يحاول المهندس "باسل الدّن" بكل ما يملك من إمكانيات، خلق بعض السبل التي تساعد في ردم الهوّة التي سبّبتها الأزمة السورية في جسد المجتمع، وترميم ندباتها؛ من خلال العمل والتعليم والإيمان بهما.

ومن الأعمال التي قام بإنجازها مركز نشاطات صغير يهدف إلى انتزاع الأطفال من الشارع، وحمايتهم من مخاطره، وملء أوقات فراغهم.

نفكر بزيادة مساحة الأرض الزراعية، وفتح نافذة بيع من خلال تحويل ما تنتجه الأرض إلى منتجات يدوية ووضعها في الاستهلاك المباشر؛ وهو ما يوفر فرص عمل إضافية لتلك العائلات، وزيادة في المردود الذي سنوظفه في خدمة المحتاجين أيضاً، ربما لن تكون خالية من الفقر، لكننا نعمل يداً واحدة لإنجاز ما يبعث الأمل والحياة

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 18 تشرين الأول 2016، التقت المهندس "الدّن"، الذي تحدث قائلاً: «هو حلم راودني في ظل هذه الظروف الصعبة التي نمرّ بها لتقديم عمل يساهم في نهوض المجتمع، الأطفال هم نواة المجتمع، وعلينا حمايتهم من مخاطر الشارع، فكانت مبادرة انتزاعهم من الشارع بافتتاح المركز، وكما أسميه (مركز ثقافي مصغّر) لتوجيه لعب الأطفال بوجه سليم، يتألف المركز من غرفتين في "حارة الدن"، ومجهز بأجهزة حواسيب، ومكتبة تضم 600 كتاب من مكتبتي الشخصية، وقصص وروايات تعليمية وترفيهية تساعد على بناء شخصية الطفل وتطويرها، حيث يستطيع كل طفل أن يقرأ القصص ويتعلم الرسم كل يوم لمدة ساعة بمبلغ رمزي لا يتجاوز خمس ليرات سورية».

نشاط في المركز

الأطفال في المركز يمارسون نشاطاتهم المتنوعة بطريقة منظمة، يتابع القول: «نشاطات المركز متعددة كالرسم ودورات الحاسوب والمحادثة الإنكليزية، والأطفال منظمون ويسود بينهم جوّ من المحبة والتآلف، ونبتعد عن العشوائية ليحصل الأطفال كافة على الفائدة المرجوة، كما أقوم بتكليفهم بوظائف منزلية، وأعلمهم على برامج الحاسوب وبعض الألعاب التي تعتمد ذكاء الطفل وسرعة بديهته، وأعطيهم حرية التزود بالمعلومات الجغرافية والرياضية والتاريخية وغيرها، وفي نشاط القراءة ألاحظ الطفل وأراعي ميوله وعمره في اختيار الكتاب المناسب، ونتشارك في اختيار قصة للنقاش وعرض أفكارها بطريقة مفيدة، وكتابتها على برنامج (وورد) بعد ذلك؛ وهذا يشجعهم على القراءة والنطق السليم وتجاوز صعوبات التعلم، فالمركز بمنزلة خطوة في إغناء ثقافة الطفل وتعزيزها، ومكوّن مهمّ في بناء مجتمع ناجح».

وجدتْ مبادرة انتزاع الأطفال من الشارع إقبالاً تدريجياً بين أهالي الحي لما حققته من نتائج إيجابية بأداء وسلوك أطفالهم، فالمدرّسة "رنا شيخ عيسى" التي دعمت المبادرة، أكدت: «تعدّ مبادرته تجربة فريدة من نوعها في بيئة شعبية صغيرة، وفكرته في انتزاع الأطفال لم تكن لهدف مادي، إنما جاءت لتوجيه سليم إلى اللعب والعمل المنظم، وكان أهمها القراءة؛ وهو ما يعني تحفيزهم على الكتابة، إضافة إلى إجراء مسابقة لأسرع قارئ وتقديم هدية له، قمت بدعم هذا العمل لأهميته في احتواء الأطفال الذين يقضون أوقاتهم في الشارع، وأهتم بحالتهم النفسية والاجتماعية، ونشاطات المركز نافذة مشرقة في كشف ميولهم وتوجيهها وتطويع تلك الميول بما يخدم تعليمهم ويثري ثقافتهم، ونحن مستمرون بعملنا منذ بداية الأزمة إلى الآن».

في العمل

لم يتوقف المهندس "باسل" عند هذا العمل، بل عمل هذا العام على إطلاق ما يسمى مبادرة "اللاذقية خالية من الفقر عام 2018"، وعنها قال: «عرضت فكرتي على أربعة أصدقاء ممن تجمعني معهم صداقة في المرحلة الجامعية، وهم الآن خارج "سورية"، حيث استجابوا لمساعدتي ودعمي في مشروعي الزراعي الإنتاجي بأن يقدم كل واحد منهم مبلغ خمسين ألف ليرة سورية، فقمت باستئجار خمسة دونمات وزراعتها بخضراوات صيفية، واستطعت أن أساعد عدة أسر في المدينة والريف مع أن المشروع في بدايته، أقوم بالتعامل مع الأسر الفقيرة على أساس احتياجاتها، مثل: (السكن، أو التعليم، أو توفير فرصة عمل، أو مرض، أو تقديم مبلغ مادي)، وهناك بعض الجمعيات في مدينة "اللاذقية" بدأت التعاون وتقديم الدعم لتلك الأسر، فقد وصلنا إلى 300 عائلة محتاجة حتى الآن، ونسعى إلى مساعدتها حسب الإمكانيات المتوفرة مبدئياً، كما أتحضر لزراعة الأرض بموسم شتوي لمتابعة العمل».

ويضيف: «نفكر بزيادة مساحة الأرض الزراعية، وفتح نافذة بيع من خلال تحويل ما تنتجه الأرض إلى منتجات يدوية ووضعها في الاستهلاك المباشر؛ وهو ما يوفر فرص عمل إضافية لتلك العائلات، وزيادة في المردود الذي سنوظفه في خدمة المحتاجين أيضاً، ربما لن تكون خالية من الفقر، لكننا نعمل يداً واحدة لإنجاز ما يبعث الأمل والحياة».

العناية بالمزروعات

الجدير بالذكر، أن "باسل الدّن" مهندس ميكانيكي من مواليد "اللاذقية"، عام 1975، ويحاول أن تلقى مبادراته صدى في كل مكان لإنجاح العمل ومساعدة الآخرين.