على مقربة من الجبل الوسطاني، وعلى بعد /33/ كيلو متراً من إدلب مركز المحافظة حيث تتوضع بلدة دركوش التي كان لها في التاريخ موقع مميز، اكتشف منحوت صخري ضخم، مشاهدته تثير الإعجاب، مازال صامداً لنوائب الدهر، وأحداث الزمن.

تبرز المعالم الكاملة للمنحوت الذي قيل إنه من أروع المنحوتات الصخرية ومن أجملها حين غروب الشمس فتبدو لمسات الطبيعة تتعانق مع فنون النحت بطابعها المحلي ما يضفي على المكان ظلاً من القدسية السماوية. ولعل النص المنقوش باللغة اليونانية وهو يتصدر واجهة مدفن جماعي يقع في أسفل المنحوت كخلود للشهرة من أكثر ما يلفت الأنظار، فقد وردت فيه عبارات ترشد وتدل على صاحب المنحوت الصخري (اوطيخا كبير الملاحين يتأمل نهر العاصي Orondes).

ظهرت المنحوتة بملامح مبهمة في البدء ثم سرعة وضوح ملامحه وتفاصيله فسببه أن صانعيه القدامى اعتمدوا على مقاييس دقيقة تتعلق بالضوء بحيث إن التمثال المنحوت تظهر ملامحه بفعل أشعة الشمس، والتراكمات الصخرية التي حدثت أمامه حجبت أشعة الشمس عنه فغابت ملامحه ثم عادت لتظهر مع سطوع أشعة الشمس عليها من جديد.‏ النحت على سفح الجبل تم بدقة هندسية وفنية عالية وضمن حسابات تعتمد على سطوع الشمس، وفي التأمل بهذا التمثال نجد أن الفنانين القدامى الذين صنعوه زاوجوا بمهارة بين الرسم والنحت، فتم استغلال عوامل الحت الطبيعي بشكل ماهر وتعميق ما يجب تعميقه على الصخور من تفاصيل، ووضعت حسابات دقيقة لمدى الرؤية حيث إن الناظر للتمثال من أسفله مباشرة قد لا يميز ملامحه وكلما ابتعد عنه ازدادت تفاصيل وملامح التمثال بروزاً

يقول الأستاذ "فايز قوصرة" الباحث في تاريخ محافظة إدلب وآثارها لموقع مدونة وطن esyria: «يقع المنحوت قرب عين التكية، على جبل مرتفعٍ نُحت وجه رجل واقف يرتدي التاج، يسمِّيه الأهالي ملك البحارة. أسفل التمثال يوجد مدفن محفور في جدار الجبل، وفوق مدخله كتابتان باللغة اليونانية الإغريقية:

نحت ملك البحارة

  • الأولى تشير للاسم القديم لنهر العاصي وترجمتها:" زينو ذوروس والأرنديون نحتوا وأقاموا هذا المدفن"

  • أما اسم زينو ذوروس: فيبدو انه كان زعيم المنطقة، وكلمة الأرنديون: نسبة إلى الأرند وهو اسم نهر العاصي القديم، وقد ذكر ياقوت الحموي هذا الاسم قائلاً: "إن نهر العاصي اسمه قرب إنطاكية الاُرُنْد " ومنه جاء اسم (Orontes) الذي أطلقه الأوروبيون على نهر العاصي حتى اليوم.

  • والثانية كتابة ترجمتها: "في سنـة 352م من شهر تَمُّـوز، أوتيخوس رئيسُ صناع السفن هنا، حيثُ يرقدُ كما رقدتْ دومتلا أمي الحبيبة جداً. ابتهجي أيَّتُهـا الأمُّ ... ما من أحدٍ خالد".

  • هذا دليل واضح على أهمية دركوش كميناء رئيسي على نهر العاصي في تلك الفترة المبكرة، ويدل هذا النص على أهمية دركوش أيضاً كمركز لصناعة السفن، حيث طالب "قوصرة" الجهات المسؤولة عن دراسة وتوثيق الأوابد التاريخية في سورية بالمحافظة على الموروث هذا ووقف التعديات على محيطه، حيث إن أهالي دركوش يشعرون اليوم بالسعادة ويفخرون بالمنحوت الصخري لكونه من أبرز المعالم السياحية لبلدتهم».

    الكتابة على المدفن

    السيد "عبد الجليل سلاح" عضو جمعية العاديات بحلب ذكر عن ظهور المنحوت بالقول: «ظهرت المنحوتة بملامح مبهمة في البدء ثم سرعة وضوح ملامحه وتفاصيله فسببه أن صانعيه القدامى اعتمدوا على مقاييس دقيقة تتعلق بالضوء بحيث إن التمثال المنحوت تظهر ملامحه بفعل أشعة الشمس، والتراكمات الصخرية التي حدثت أمامه حجبت أشعة الشمس عنه فغابت ملامحه ثم عادت لتظهر مع سطوع أشعة الشمس عليها من جديد.‏

    النحت على سفح الجبل تم بدقة هندسية وفنية عالية وضمن حسابات تعتمد على سطوع الشمس، وفي التأمل بهذا التمثال نجد أن الفنانين القدامى الذين صنعوه زاوجوا بمهارة بين الرسم والنحت، فتم استغلال عوامل الحت الطبيعي بشكل ماهر وتعميق ما يجب تعميقه على الصخور من تفاصيل، ووضعت حسابات دقيقة لمدى الرؤية حيث إن الناظر للتمثال من أسفله مباشرة قد لا يميز ملامحه وكلما ابتعد عنه ازدادت تفاصيل وملامح التمثال بروزاً».