على مقربة من موقع "قلب لوزة" تقف آثار "قرق بيزة" فوق نتوء صخري ضمن "جبل الأعلى"، بموقع يطل على سهل "الشلف" وقرية "حتان" في محافظة "إدلب" شمال سورية.

«تتميز آثار "قرق بيزة" بأهميتها الأثرية والسياحية التي تدل على عراقتها التاريخية عبر الحضارات»، هذا ما تحدث به الباحث الآثري "نيقولا كباد" رئيس دائرة الآثار في محافظة "إدلب" "لمدونة وطن esyria" بالقول: «إن أهمية "قرق بيزة" وما تحتويه من آثار جعلها ضمن الباركات الأثرية في محافظة "إدلب" التي سجلت على لائحة التراث العالمي وهذا دليل على مكانتها الأثرية والسياحية، فهي مقصد للكثير من السياح من مختلف أنحاء العالم لما تتمتع به من أهمية موقعها وآثارها العريقة وفنونها العمرانية، كما أن قرب آثار "قرق بيزة" من موقع كنيسة "قلب لوزة" التي تعد أجمل كنائس الشرق زاد من أهميتها ومكانتها السياحية، ولكنها تحتاج لبعض الاهتمام والترويج السياحي للمحافظة عليها واستثمارها في استقطاب السياح من كل أنحاء العالم».

تتميز آثار "قرق بيزة" بأهميتها الأثرية والسياحية التي تدل على عراقتها التاريخية عبر الحضارات

الباحث الأثري "عبد الحميد مشلح" يذكر بالقول: «تعد الكنيسة من أهم الآثار التي لا تزال محافظة على منظرها وشكلها العام باستثناء سقفها الذي خربته العوامل المناخية، ولكن ماتزال جدرانها وأبوابها ونوافذها محافظة على رونقها وجمالها العمراني، حيث تقع الكنيسة شمال القرية وبجوار أحد أجمل الفيلات فيها ويعود تاريخ بنائها للثلث الأول من القرن الرابع الميلادي وتعد من أقدم الكنائس المبنية في سورية وتمتاز بهندستها المعمارية التي اعتمد عليها فيما بعد في بناء وهندسة الكنائس في هذه المنطقة بدءاً من القرن الخامس الميلادي حيث تعد النواة الأولى لهندسة الكنائس وفنونها المعمارية المميزة».

بعض الأبنية السكنية القائمة

يضيف: «"قرق بيزة" من أهم المدن الأثرية البائدة المهجورة في شمال سورية ويعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي، ويعتقد أن اسمها مشتق من كلمتين "سريانيتين" الأولى "كرك" وتعني حصن والثانية "بيزو" وتعني طائر "البازي" وبالتالي تكون تسميتها "حصن البازي" وهي مستمدة من موقعها المرتفع المحصن والذي يشبه عش أو بيت طائر البازي" الذي يعشق قمم الجبال في حين يرى البعض أن تسميتها مأخوذة من اسم العائلتين اللتين كانتا في هذه المنطقة وهما "كرياكوس" و"بيزوس" والرواية الأولى هي الأقرب إلى الواقع تماشياً مع موقعها الجغرافي».

وفي وصفه لطرازها العمراني ولما يحتويه الموقع العام: «رغم ما مر على المدينة من نوائب إلا أنها لا تزال قائمة كواحدة من أجمل وأهم المواقع الأثرية وكمدينة قائمة بذاتها وشاهدة على تلك الحضارة التي نهضت في هذه المنطقة، حيث حافظت معظم أبنيتها على شكلها العام مع بعض الخراب الذي طال أجزاء منها حيث تتناثر حجارتها الكبيرة في أرجاء المكان فيما تقف الأجزاء الباقية شامخة متحديةً العوامل المناخية، ورغم صغر مساحة الموقع الموجودة فيه هذه المدينة الأثرية في ذلك الجزء من النتوء الجبلي والطبيعة الصخرية التي تحكمت في توسع المدينة ولكن لايزيد طول ضلع المكان الذي يضمها على 100 متر إلا أنها تشتمل على ثلاثة أحياء تتوزع في الوسط وفي الشمال والشمال الشرقي والثالث في الجنوب والجنوب الغربي وتضم هذه الأحياء نحو 23 فيلا قديمة مع باحات واسعة ومعظمها مؤلف من طابقين وتمتاز ببنائها وطرازها المعماري الجميل الذي يدل على غنى سكانها والحالة الاقتصادية المميزة لهم وعدد من تلك الأبنية لا تزال معظم أجزائها بحالة سليمة كما أنها تضم بعض النقوش والرسوم المحفورة على حجارتها وعلى سواكف الأبواب القائمة، كما يوجد في الموقع عشر معاصر زيتون وخزان ماء محفور بالصخر».

تزيينات ورسومات السواكف والأبواب
الموقع العام لآثار قرق بيزة