آملاً أن يحصل على ثمن شقة ليسكن فيها، سافر عام 1994 إلى المملكة العربية السعودية مدرساً للغة الإنكليزية، وبحضور فاعل استطاع أن يلج عالم الثقافة الذي يحبه مكملاً مسيرته التي بدأها في وطنه.

ترجماته وكتاباته في الشعر والقصة والنقد الأدبي والتشكيلي وسيرة ذاتية تطول، تدفعك لتقول إن هذا الرجل موجود في كل مكان، "يوسف شغري" لا يتوقف نشاطه الثقافي حيث يعيش، بل هو في وطنه ومغتربه وفي كل مكان يجد فيه نفسه، فتجده مثالاً للسوري النشيط المبدع.

لكوني أعد نفسي من المثقفين السوريين المعروفين قبل سفري كان لا بد لي أن أكون حاضراً في الوسط الثقافي، واليوم بعد مرور عشرين عاماً على وجودي هنا أعتقد أنني معروف على المستوى الإبداعي والثقافي

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معه في مغتربه بتاريخ 15 آب 2014، ليحدثنا عن حضوره الثقافي، فيقول: «لكوني أعد نفسي من المثقفين السوريين المعروفين قبل سفري كان لا بد لي أن أكون حاضراً في الوسط الثقافي، واليوم بعد مرور عشرين عاماً على وجودي هنا أعتقد أنني معروف على المستوى الإبداعي والثقافي».

أثناء تسلمه إحدى شهادات التقدير

كتب "شغري" الكثير من المقالات وأجرى المقابلات باللغتين الإنجليزية والعربية، وترجم المقالات من الإنجليزية إلى العربية وبالعكس، ونشرها في الصحف السورية والعربية، منها صحف: "سيريا تايمز"، و"تشرين"، و"الثورة"، و"الأسبوع الأدبي"، و"اليوم" السعودية، و"الجزيرة" السعودية، و"ملحق الثورة الثقافي"، و"الوسط البحرينية"، ومجلات: "تشرين الأسبوعية"، و"الفنون الجميلة"، و"الحياة التشكيلية"، و"النافذة"، و"دارين"، و"نزوى"، وغيرها. ومن مغتربه نجده سفيراً للمثقف السوري، في كتاباته نفحات الوطن الذي عاش فيه، هذا لا نجده إحساساً، أو سليقة أدبية فقط، كما في مجموعته الشعرية الأخيرة "تميمة الرماد"، بل أيضاً في كتاباته النقدية التي تناولت وجوهاً بارزة في الوطن، وهو ينظر لذلك من مدى أوسع فيقول: «أنا ابن "اللاذقية" وابن "سورية" وعربي وإنسان... وعلى الأديب والمثقف أن يعكس كل ذلك في نشاطه الإبداعي، ولا شك أني عشت بأمانة الثقافة التي نشأت عليها في وطني وفي بلدي "اللاذقية".. نعم أعتقد أنني كتبت في الصحافة هنا عن الفنانين التشكيليين السوريين وخاصة الذين من بلدي "اللاذقية"، منهم على سبيل المثال لا الحصر: الفنان الطبيب "معين الخطيب"، والفنان الكبير الراحل "عيسى بعجانو" (هيشون) رحمه الله، و"محمد أسعد سموقان"، والنحات المعروف "محمد بعجانو"؛ وهم جميعاً من أعلام الفن السوري اليوم.

نعم عكست الثقافة التي نشأت عليها بين الأدباء والمثقفين بالمحاضرات التي قدمتها والدورات الثقافية التي قدمتها هنا، واليوم هناك العشرات من الفنانين والأدباء الشباب السوريين هنا أساعدهم بالتواصل المباشر أو عبر شبكة الإنترنت».

من معرض الفنانة التشكيلية أمينة آل طلاع

لـ"شغري" تقديره الخاص في الوسط الثقافي الخليجي والعربي على العموم، تحدثنا الفنانة التشكيلية "خلود آل سالم" قائلة: «هو من أبرز النقاد الملازمين للنشاط الفني على المستوى الأدبي والتشكيلي في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، حضوره ومشاركاته النقدية في مجال التشكيل متنوعة وعديدة، ألقى الكثير من القراءات النقدية المصاحبة للمعارض التشكيلية المقامة من قبل مؤسسات ونوادي الأدب والفن التشكيلي بالمملكة العربية السعودية، إضافة إلى العديد من المحاضرات والندوات ذات الصلة بالفن التشكيلي التي ساهمت بشكل ملموس برفع الذائقة البصرية واكتساب الأسس والمهارات للعملية التذوقية الجمالية، أيضاً استطاع الأستاذ "يوسف شغري" -بتواضعه وأريحيته ومحبته وحرصه والتزامه مبدأ الصدق النقدي- أن يصاحب الكثيرين من الفنانين والفنانات السعوديين، عن قرب من خلال حرصه الدائم على حضور معارضهم، أو قيامه بالزيارات الخاصة لهم في مراسمهم الشخصية للوقوف على تجاربهم الفنية ومعرفتهم من خلال تبادل الحوار والحديث النقدي عن منجزاتهم الفنية، وفهم شخصياتهم وبعض ملامح أسلوب حياتهم العامة. الناقد "يوسف شغري" -بسلامة ذوقه ودقة ورهافة حسه وسعة اطلاعه وانفتاحه على الجديد، والتجرد من أهوائه الشخصية أثناء الحكم على العمل الفني- استطاع أن يلقى قبولاً وتفاعلاً من الفنان الواعي أو المتلقي المثقف، وأن يخلق جواً ثقافياً مفعماً بالحوار العلمي قابلاً للأخذ والرد، وإثارة كل الموضوعات التي من شأنها أن ترفع مستوى العملية النقدية، وزيادة الوعي الجمالي وإدراكه، والإحساس بمدى الحاجة والمسؤولية لتنمية وتطوير الحالة النقدية التي مازالت في طور النمو في بلادي السعودية».

أما عن ملامح الثقافة السورية في حضوره ونتاجه الثقافي، فتقول: «"شغري" كأديب ومثقف سوري نتلمس منه مصاديق العملية النقدية الأصيلة المتجذرة في أصالة التراث الأدبي والفني السوري العريق، نلتمس إحداث تغيير جاد وملتزم وواعٍ بأهمية تأسيس بداية تاريخ للحركة النقدية التشكيلية لدينا».

في أحد المعارض