لمحل الحاج "توفيق الصيادي" الواقع في أحد زوايا سوق "التجار" في مدينة "معرة النعمان"، حكاية طويلة مع مهنة العطارة تزيد عن النصف قرن، حيث يعتبر هذا المحل أقدم محلات العطارة التي مازالت محافظة على هذه المهنة في مدينة "المعرة" حتى اليوم، الأمر الذي جعل من هذا المحل الصغير يحظى بشهرة كبيرة في كل أرجاء منطقة "المعرة"، فأثناء دخولك سوق "التجار" من ناحية شاعر "أبي العلاء" يلفت انتباهك ازدحام على باب أحد المحلات الصغيرة المختبئة في تلك الزاوية، تقترب من باب المحل وتلقي نظرة سريعة على محتوياته فتتفاجأ بأكياس وأواني بلاستيكية وعلب زجاجية تحوي مواد تعرف بعضها ولا تعرف معظمها، فمن "الزهورات" والأعشاب الطبية إلى "زيت الشعر" و"الحناء" و"البيلون" و"بذر الكتان" و"بذر خلة" و"دهن القطن" وغيرها أشياء كثيرة باتت غير معروفة بالنسبة لأبناء جيلنا لكنها عايشت أباءنا وأجدادنا سنوات طويلة.

وعلى باب محل "الشيخ توفيق الصيادي" استوقفنا السيد "عبدو خليل" الذي قال: «أتردد إلى محل "الشيخ توفيق" منذ أكثر من 15 عام حيث تلمس في التعامل معهم مصداقية كبيرة، والجميل أنك عندما تريد شراء عشبة معينة فوراً يقدم لك "أبو توفيق" خبرته ونصحيته حول هذه العشبة، كما أننا نجد ضالتنا في هذا المحل لشراء احتياجات المنزل من بعض المواد كـ"القطرونة والجايفة والنفتلين" وغيرها من المواد التي يصعب إيجادها في المحلات الأخرى».

تتنوع مواد العطارة التي يحتويها المحل بشكل كبير، فهناك "المسكة والأبخرة والجاوري والجايفة والمستكة والغزلة والخلة وزيت الشعر وزيت الخروع والقطرونة والنفتلين والزهورات المتنوعة والبيلون" وكافة المواد التي غرفها الأهالي قديماً

دخلنا المحل وتحدثنا مع صاحب المحل السيد "عبد الرحمن الصيادي" الذي قال لموقع eIdleb: «أعمل في هذا المحل منذ حوالي 25 سنة وهذا المحل هو واحد من أقدم محلات مدينة "المعرة" وأكثرها شهرة، حيث يقصده الزبائن منذ أيام والدي الحاج "توفيق" رحمه الله من مختلف قرى "المعرة"، وقبل خمسين عاماً عندما لم يكن في المدينة صيدلية كان والدي عطار المنطقة، فبنى لنفسه سمعة طيبة في كل المنطقة من صدق التعامل والخبرة الجيدة في هذا المجال، ونحن اليوم حافظنا على هوية المحل التراثية، فما زلنا نهتم بمواد العطارة ونبيع بعض الأعشاب إلى جانب مواد أخرى متنوعة مطلوبة في المنزل، والمحل موجود في هذا السوق منذ أكثر من خمسين سنة، ومع عدم وجود صيدليات سابقاً اهتم المحل بالعطارة حيث نقوم ببيع الأعشاب الطبية ونقوم بتركيب دواء عربي، وكان للوالد خبرة كبيرة في هذا المجال، حيث يركب الدواء بشكل علمي بعيداً عن الشعوذة والتخمين، وبفضل الله كل من زار المحل مرة أصبح زبونا دائما بفضل الثقة والصدق في التعامل، وأنا وأخوتي توارثنا خبرة العطارة عن الوالد رحمه الله، ولكننا نبيع أعشاب فقط ولا نقوم بتركيب وصفات معينة ولا نبيع مثلا أدوية للسكر أو للضغط أو للتنحيف ولكن نحن نلبي رغبة الزبون ببيعه المادة التي يرغبها أي المادة الأولية بدون خلط فنحن نبيع أعشاب طبية وليس أدوية مركبة وأنا دائما أضع الزبون في ضوء الآثار الجانبية لكل عشبة يشتريها من عندي حيث أقدم له شرح كامل عن المادة»

عبد الرحمن صيادي

ويضيف "عبد الرحمن صيادي": «تتنوع مواد العطارة التي يحتويها المحل بشكل كبير، فهناك "المسكة والأبخرة والجاوري والجايفة والمستكة والغزلة والخلة وزيت الشعر وزيت الخروع والقطرونة والنفتلين والزهورات المتنوعة والبيلون" وكافة المواد التي غرفها الأهالي قديماً».

وبخصوص الزبائن الذين يرتادون المحل يقول "الصيادي": «الحمد لله رب العالمين هناك ثقة كبيرة تربطنا بزبائن المحل منذ أيام الوالد رحمه الله وحتى اليوم على الرغم من تعدد محلات العطارة في كل مكان، لكن الخبرة والصدق في التعامل حافظت على زبائن المحل بل هم في تزايد، ولم أبع مرة زبوناً إلا وعاد إليّ مرة أخرى سواء من مدينة "المعرة" أو القرى المحيطة بها، وحتى اليوم يقولون محل "الشيخ توفيق" حيث ما زال أسم الوالد رغم وفاته من أكثر من 38 سنة يطغي على المحل نظرا للسمعة الطيبة التي بناها للمحل في السنوات الماضية».

إحدى زوايا المحل