ظلت القبب الطينية ولسنوات طويلة المسكن المثالي لسكان الأرياف، فالمواد الأولية المستخدمة في البناء والتي اقتصرت على التراب والماء والتبن رخيصة ومتوافرة في تلك التجمعات التي كانت تعاني الفقر والحاجة، كما أن مميزات هذا المسكن الطيني ساهمت في التخفيف عن كاهل الأهالي في تحمل مصاريف التدفئة شتاء والتبريد صيفاً.

وأثناء جولة لموقع eIdleb في قرية "الصرمان" الواقعة شرق مدينة "معرة النعمان" بـ 15 كم لفت نظرنا وجود عدد كبير من القبب الطينية في القرية، حيث حدثنا الأستاذ "عبد الحكيم ضبعان" أحد أبناء القرية عن تلك القبب بالقول: «يوجد في القرية أكثر من 60 قبة طينية مازالت قائمة حتى اليوم، وهي قديمة من قدم القرية حيث إن الأهالي مع بداية قدومهم إلى هنا بنوا تلك القبب وسكنوها، وكان يستخدم في بنائها مادة "الطوب" (الطين المقوى) التي يتم تقطيعها وفق قوالب من خشب ومن ثم يتم بناؤها بشكل هرمي لكيلا تتجمع فوقها المياه والثلوج في فصل الشتاء، وعندما كان الأهالي يسكنون القبة كانوا في كل عام قبل حلول فصل الشتاء يقومون بـ "تطيين" القبة من الخارج باستخدام التراب المجبول مع التبن، وذلك لتقوية جدران القبة ضد الأمطار والعوامل الجوية التي تسود في فصل الشتاء، وعندما يتم مزج الطين بالتبن فإنه يكتسب صلابة ومتانة، وكانت نساء القرية تتعاون فيما بينها في عمارة قبب القرية وتطيينها حيث تتوزع نساء والفتيات على القبب بشكل مجموعات بحيث تتكون كل مجموعة من ثماني نسوة، وتقريباً من أواخر سبعينيات القرن الماضي انتقل الأهل للسكن في البيوت الحديثة وهجروا هذه القبب الطينية التي اقتصر استخدامها اليوم كحظائر للماشية ومخازن لحفظ المحصول والتبن الأعلاف والحطب».

يوجد في القرية أكثر من 60 قبة طينية مازالت قائمة حتى اليوم، وهي قديمة من قدم القرية حيث إن الأهالي مع بداية قدومهم إلى هنا بنوا تلك القبب وسكنوها، وكان يستخدم في بنائها مادة "الطوب" (الطين المقوى) التي يتم تقطيعها وفق قوالب من خشب ومن ثم يتم بناؤها بشكل هرمي لكيلا تتجمع فوقها المياه والثلوج في فصل الشتاء، وعندما كان الأهالي يسكنون القبة كانوا في كل عام قبل حلول فصل الشتاء يقومون بـ "تطيين" القبة من الخارج باستخدام التراب المجبول مع التبن، وذلك لتقوية جدران القبة ضد الأمطار والعوامل الجوية التي تسود في فصل الشتاء، وعندما يتم مزج الطين بالتبن فإنه يكتسب صلابة ومتانة، وكانت نساء القرية تتعاون فيما بينها في عمارة قبب القرية وتطيينها حيث تتوزع نساء والفتيات على القبب بشكل مجموعات بحيث تتكون كل مجموعة من ثماني نسوة، وتقريباً من أواخر سبعينيات القرن الماضي انتقل الأهل للسكن في البيوت الحديثة وهجروا هذه القبب الطينية التي اقتصر استخدامها اليوم كحظائر للماشية ومخازن لحفظ المحصول والتبن الأعلاف والحطب

ويضيف "عبد الحكيم ضبعان": «على رأس القبة يتم وضع حجر متطاول يسمى "الطنطور" وهو دلالة على نهاية الشكل الهرمي للقبة ويشكل رابط لبنائها الهرمي، وعلى أطراف القبة كانت توضع حجارة على شكل "مداسات" تستخدم للتسلق على القبة عند بنائها وتطيينها، وتتميز القبة الطينية بأنها مكيف طبيعي حيث تجدها باردة صيفاً ودافئة شتاء وهي صفة جعلت منها مسكناً محبباً وشائعا في كافة المناطق الريفية قديماً، وأحد أقربائي مازال يسكن في القبة الطينية حتى اليوم، وعندما أزوره في أيام الصيف ألاحظ بأن القبة باردة دون مروحة وفي الشتاء تكون دافئة حيث لا يتكلف إلا باستهلاك كميات قليلة من المازوت أو الحطب للتدفئة، وتكون القبة من الداخل مطلية بمادة "الحوارة" وذلك لإكسابها اللون الأبيض، ولبناء القبة طراز معين حيث يكون على شكل مربع بارتفاع حوالي متر ونصف ومن ثم تبدأ القبة تأخذ شكلا هرميا حتى تنتهي بـ "الطنطور"، وكان الأهالي في الماضي يتفاخرون فيما بينهم من حيث ارتفاع القبة وكان ارتفاعها دليلا على المكانة الاجتماعية لصاحبها، فالقبة التي ورائي كانت منزلا لجد خالي والذي كان كبير عائلة "ضبعان" لذلك تلاحظ بأنها تتميز بالارتفاع مقارنة بالقبب الأخرى المجاورة».

القبب الطينية في قرية الصرمان

الحاجة "أمينة المحمد" واحدة من أبرز السيدات اللواتي كنا يقمن بعمارة القبة الطينية أيام الصبا تحدثت عن مراحل بناء القبة بالقول: «القبب الطينية نوعان: "قبب ديران" و"قبب لبن"، "قبب الديران" يستخدم في بنائها قطع طينية كروية، حيث يتم مزج الطين بالماء والتبن ومن ثم يتم تشكيل المزيج على شكل كرات تترك تحت أشعة الشمس حتى تجف لنقوم بعد ذلك بعمارتها على القبة، أما "قبب اللبن" فتبنى من قطع الطين مستطيلة الشكل، حيث أيضاً يتم مزج الطين بالماء والتبن ومن ثم يشكل على هيئة قطع طينية مستطيلة باستخدام قوالب خشبية بطول 40 سم وعرض 20 سم، وثم وضعها تحت أشعة الشمس حتى تجف، وكانت القبة تنتهي بـ "الطنطور" الذي يستخدم في تثبيت الحبل عندما نريد الصعود على القبة بغية ترميمها في السنوات التالية، بعد الانتهاء من بناء القبة نقوم "بتطيينها" من الداخل والخارج بغية تسوية السطح الداخلي والخارجي لها وتحسين منظرها، وبحسب حجم القبة تختلف عدد القطع الطينية المستخدمة في بنائها ومدة بنائها، فكانت بعض القبب تستهلك حوالي 800 قطعة ويستغرق بناؤها حوالي ثلاثة أيام بمساعدة عدد من نساء القرية، وهناك أمران لهما تأثير إيجابي على متانة القبة: الأول رصف اللبنات الطينية بشكل جيد ومتماسك أثناء البناء، والأمر الثاني أن تكون نسبة التبن ضمن المزيج الطيني جيدة (تقريبا الربع) لكي تكسب القطع الطينية متانة وقساوة».

عبد الحكيم ضبعان
مشهد آخر لقبب القرية