أثر تاريخي ومعماري يشكل شاهداً على قرون خلت، تتكون من قلعة وأبراج حماية إلى جانب عدد من المنشآت، تعود إلى عصور مختلفة، لم يبقَ منها اليوم إلا القليل.

مدونة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 30 أيلول 2014، مديرية الآثار والمتاحف في "اللاذقية"، والتقت مديرها المهندس "إبراهيم خير بك" الذي تحدث عن قلعة "المهالبة" وهندستها المعمارية، ويقول: «القلعة مبنية بهندسة معمارية متناهية الدقة والجمال، على طريقة الأقواس التي تحمل السقوف، أما الأبواب والمداخل فهي على شكل قناطر، وتتوسط السطوح فتحات مربعة لإيصال الضوء والمؤن، ويغلب على الأطلال الباقية للقلعة الطابع العربي وفيها الكثير من الآثار الأيوبية، ويتوضع نسيج القلعة المعماري فوق كتلة صخرية ضخمة، ويتألف من اثني عشر برجاً أغلبها نصف دائري، أما أبراج الزوايا فهي دائرية تتوزع فيها فتحات لرمي السهام وأدراج وممرات لحركة الجند، مُقامة على سور منيع يحيط بمنشآتها من مستودعات وخزانات وأقبية ودهاليز، بني بعضها من عقود حجرية مقامة على دعائم مربعة من حجارة كبيرة، فيما السقف مبني من حجارة صغيرة، بين ركامها نلمح نقوشاً كتابية وزخرفية تتشابه مع النقوش الفاطمية والأيوبية».

حرر القلعة "صلاح الدين الأيوبي" عام 1188م، وفي عام 1194م أصبحت تابعة لابنه "الأزهر الغازي" أمير "حلب"، ثم انتقلت إلى يد أسرة "منكوس" عام 1260م، وانتقلت لاحقاً إلى يد المماليك، حيث قام بترميمها "الظاهر بيبرس" عام 1269م، وأضاف إليها العديد من الأبنية ذات الاستخدامات المختلفة، ثم أخذها "سنقر الأشقر"، وبعدها سقطت بيد السلطان "قلاوون" المملوكي عام 1285م خلال القرن الثالث عشر وحتى منتصف القرن الخامس عشر، وبعد ذلك هُجرت ولم يعد يسكنها أحد

يضيف: «يبلغ طول القلعة الأعظمي 170 متراً، بنيت من حجارة كلسية بيضاء، تميز أبنيتها وتمنحها جمالاً خاصاً، ومن أبرز معالمها وأكثرها وضوحاً، سورها وأبراجها الموزعة على أضلاع بالتساوي؛ ما يؤمن حماية كاملة ويحصنها بشكل كبير، ويوجد فيها حمامات ومخازن مبنية على شكل قناطر، وفي بعضها ألواح حجرية كلسية، نُقشت عليها كتابات عربية لم تعد مقروءة جيداً بفعل الحت، وقد كانت أجزاء متناثرة في المكان ورُتبت بعد عمليات الترميم، وهنالك ألواح تشكل ساكفاً عريضاً لمدخل قاعة مطمورة في التربة، كحال جزء كبير من منشآت القلعة».

إبراهيم خير بك

وللحديث عن تاريخ قلعة "المهالبة" التقت مدونة وطن الباحث التاريخي "فرحان حسن"، ويقول: «ورد تعريفها عند "ياقوت الحموي" في "معجم البلدان": (إنها حصن منيع على سواحل "الشام" مقابل "اللاذقية" من أعمال "حلب")، كما أطلق عليها الجغرافيون والمؤرخون العرب اسم حصن "بلاطنيس"، أما اسمها الحالي فليس واضحاً إلى أي فترة يعود، ولكن يقال إنها سميت بـ"المحالبة" بالحاء نسبة لقبائل المحالبة العربية التي سكنت بجوار القلعة، وقد بنيت القلعة أوائل القرن الحادي عشر الميلادي، وشيدها "بنو الأحمر"، ثم احتلها البيزنطيون عام 1031م، وأكملوا بناءها خلال ثمانين سنة، وهاجمها "بنو سولايا" واحتلوها، ثم سقطت بيد الأمير الصليبي "راوجر" عام 1118م، وأصبحت تابعة لقلعة "السون" التي عُرفت لاحقاً بقلعة "صلاح الدين" أو قلعة "الحصن"».

ويتابع: «حرر القلعة "صلاح الدين الأيوبي" عام 1188م، وفي عام 1194م أصبحت تابعة لابنه "الأزهر الغازي" أمير "حلب"، ثم انتقلت إلى يد أسرة "منكوس" عام 1260م، وانتقلت لاحقاً إلى يد المماليك، حيث قام بترميمها "الظاهر بيبرس" عام 1269م، وأضاف إليها العديد من الأبنية ذات الاستخدامات المختلفة، ثم أخذها "سنقر الأشقر"، وبعدها سقطت بيد السلطان "قلاوون" المملوكي عام 1285م خلال القرن الثالث عشر وحتى منتصف القرن الخامس عشر، وبعد ذلك هُجرت ولم يعد يسكنها أحد».

كتابات عتيقة

تُعد قلعة "المهالبة" واحدة من سلسلة القلاع المنتشرة على الساحل السوري، وكان لها دورها بين تلك القلاع في زمن ما، ناهيك عن التشابه بين عناصرها وعناصر هذه القلاع، ومنذ مطلع التسعينيات من القرن العشرين، تشهد القلعة أعمال ترميم أثرية موسمية، بهدف صيانة النسيج المعماري للقلعة وإظهاره.

يذكر أن قلعة "المهالبة" تتربع فوق واحدة من قمم الجبال السورية، على ارتفاع 750 متراً عن سطح البحر، وعلى بعد حوالي 40كم إلى الشرق من مدينة "اللاذقية"، تجاور بلدة "القرداحة" من الجهة الشمالية، وتقابل جبل "الأربعين".

من اللقى الأثرية