يعرض في متحف "معرة النعمان" العديد من الأبواب البازلتية الغنية بالعناصر الزخرفية، حيث يقارب عددها 50 باباً تعتبر جزءاً هاما من الموروث التاريخي للإنسان السوري القديم.

الباحث الأثري الأستاذ "أحمد غريب" تحدث لموقع eIdleb عن هذه الأبواب بالقول: «كانت بالأصل أبواباً لمدافن جماعية اكتشفت في منطقة "المعرة"، وصنعت هذه الأبواب من البازلت لأن كثرة استخدام الباب وتحريكه يتطلب تصنيعه من حجر قاس فكان البازلت المتوافر بكثرة في الكتلة البازلتية الواقعة قرب "معرة النعمان"، وقد نقش الفنان السوري القديم على هذه الأبواب جملة من الرموز الزخرفية والنباتية ومنها الحيوانية ولهذه الرموز دلالات طقسية تتقاطع مع الرسالة الإنجيلية وتذكرنا هذه الرموز بجملة من الرموز التي تم انتشارها في اللوحات الفسيفسائية الموجودة في متحف "المعرة" وهذا يدل على الغنى والخصب لفكر الفنان السوري القديم، ومن أهم هذه الأبواب المعروضة في باحة المتحف باب نقش عليه صليب بشكل معين يرمز للاتجاهات الأربعة، وفي الزاوية السفلية اليمنى من الباب هناك رمز لصليب معقوف بعكس عقارب الساعة، وهذا النقش يذكرنا بأن هذا الرمز هو رمز قمري أي رمز لموت بعكس الصليب المعقوف الذي تتجه أضلاعه مع عقارب الساعة وذلك رمز شمسي ويرمز للسيد المسيح، وهذا النقش مهم جداً ومؤرخ عليه كتابة باللغة اليونانية القديمة تذكر تاريخ هذا الباب 298 ميلادي أي القرن الثالث وقد عثر عليه في شرق منطقة "المعرة"، وهناك العديد من الأبواب التي تختلف فيما بينها من حيث الرموز حسب غنى فكر الفنان إلا أن معظم هذه النقوش هي عبارة عن صليب بهيئات مختلفة وهناك رمز للشمس ذات الأشعة الملتوية وهي رمز للأبدية، وهذا النقش عبر إلى الفترة الإسلامية للمباني، فهناك في الجامع الكبير في "معرة النعمان" يوجد هذا النقش على يمين ويسار المحراب من الأعلى شكل الشمس ولها أشعة وهذه ترمز للأبدية أو اللا نهاية، وفي العهد المسيحي خص بهذا الرمز عودة السيد المسيح.

نحن في محافظة "إدلب" نفتخر بمقتنيات متحف "معرة النعمان"، فما يحويه من لوحات فسيفساء رائعة ومكتشفات حجرية فريدة يعتبر من أجمل ما تعرضه المتاحف السورية، ومن يزور متحف "المعرة" ويشاهد تلك الأبواب البازلتية السوداء القاسية وما حوته من نقوش وزخارف متنوعة ودقيقة وجميلة، يشعر ببراعة وقوة إرادة الفنان السوري، الذي أبدع تلك اللوحات الزخرفية الرائعة على ذلك الصخر القاسي الأصم

هذه الأبواب كانت في الأصل تستخدم على مبدأ التوازن النسبي للمدافن، فهناك جرن سفلي وجرن علوي ونلاحظ للأبواب بروزين من الأعلى والأسفل على جهة واحدة، ويوجد في الوسطى مغلاق وقفل حديدي برونزي كان يستخدم لإغلاق المدفن ومع دخول الناس إليه، لمنع العبث برفات الموتى، تتراوح تواريخ هذه الأبواب من القرن الثالث الميلادي وحتى القرن السادس الميلادي، حيث اكتشفت في كل قرى المنطقة الشرقية في مدينة "المعرة" على أحد هذه الأبواب، واستخدام هذه الأبواب لم يقتصر على الكتلة البازلتية بل امتد إلى الكتلة الكلسية حيث كانت المدافن تنحت في الصخر الحواري ويستقدم الباب من الجهة الشرقية لمنطقة "المعرة" باعتبارها كتلة بازلتية، فكانت تقلع الحجارة من تلك المناطق وتزخرف وتنقل إلى المدافن، ولا تزال مثل هذه الأبواب موجودة في أماكنها الأصلية فهناك برج التنسك في قرية "الجرادة" شمال "المعرة" ما زال بابه البازلتي موجوداً في الموقع، والملاحظ بأن جميع تلك الأبواب بنفس الحجم بقياس 110×90 سم».

باب بازلتي عليه رمز الصليب المعقوف

مجموعة الأبواب البازلتية تعتبر من أجمل محتويات متحف "المعرة"، وهي تحظى بإعجاب كل من يطلع عليها، وعن ذلك يقول الأستاذ "خالد الخلف": «نحن في محافظة "إدلب" نفتخر بمقتنيات متحف "معرة النعمان"، فما يحويه من لوحات فسيفساء رائعة ومكتشفات حجرية فريدة يعتبر من أجمل ما تعرضه المتاحف السورية، ومن يزور متحف "المعرة" ويشاهد تلك الأبواب البازلتية السوداء القاسية وما حوته من نقوش وزخارف متنوعة ودقيقة وجميلة، يشعر ببراعة وقوة إرادة الفنان السوري، الذي أبدع تلك اللوحات الزخرفية الرائعة على ذلك الصخر القاسي الأصم».

باب آخر عليه رموز للشمس ذات الأشعة الملتوية
باب بازلتي لمدفن جماعي يعود للقرن الخامس الميلادي