يلتهم الفنان "هشام الغدو" الدنيا بعينيه ثم يفرزها بيديه، لينتج أيقونات خالدة مجسدة على أرض الواقع تحاكي قصة مجد وحضارة، فقد انطلق من المدرسة الواقعية لفن النحت، وظل وفياً لها حتى الآن.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 أيار 2017، الفنان "هشام الغدو" ليحدثنا عن فنه، فقال: «النحت فن تجسيدي، يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد، وفن النحت يختلف في أسلوبه عن باقي الفنون، فهو لا يتعامل مع الأشكال المسطحة كالتصوير، ولأن المتعة الفنية التي تتعلق بأعمال النحت لا تأتي من خلال المشاهدة فقط، إنما عن طريق الملمس والحركة المجسمة، إلى جانب استعمال بعض الخامات التي تنقل إلينا الإحساس بواقعية، وتبقى وظيفة الفن الرئيسة، تهذيب النفس البشرية والارتقاء بها إلى أعلى مراتب التعبير الجمالي. وبعض الفلاسفة يعدّون الفن ضرورة حياتية كي يعيش الإنسان، ويجب أن يظل الفنان بدوياً في أعماقه، يتعامل مع الشمس والعطش، وأن يبقى حافي القدمين حتى يتحسس حرارة الأرض ونتوءاتها، وعارياً كحصان متوحش، رافضاً كل السروج التي تحاول الظروف وضعها على كاهله؛ كي يخرج الفن الأصيل بكل عنفوانه وجماله».

عندما تتعامل مع "هشام الغدو" تتفاجأ أن هذا الشخص الطيب القلب والهادئ كيف يتعامل مع الكتل الحجرية الضخمة القاسية الملامح والصماء، والصراع بينهما يأتي بهذا الجمال كله. فهذه الصناعة الفنية في أعمال "هشام" هي نتيجة الحس العالي المملوء بالرهافة والإبداع الذي لا يتقنه إلا الفنان الحقيقي

وعن المدرسة الفنية التي ينتمي إليها، يضيف: «أنتمي إلى المدرسة الواقعية التي أعشقها، علماً أنه لم تكن هناك مدارس في الماضي، بل هي أساليب فنية. وعشقي للفن والنحت يعود إلى أيام الطفولة؛ فعندما أقف أمام الأعمال المنحوتة أتأملها، واسأل كيف يتم صنعها؟ وكنت أتخيل الأشخاص الذين يصنعونها أشخاصاً فوق العادة. أما الأعمال النحتية، فهي تحتاج إلى مزيد من الحذر والانتباه والجهد والتركيز الفكري، ولأنني أنتمي إلى المدرسة الواقعية فكراً وفناً، فالواقع الذي نمر به ينعكس على أعمالي، وفي بعض الأحيان أسترجع شخصيات من الماضي وأقوم بعمل مجسمات لها؛ كي تذكرني وتذكر أبناء وطني بشخصيات كان لها أثر واضح في العالم، وما تمثال الملكة "زنوبيا" إلا دليل على ذلك».

تمثال في إحدى الحدائق العامة

وعن أهم مشاركاته الفنية، أضاف: «شاركت بمعارض وملتقيات عدة، مثل: ملتقى النحت في "الديماس" عام 1998، وملتقى النحت بـ"الدمام" في "سعودية" عام 1999، وملتقى النحت في "طرطوس" عام 2003، وكذلك ملتقى "مشتى الحلو" عام 2016، وملتقى الحفر على الرمل في "اللاذقية". وأفخر بأنني قمت بصنع النصب التذكاري في الساحة العامة لمدينة "دير الزور" عام 1998. وكل أمنياتي أن يعود الوطن إلى سابق عهده، وطناً جميلاً متحاباً يعطي العالم فناً وحضارة».

أما عن مثله الأعلى في فن النحت، فيقول: «يبقى النحات العالمي "رودان" مثلي الأعلى الذي بهرني بتفاصيله وفنه، لكنني لا أقلده؛ لأنني أحب أن تكون لي شخصيتي الفنية؛ وهذا ما أعمل عليه طوال حياتي، ولأن الفنون هي انعكاس لواقع شخصياتي التي أنحتها تشبه واقعي شكلاً ومضموناً، وهناك أشكال تظهر معي بالنحت كنت قد رأيتها أثناء طفولتي وصباي».

السمكة

يقول عنه الفنان التشكيلي "معاذ الرحبي": «عندما تتعامل مع "هشام الغدو" تتفاجأ أن هذا الشخص الطيب القلب والهادئ كيف يتعامل مع الكتل الحجرية الضخمة القاسية الملامح والصماء، والصراع بينهما يأتي بهذا الجمال كله. فهذه الصناعة الفنية في أعمال "هشام" هي نتيجة الحس العالي المملوء بالرهافة والإبداع الذي لا يتقنه إلا الفنان الحقيقي».

يذكر أنّ "هشام الغدو" من مواليد "اللاذقية" عام 1965، تخرّج في "كلية الفنون الجميلة" عام 1991، متزوج ولديه ستة أولاد.