من اللوحات الرائعة التي يحتضنها متحف "معرة النعمان" لوحة اكتشفت في بلدة "جرجناز" شرق مدينة "المعرة" بحوالي 10 كم خلال تسعينيات القرن الماضي.

يقول الباحث الأثري الأستاذ "أحمد غريب" عن هذه اللوحة في حديثه لموقع eIdleb: «تعتبر هذه اللوحة من اللوحات الفريدة في المتحف من حيث أناقة السكب والرصف وجمالية الكعوب وحسن التدبير لأشكال الحيوانات التي بدت وكأنها تحاول أن تخرج من أرضية اللوحة، حيث اعتمد الفنان على إبراز البعد الثالث لهذه الحيوانات من خلال التدرجات اللونية، اكتشفت هذه اللوحة جانب الطريق العام الذي يمر في وسط بلدة "جرجناز" وتم نقلها إلى متحف "المعرة" ومعالجتها فنياً ويعود تاريخها للقرن الرابع الميلادي، المشهد الرئيس في هذه اللوحة المكتشفة في تسعينيات القرن الماضي هو مشهد الدب، وهذا الحيوان له رمزية خاصة إذ إنه يرمز للقوة، حيث ذكر اسم الدب في إحدى لوحات متحف "المعرة" بأنه "هيراكليس" إله القوة، هذا الحيوان يرمز للقوة وفي مشاهد عديدة في لوحات متحف "المعرة" رصف هذا الحيوان في أشكال مختلفة منها صراع مع حيوانات أخرى ومنها بحالات هادئة إلا أنه على العموم هو حيوان شرس وقوي ويماثل السبع في قوته أحياناً، لذلك اعتمد الفنان في فسيفساء "جرجناز" على اعتماد هذا الحيوان كمحور لهذه اللوحة، ويؤطر المشهد شريط زخرفي لورقة "الأكانتس" تضم داخلها أشكال نباتية وسلة فارعة وغيرها، واللافت في هذه اللوحة هو استخدام كعوب زجاجية وكان الفنان يحصل على هذه الكعوب من خلال خلطة كيميائية لأكسيد السلكا، ونلاحظ أن هذه اللوحة متأثرة جداً بفن الفسيفساء الروماني من حيث أسلوب الرصف وأشكال الحيوانات وإدراك الفنان للبعد الثالث لهذه الحيوانات، وهذا الأمر أعطى نفوراً لأشكال الحيوانات وبدت كأنها طبيعية بالإضافة إلى قوة الفنان الفنية من خلال إدراك النسب الهندسية لأشكال هذه الحيوانات».

ما يلفت النظر في هذه اللوحة وجود مشهد الدب، وهذا يعنى أن الدب كان موجوداً في منطقتنا في تلك الفترة مثله مثل الأسد والغزال، وهناك رواية "لأسامة بن منقذ" في القرن 12 م زمن الحروب الصليبية أنه طارد أسدا جنوب "المعرة" في أحد الأديرة داخل كنيسة وقتله، إذاً كانت منطقتنا تعج بالحيوانات المفترسة إذ كانت غنية بالمياه والغابات، وقرأت في أحد نصوص الرحالة الذين زاروا المنطقة في مطلع القرن التاسع عشر أنه شاهد قطيعاً من الغزلان جنوب "المسطومة" بين مدينتي "أريحا وإدلب" قدره بخمسة آلاف رأس، وبدءاً من القرن 18 بدأت تلك الغابات بالتراجع والحيوانات بالانقراض

بدوره المؤرخ "فايز قوصرة" تحدث عن هذه اللوحة بالقول: «ما يلفت النظر في هذه اللوحة وجود مشهد الدب، وهذا يعنى أن الدب كان موجوداً في منطقتنا في تلك الفترة مثله مثل الأسد والغزال، وهناك رواية "لأسامة بن منقذ" في القرن 12 م زمن الحروب الصليبية أنه طارد أسدا جنوب "المعرة" في أحد الأديرة داخل كنيسة وقتله، إذاً كانت منطقتنا تعج بالحيوانات المفترسة إذ كانت غنية بالمياه والغابات، وقرأت في أحد نصوص الرحالة الذين زاروا المنطقة في مطلع القرن التاسع عشر أنه شاهد قطيعاً من الغزلان جنوب "المسطومة" بين مدينتي "أريحا وإدلب" قدره بخمسة آلاف رأس، وبدءاً من القرن 18 بدأت تلك الغابات بالتراجع والحيوانات بالانقراض».

مشهد الدب في فسيفساء جرجناز
مشهد الغزال
نبات الأكانتس في اللوحة