يتم تحضير "مخلل الحصرم" من حبات العنب الخضراء المتدلية من عرائش الحدائق المنزلية بطريقة سهلة وبسيطة، تتميز بنكهة لذيذة، وتعدّ من المقبلات التي تفتح الشهية على الطعام.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 30 تشرين الثاني 2015، ربة المنزل "أمينة داؤود" البالغة من العمر سبعين عاماً والمولودة في ريف "جبلة"؛ حيث تحدثت عن المخلل وطقوس تجهيزه قائلة: «لا يخلو أي بيت من وجود المخللات المتنوعة، لأنها سهلة التّحضير ولا تحتاج إلى وقت طويل لتحضيرها، وقد تعلمت طريقة إعدادها من والدتي وعلمتها لبناتي وزوجات أبنائي؛ أي إن الناس اكتشفوا هذه الطرائق منذ زمن طويل.

كان المخلل قديماً يقتصر على الخيار والفليفلة والباذنجان، لكن في أيامنا هذه دخلت خضراوات كثيرة في تجهيز المخلل كـ"اللفت والزهرة والملفوف والبندورة والعوجا والحصرم"، وغيرها من الخضراوات المتنوعة، وطريقة تحضيرها متشابهة نوعاً ما، إلا أن للحصرم نكهته الخاصة

فمنذ القدم والنسوة يقمن بقطف الخضار المتواجدة في الحقول وحدائق المنازل لتجهيز المخلل، ويتعاونّ مع بعضهن على تحضيره؛ حيث يتم تقسيم العمل بينهن، فتنصرف واحدة لتقطيع الخضار، وأخرى لتجهيز الماء الضروري للمخلل، والثالثة لتجهيز الأواني الفخارية ووضع الخضار فيها، ومن ثم تخزينه في غرفة خاصة تسمى (السفل) وهي مخصصة لكل مؤن البيت، ويترك المخلل نحو ثلاثين يوماً من دون أن تُفتَح جرّته، وأثناء قيامنا بتجهيزه نتبادل الأحاديث والقصص والأغاني الشعبية فيسود جو جميل من الألفة والتسلية؛ وننجز العمل المطلوب بأقل جهد ومن دون إحساس بالتعب».

ربة المنزل أمينة داؤود.

وتابعت: «كان المخلل قديماً يقتصر على الخيار والفليفلة والباذنجان، لكن في أيامنا هذه دخلت خضراوات كثيرة في تجهيز المخلل كـ"اللفت والزهرة والملفوف والبندورة والعوجا والحصرم"، وغيرها من الخضراوات المتنوعة، وطريقة تحضيرها متشابهة نوعاً ما، إلا أن للحصرم نكهته الخاصة».

وعن طريقة إعداده قالت: «في بداية شهر تموز تكون حبات الحصرم قد نضجت بالكامل، فأقوم وبناتي كما كل عام في البدء بعملية قطاف حبات الحصرم من دالية المنزل لتحضيره للمخلل، في البداية نقوم بجمع العناقيد في وعاء كبير نوعاً ما، وبعدها نقوم بغسلها جيداً وننظفها من الشوائب العالقة بها، ثم نفرطها حبّة حبّة ونضعها في عبوات بلاستيكية مفرغة من الهواء، ويمكن إضافة الفليفلة معها لتعطيها طعماً حاراً ونكهة مختلفة، وفي هذه الأثناء نكون قد جهزنا الماء المغلى مسبقاً وتركه ليبرد، ثم نضيف إليه الملح الصخري بمقدار أربع ملاعق لكل ليتر من الماء مع ملعقة سكر صغيرة، ويمكن إضافة الثوم أيضاً فهو يعطيه نكهة رائعة ومميزة، وعند الانتهاء نغلقه بسدادة محكمة الإغلاق ويترك لمدة أربعين يوماً بزيادة عشرة أيام عن المخللات الأخرى، ويعد المخلل من المؤن الضرورية لكل بيت حتى يومنا هذا».

الحصرم في أوانٍ بلاستيكية محكمة الإغلاق.

الصيدلانية "سمر النقري" حدثتنا عن القيمة الغذائية للمخلل بالقول: «يحتوي المخلل على قيم غذائية متنوعة مثل الفيتامينات والمعادن؛ لكونها مصنعة من الخضار الطازجة، وهو يضيف نكهة لذيذة إلى الطعام ويجعل الطعام سهل الهضم ويساهم في فتح الشهية. كما يساعدنا بالسيطرة على داء السكري، وانخفاض الضغط، وللحصرم بوجه خاص دور كبير في تقوية الجهاز العصبي وينشط الكبد، ويساهم في تنقية الكلى فهو غني بالأملاح المعدنية كالكالسيوم والحديد، ويزود الجسم بالطاقة، لكن ينصح بعدم الإكثار من تناوله لاحتوائه على كميات كبيرة من الملح الذي يتسبب في ارتفاع ضغط الدم».

وعن الموطن الأصلي لزراعة شجرة الكرمة وطرائق زراعتها حدثتنا المهندسة الزراعية "شيرين النقري" عن هذا الموضوع، فقالت: «نسجت حكايات وأساطير كثيرة حول نبات الكرمة، فاعتبرتها بعض الشعوب القديمة شجرة مباركة واستخدمتها كغذاء ودواء، ويعود موطنها الأصلي إلى آسيا الصغرى، ونقلت من قبل الفينيقيين إلى "سورية"؛

دوالي العنب الخضراء.

حيث انتشرت زراعتها في معظم المحافظات السورية، وتعد شجرة الكرمة من النباتات المعمرة والموسمية، وتحتاج زراعتها إلى جو معتدل مائل إلى الدفء، وهي من المحاصيل المهمة نظراً لقدرتها على التأقلم مع الظروف البيئية المختلفة وكثرة فوائدها الطبية والغذائية».