلابي الذين أعاملهم كما أعامل أولادي؛ فقد منحوني شعور الأمومة قبل أن أصبح أمّاً، فالتعليم واجب مقدس تمكّنت عن طريقه من بناء وتربية أجيال عدّة وزرع بذور القيم الإنسانية في شخصياتهم، وحين نعطي أنفسنا نستطيع أن نعطي الآخر مهما بلغت قيمة ذلك العطاء وحبنا له، وشعوري الأول بالأمومة الحقيقية منحني إياه ابني الشهيد "مجد رزوق" الذي تفرّغت بالكامل لتربيته آنذاك وعلّمته ودرّبته، كنت أمّاً له في المنزل والمدرسة، علّمته كما علّمت إخوته وأصدقاءه في المدرسة».

كفى كنعان

وتقول عن عملها الإنساني ورحيل ابنها: «بدأت العمل الإنساني والدعم مع بداية الأزمة السورية عام 2011، كان ابني الشهيد "مجد" رفيقي في الذهاب إلى حواجز الجيش العربي السوري ومناطق وجودهم وتقديم الدعم المادي والمعنوي، كما كنا نذهب لدعم عائلات الجرحى والشهداء، لكنه أحسّ بأن دوره أكبر وذهب لتأدية الخدمة الإلزامية، تابعت العمل بعد سفره بمفردي وتوقفت عن العمل بعد الحصار الذي دام سبعة أشهر قبل استشهاده، لم أستسلم للحزن؛ فرحيله ولّد رسالة كتب "مجد" حروفها بدمه، ومن واجبي إكمالها، واستشهاده نوّر طريق عملي وأعادني مرة أخرى لدعم ومساعدة الناس الذين تساويت معهم، كنت أزور أمهات الشهداء برفقة ابني الشهيد "مجد"، واليوم جرح الفقد يوحّدنا وأصبحت مثلهنّ، وهذا يعني لي الكثير، إضافة إلى الدعم المادي والمعنوي إكراماً لابني ولأولئك الأبطال أسلط الضوء منذ خمس سنوات على قصصهم وأنشرها في صحيفة "الوحدة" ضمن زاوية خاصة بالجرحى والشهداء، وما زلت أقدم واجبي في التعليم وأعلّم الأطفال قيمة الوطن والشهيد وقدسيتهما».

المهندس المعماري "مهند علي حاتم" تعرّف إليها في ميدان العمل الإنساني، يقول عنها: «امرأة مناضلة ومتماسكة وظّفت حزنها بالعمل والإخلاص، ربما هي بحاجة إلى السند والمواساة بعد فقدان ابنها كأمهات كثيرات فقدنَ أبناءهنّ، لكنها نذرت نفسها بعد استشهاده، وفي عام 2013 عرفتها شخصياً، وكنت قد سمعت بالسابق عن عملها؛ لديها سلوك إيجابي غير عادي؛ وصفاتها إيجابية، كما أنها تملك حضوراً اجتماعياً ومجتهدة ومثابرة في عملها الإنساني، وعملت في الذكرى الثالثة لاستشهاد ابنها بدعم مركز العلاج الفيزيائي في "القرداحة" بجهاز رياضة حركة ليستفيد منه كل مرضى المركز، كما أجرت دورة علاج فيزيائي وشاركت في معالجة الجرحى فيزيائياً، ولها يدٌ بيضاء في كل مكان، فقد جمعنا العمل في مناسبات وأماكن عدّة، وكان حضورها الإيجابي وصدقها في العمل بارزين».

مع أم الشهداء الخمسة

الجدير بالذكر، أن "كفى كنعان" من مواليد عام 1964، قرية "القلورية" في "القرداحة"، وعضو تجمع سيدات سورية الخير، وتجمع أم الشهيد، ورئيسة مجموعة أم الشهيد في "اللاذقية".

مع جانسيت قازان