تعتبر لوحات الفسيفساء فناً سورياً خالصاً، ويتميز متحف معرة النعمان، بأنه المتحف الأشهر في العالم، لما يحتويه من هذه اللوحات.

يعتبر متحف معرة النعمان بأجنحته الأربعة، أهم متحف في العالم بمحتوياته الفسيفسائية، حيث يضم الجناح الأول: لوحتي- فركياـ وهي إحدى القرى الأثرية في جبل الزاوية، وتتحدث اللوحة الأولى عن الأخوين روميو وروميلوس وذئبة ترضع الطفلين، وهي حكاية معروفة في المصادر اللاتينية القديمة، ويعود تاريخها إلى القرن التاسع قبل الميلاد، وتتحدث عن تأسيس مدينة روما، والصراع بين الأخوين روميو وروميلوس، والشقيقين نيمتور واميليوس واغتصاب العرش، ويعود تاريخ اللوحة إلى سنة 511 ميلادي.

أما اللوحة المقابلة لها فتعود لأرضية غرفة في كنيسة مؤرخة سنة 510م وكتب عليها (( بلطت هذه الغرفة في عهد بولس سنة 510م)) وتتوسط اللوحة جرة كبيرة تخرج منها شجرة الكرمة تتفرع إلى جامات تضم صوراً لحيوانات من البيئة المحلية ومطاردات وبعض الزخارف.

الجناح الثاني:

ويضم لوحة الهواة التي تعود لعام 567م وترمز إلى القديس سيرجيوس، وتتحدث عن البعث والقيامة ويتوسطها في الأعلى نسر يفرد جناحيه كرمز لذلك القديس، وثمة لوحة مشابهة لها موجودة في متحف استنبول تحمل ذات المعنى.

إضافة إلى الفينيق حيث يرمز رأسه إلى الشمس وموطنه الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية، وقد عرف في المدونات الصينية والهندية، ثم انتقل إلى اليونان وأصبح شعاراً للدولة الرومانية، وكان قبل ذلك شعاراً لدولة الآراميين ودولة تدمر فهذا هوالنسر السوري المجنح الذي يهاجر في رحلة دورية كل 500 عام فيضع بيضته ليخرج من رمادها فينيق آخر يعود إلى الربع الخالي. وفي اللوحة عدد من الحيوانات المنقرضة، لكن الفنان لم يتخيلها بل رآها في المنطقة (الفيل- النعام- السباع- الفهود- وحيد القرن) إذ كانت معروفة في البيئة السورية فقد ذكرت المصادر التاريخية أن تحوتمس الثالث جاء إلى منطقة قلعة المضيق- أفاميا وقد قتل فيلاً، ويتابع غازي علولو رئيس آثار المعرة قوله: قتلت آخر لبوة في سورية في منطقة أم جمال عام 1955م وقتلت آخر نعامة عام 1944م كما تذكر المصادر الحديثة هذا إضافة لوجود لوحة أم حارتين وفيها عمود يمثل عمود سمعان العمودي وحوله ثوران متناظرانوطيور وطاووس يرمزان للخلود في الدين المسيحي.

الجناح الثالث:

في هذا الجناح عدّة لوحات أهمها لوحة كفرطاب والتي عثر عليها في قرية تحمل ذات الاسم وتقع غرب خان شيخون على بعد 3كم وقد دمر ذلك المكان نتيجة الزلازل كما دمرت في نفس الفترة نتيجة تلك الزلازل كل من أفاميا وشيزر ومازالت بيوتها الطينية تحت الأنقاض، وفي عام 1999م علمنا بوجود تلك اللوحة فنقلناها إلى هذا المتحف وهي تظهر سبعاً يطارد وعلاً ذا قرون متشعبة وتتميز بإطاراتها المرصوفة بنبات الأكانتس (أرضي شوكي) إضافة للوحة تلعاو التي تبلغ مساحتها 200م مربع وهي موثقة بكتابات قديمة تعود لعام 438م.

الجناح الرابع:

وأهم محتوياته لوحة هرقل الجميلة والتي تعود إلى القرن الثاني الميلادي أي إلى الفترة الرومانية وتتميز بكعوبها الدقيقة والمتناسقة وبألوانها الرائعة وتحكي قصة تأسيس الامبراطورية اليونانية وكيف رأى زيوس- رب الأرباب ((الكيميني)) زوجة انفتريون- وهو رجل من مدينة طيبة اليونانيةـ فاتصل بها وحملت بعدها بطفلين.

وفي اللوحة مايحكي ولادة هرقل ثم تحكي في سبعة أجزاء عن بطولاته ومطارداته الاسطورية وهو الذي وضع عمودين على مدخل البحر المتوسط من الجهة الغربية وأصبح سيد المنطقة ومؤسس للدولة اليونانية.