فنان متميز، يرسم بالسكين كبديل للريشة، وينحت بسكين أخرى تماثيل معقدة بحرفية ودقة عالية، ويوظف الأشياء العديمة القيمة في صنع أعمال فنية جميلة ومميزة.

وللحديث عن تجربة الرسام والنحات "وائل فضة" التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12/2/2013 حيث قال: «بدأت الرسم منذ نعومة أظفاري، فقد ولدت لدى عائلة تهوى الفن وورثت عشقه بالفطرة وشجعني أهلي على صقل موهبتي، وزاد تعلقي بهوايتي في المدرسة فحاولت تطوير مكتسباتي عبر رسم كل ما يلفت انتباهي حتى ولو لم يكن مناسباً لسني، وكان دفتر رسوماتي محط إعجاب المدرسين جميعاً، وسعيت إلى تنمية قدراتي بالرسم المتواصل لأي شيء تقع عليه عيني، فرسمت الكاتب الروسي "تولستوي" والكثير من أعماله عندما كنت في الصف الخامس الابتدائي ومازلت متأثراً حتى الآن بالثقافة الروسية».

"وائل" فنان ذو حس فني عالٍ وحساسية مفرطة، فهو يعمل بصمت ويتقن عمله بمهارة، ويهتم بالتفاصيل الدقيقة، وتجربته اللونية مميزة، ولو أنه تلقى الدعم الصحيح لحلق عالياً

وأضاف: «الرسم موهبة من الله ولكن لابد للإنسان من تطويرها وصقلها بالدراسة الأكاديمية، لذلك درست أصول هذا الفن في معهد الفنون التشكيلية، وخضعت لعدة دورات في المركز الثقافي، فتعلمت أبعاد الرسم والخطوط الأساسية بالإضافة إلى التظليل والتدريجات اللونية، وقد وضعني الفنان "بسام ناصر" على طريق الاحتراف وعلمني الضربات الأولى فيه والعمل على تفاصيل الوجه، وتابعت التدرب أكثر لتعزيز امكانياتي وتطويرها».

لوحة الديك المرسومة بالسكين

الرسم بالسكين فرادة ميزت معظم لوحات الفنان "وائل" وعن ذلك قال: «الرسم بالسكين هو عمل جميل وصعب بنفس الوقت وقد استهوتني الفكرة لأنها أقرب إلى النحت، حيث أرسم مستخدماً "مشاحف" مختلفة الأحجام وبمعجون الطلاء الملون، وهي تعطي كتلة لونية جميلة ونافرة وتنضوي على قدر من الصعوبة، وأكثر اللوحات التي أحبها هي لوحة "الديك" التي شاركت بها في أحد المعارض، وحازت إعجاب كل من رآها، ورسمتها على لوح خشب وجدته بالمصادفة أثناء سيري في الشارع فقمت بقصه ورسمها عليه، ولونتها بالألوان الزاهية التي تضج بالفرح ورغم ولعي بها إلا أن اللون الكحلي وتدرجاته هي ألواني المفضلة».

تربط الفنان "فضة" بالنحت علاقة روحية حيث قال: «كانت بداياتي مع النحت عندما سجلت في المركز الثقافي لتطوير موهبتي في الرسم فخيرت بين اختصاصين إما رسم ونحت أو رسم وحفر، فاستمالني النحت وسعدت جداً بالعمل بالطين للإحساس الرائع الذي يضيفه لي، فأحياناً أشعر بأنه قد أصبح جزءاً من يدي فنشأت علاقة روحانية ربطتني به، وقد اعتدت صنع أشكال ومجسمات كثيرة منه، فأنا أعتبره المادة الحيوية في حياتي لأنه أصل الإنسان ومنبته، وحققت نجاحاً ملموساً في هذا المجال ونلت المرتبة الأولى في المسابقة التي أجريت في المركز الثقافي، وأول منحوتة صنعتها كانت تمثال "فينوس" الذي صار نموذجاً يحاكيه الطلاب المستجدون لدقته المتناهية وعمله المتقن، وعُرض لفترة على باب المركز الثقافي، وتابعت التعلم في المعهد مدة خمس سنوات اكتسبت من خلالها خبرة كبيرة، واستفدت من تجارب أصدقائي أيضاً».

اله نصفه انسان ونصفه حصان

وتابع: «بدأت العمل بالطين والصلصال، وتعلمت صنع أجزاء الجسد كلاً على حدة، وبعد هذه الفترة الطويلة من التدريب والتعلم أصبحت قادراً على صنع منحوتاتي من أي مادة حتى ولو كان العمل بها صعباً, وتأثرت بالفن الروماني بحكم أنه الفن الوحيد الذي عمل على نحت الشخصيات والوجوه بدقة متناهية، واخترت الأسطورية منها لأنها معقدة ومركبة وصعبة التنفيذ، وتبرز موهبة النحات وحرفيته العالية، فقمت بنحت تمثال ضخم لإله نصفه إنسان ونصفه الآخر حصان، وتطلب صنعه جهداً كبيراً نظراً لضخامته وللتفاصيل الدقيقة والكثيرة الموجودة به، وقد نال استحساناً كبيراً وهو معروض الآن في المركز الثقافي العربي في اللاذقية، بالإضافة إلى منحوتة رائعة لإله البحر "بوسيدون" التي لم يسبقني اليها أحد وهي قطعة فنية جميلة ومميزة تنضوي على قدر كبير من الدقة والمهارة، فالنحت هو فني المفضل لأنني أتعامل به مع كتلة ميتة ألمسها وأشعر بها بين أصابعي محولاً إياها في النهاية إلى ما يشبه الإنسان أو إلى شيء يوصل فكرة إلى المتلقي بطريقة جذابة ومميزة».

نحت الفنان "وائل" تمثالاً "لحورية البحر" ليترك بصمته الخاصة في حديقة الأطفال فتحدث عنه قائلاً: «تمثال "حورية البحر" عمل ثابت صنعته بعد أن قمنا بجمع التبرعات من أهالي الحي الذين أبدوا ترحيباً شديداً بالفكرة، واستغرق شهراً ونصف الشهر من العمل اليومي المتواصل بما يزيد على /12/ ساعة، فوفرت المواد المطلوبة، وعملت على تفصيل قالب الحديد الداخلي بحسب القطعة الفنية، وغلفته بالشبك الذي أخذ شكلاً مبدئياً للكتلة، وأضفت الاسمنت والرمل ومن ثم وضعت الطبقة الأخيرة من الصلصال لتمكنني من نحت ورسم معالم التمثال بالسكين وتشذيب العمل، قبل أن يتم طلاؤه بطبقة من "الريزين" لعزله وهي مادة قاسية تضاف للحماية من العوامل الجوية، وأخيراً يصار إلى تلوينه بالألوان المطلوبة، وقمت بجمع أصداف من البحر لوضعها على ذيل "الحورية" للإشارة إلى الحراشف كنوع من البحث عن الجديد والاستفادة من مظاهر البيئة الساحلية التي نعيش بها، وعلى الرغم من أنني أقوم بهذا العمل مجاناً إلا أنني أحصل على أجري عندما أرى الناس تتوافد إلى التمثال لالتقاط الصور التذكارية بجانبه مبدين إعجابهم وفرحهم به، فهي سعادة لا تقدر بثمن بالنسبة لي».

اثناء العمل

يصنع الفنان "وائل فضة" قطعاً فنية مميزة من أشياء عديمة النفع فقال متابعاً: «أستطيع توظيف كل الاشياء التي لا قيمة لها في صنع تحفة أو عمل فني جميل وأستفيد من موجودات الطبيعة البسيطة حولي كأغصان الاشجار في الحديقة فأعيد تشكيلها بطريقة فنية محولاً إياها إلى تمثال إنسان، وقد صنعت من الخشب العديم النفع مجسماً لطفل صغير بمفاصل قابلة للثني وغيرها من ألعاب الأطفال الكبرى التي كانت مصدر سعادة لهم، وفي بعض الأحيان أقوم بتصوير الأشياء التي تعجبني ومن ثم أنحتها وخاصة إذا كانت معقدة وتتطلب دقة وعملاً كبيرا،ً فأنا أبحث عن التميز في الصعوبة وابتداع منحوتات دقيقة لم يسبقني أحد إلى تنفيذها».

وعن المعارض التي شارك بها تحدث "وائل" قائلاً: «شاركت في مهرجانات الطلائع وفي مسابقات على مستوى المحافظات وكنت متميزاً دائماً، بالإضافة إلى عدة نشاطات كالرسم على الجدران، وساهمت مع الكثير من أصدقائي في المعارض المقامة في الجامعة، وشاركت في مهرجان "المحبة" فقد تم استدعائي لإكمال تمثال "طائر الفينيق" بعد أن فشل صاحبه في إنهائه ولم يتبق للعرض سوى يوم واحد، فعملت من الصباح حتى آخر الليل على صنعه، وتم عرضه في التوقيت المطلوب وحصد إعجاب الجميع، بالإضافة إلى مساهماتي في العروض الدورية التي تحدث في المركز الثقافي».

الرسام "بسام ناصر" تحدث عن "وائل فضة" قائلاً: «هو فنان مهذب وطيب وأعماله تشبهه، فتجد فيها لمسة من البساطة والطيبة والجمال، وهو نشيط ومجتهد، ولو توافرت الإمكانيات لديه لكان قام بأعمال جميلة جداً، لأنه شخص يمتلك روح الفنان الحقيقي واليد الماهرة والفكر المبدع».

أما النحات "فراس علاء الدين" فقال: «"وائل" فنان ذو حس فني عالٍ وحساسية مفرطة، فهو يعمل بصمت ويتقن عمله بمهارة، ويهتم بالتفاصيل الدقيقة، وتجربته اللونية مميزة، ولو أنه تلقى الدعم الصحيح لحلق عالياً».

"هيثم شريبة" الملقب "أبو شادي" حارس الحديقة التي نُصب بها التمثال قال: «"وائل" فنان مبدع يعشق عمله ويعطيه جل وقته وطاقته ولطالما وصلت إلى الحديقة ووجدته يعمل منذ الصباح الباكر، فهو مثابر وصبور يتميز ببساطته وروحه المرنة القابلة للنقد في إطار تحسين عمله، واستطاع أن يصنع هذه التحفة الفنية بإمكانيات قليلة وبجهود كبيرة نالت استحسان الجميع».

والجدير بالذكر أن النحات والرسام "وائل فضة" في صدد تنفيذ تمثال ثابت لجندي على دوار الزراعة وسيبدأ في تنفيذه قريباً بالإضافة إلى رسومات جدارية في مهرجان الطلائع.